العدد 3288 - الأربعاء 07 سبتمبر 2011م الموافق 08 شوال 1432هـ

الشتم والتحريض... إلى أين؟

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

إذا اعتقدت جهة أن ترك بذيئي اللسان والشتامين والمتطاولين على مكون رئيس من مكونات الوطن؛ فرصة لتناحر المكونات فيه، وبمثابة استراحة فرجة لها، متغاضية عن الانعكاسات الخطيرة والنتائج التي ستتمخض عن تلك البذاءات والشتائم، وبشكل يومي في منابر إعلامية معروفة؛ فهي مخطئة، وعليها أن تعيد حساباتها؛ إذ لا يمكن وليس من العقل في شيء أن يتفرج الجميع على دعوات التحريض والاستئصال والاقتلاع من دون رادعٍ لمواجهة تلك الممارسات البغيضة والخارجة على الأخلاق والقيم والأعراف.

إذا كانت هناك جدية في احتواء الاحتقان، ودعوات الانتقام، والحيلولة دون قيام أو بروز أو حتى استدراج إلى فتنة أهلية، وإذا كانت هناك جدية في حفظ قيمة وثقل ودور المكونات في الوطن؛ يجب الآن وليس غداً وضع حد لكل هذا الاستفزاز والتطاول والبذاءات والشتائم من قبل مجموعة من الأقلام المريضة والمفتقرة إلى أدنى معايير الكتابة وأخلاقياتها؛ عدا افتقارها وانحسار إنسانيتها بممارساتها الفظة وتلفظها اليومي البذيء عبر أعمدة هي بمثابة قنابل موقوتة.

حال التشفي والتحريض على مكون رئيس بمجموعه، وفي موقف معمم لم يوفر مفردة أو توصيفاً أو طعناً أو تخويناً إلا تم إلصاقه به لا تبرير له. هل هي محاولة للتهجير والاقتلاع؟ ذلك أمر ملامسة النجوم أهون منه.

بات من السهل إدراك أن هامش الحرية لم يعد متاحاً مثل ذي قبل للرد على تلك البذاءات والخلاعات؛ وبمعايير أخلاقية ومهنية ومنطقية. لم يعد متاحاً إلا للشتامين وما تنضح به نفوسهم؛ فلو أن كاتباً انبرى للدفاع والرد فلن يطلع عليه صبح؛ مادامت بعض تلك المنابر والأقلام تقوم، بحق أو من دون حق، بدور محاكم التفتيش التي تحدثت عنها القرون الوسطى، في إعداد تقاريرها وبياناتها وصورها؛ بغض النظر عن صحتها أو فبركتها. ولو أن كاتباً انبرى للرد على بعض تلك البذاءات والخلاعات؛ فلن تقف بعض الجهات متفرجة على ذلك، وبقدرة قادر سترى القانون مفعَّلاً؛ لكن ذلك العنوان لا ترى أثراً له وتراه غائباً أو مغيباً حين يتم التطاول واستهداف وشتم والتحريض على استئصال واقتلاع مكون آخر. تلك هي القسمة الضيزى عينها؛ ولا أوطان في الدنيا يمكن لها أن تستقر وتعمر بمثل تلك القسمة.

ونحن في العام 2011، يكتفي البعض بالفرجة على مصدر تطاولاتٍ ضد أحد مكونات المجتمع، وتثور ثائرة هذا البعض وتعود إليه لياقته حين ينبري أحد بالدعوة إلى وضع حد لحال التعميم في الافتراء والكذب وإشاعة الأوهام وإيغار الصدور ونسف كل قيمة جامعة.

ولا يحاولنَّ أحد امتحان شيء من ذكائنا حين يلوِّح لنا بلافتة الحق في حرية التعبير، التي تعاني هي الأخرى من الفرز والمزاج في إطلاقها أو الحجر عليها. المزاج والفرز لا يصنعان أمماً محترمة لنفسها، ومن ثم، في النتيجة، محترمة لإنسانها بغض النظر عن لونه ومذهبه ودينه.

استمرار هذا السعار والانهيار العصبي اليومي مكانه مراكز الطب النفسي والعقلي؛ وليس مساحات رأي تسلم لموتورين يعانون من تصحر أخلاقي وعاطفي أيضاً، يعيثون تمزيقاً وتفكيكاً للحمة المجتمع؛ جلهم ممن لا يحيا إلا في ربيع الأزمات، ووعيهم ينبع من شحن مسبق واستعداد لا جهد فيه إلا إلغاء الآخر ومحوه.

لن نتحدث عن جهات تابعة تركت الحبل على الغارب؛ بل كانت عنصراً فاعلاً في هذا الشحن المرضي؛ بنصية كتاباتها الصارخة والجارحة، ولن نتكلم عن مواقع؛ فتلت تلك الجهة عضلاتها ضدها في مجازر طالت مئات المواقع والمدونات حجباً وفي اتجاه واحد، متغاضية عن مئات المواقع التي تكفّر وتدعو إلى التصفية، وأصبح زادها ومعادها وتقربها إلى الله في الشتم والتحريض والدعوات إلى استئصال فئة بعينها وعلى مرأى ومسمع الجميع.

ارحموا الأجيال المقبلة من هذا السعار الطائفي البغيض الذي لن يحصد أحد منه هناء، وإذا كان البعض مصرّاً على أن المطالبات التي أنتجت التحول في البلاد باتجاه هذه الممارسات والتجاوزات، كانت طائفية، فهل ما نشهده من تلك الممارسات مهرجاناً سنويّاً للحب مثلاً؟ أم مهرجاناً لاستعراض غل موتور لغله ومتمصلح لمصلحته وفاشل لفشله؟ ثم هل تعبر تلك الأقلام عن مواضع نزاهة وقيمة كي توزع التُّهم جزافا ذات اليمين وذات الشمال بغض النظر عمن وراءها؟ الى أين يتجه الشتم والتحريض الممنهج؟

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 3288 - الأربعاء 07 سبتمبر 2011م الموافق 08 شوال 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 40 | 6:08 م

      شكرا

      شكرا لكاتب المقال

    • زائر 37 | 1:06 م

      سلمت يمناك

      صح لسانك وياريت الكتاب المعروفين بالسب والتهجم على طائفة بأكملها كلهم بحرينين اكثرهم دخيلين ويبثون سمومهم واحقادهم على البحرينين في الاصل 

    • زائر 35 | 10:12 ص

      كل اناء بالذى فيه ينطحو

      تمر البحرين بايام عصيبةنظرا للاحداث منذ 14 فبراير 2011 وبسبب كتاب الاعمدة وبعض مقدمى البرامج التليفزيونيةالذين تتكرر وجوهم على قناة البحرين الذين
      وصف خطابهم الاعلامى وكتابتهم الصحافية بالكثير من
      الشتم والتحريض والتخوين والاصطفاف ونشر الكراهية
      بين أفراد المجتمع فى بلادنا الحبيبة.
      ولكن ستبدى لك الايام وتظهر الحقيقة للجميع.

    • زائر 33 | 7:49 ص

      18

      لا يا اخى من قال لك فقط كتاب الوسط هم الذين يعرفون الكتابه .رجاء - فى البحرين كتاب من اروع مايكون هذا ظلم فى حق الكتاب الاخرين ويجب ان تكون منصق بحق الاخرين ولا اريد ان اعددهم لك . ارجو ان تعيد حساباتك
      حرام عليك يا أخى . الظاهر أنت ما تقراء الا جريدة والوسط وبس .

    • زائر 32 | 7:30 ص

      يا جبل ميهزك ريح

      لن يحركوا من جسمي شعره هؤلاء الشتامين اصبحوا مادة للضحك اذا كانوا يعتقدون بانهم سيزرعون الفتنه ويشعلوا حرب اهليه فهم واهمون فشعب البحرين محصن من هذي الطائفيه بكل اطيافه

    • زائر 30 | 6:36 ص

      مقال رائع

      هؤلاء من (ينبحون) خارج السرب وعتبي على من يضيع ثواني من وقته للرد عليهم في وسائل التواصل الاجتماعية الالكترونية.

    • زائر 29 | 6:23 ص

      المصلي

      هؤلاء مهندسي التفرقة فشلوا وسيفشلون لاحقا انشاء الله امام هذا الوعي الوطني لهذا الشعب الأبي وستتحطم جباههم القدرة النتنه على متانة الجذور المتئصلة لمتانة اللحمة الوطنيه وسيخرج الوطن بأبنائه المخلصين من جميع الطوائف من هذه المحنه اشد عودا واقوى صمودا امام هؤلاء النكرة المئزومين والمبتلين بأحقاد في واقع الأمر جاهلية تخدم اكثر ما تخدم انفسهم الخسيسة ومصالحهم الآنية وهم في واقع الأمر يتباكون على الوطن وفي الوقت نفسه يذبحون الوطن بخناجر مسمومة بأحقادهم ونفسهم الطائفي الحاقد ...

    • زائر 28 | 5:55 ص

      إذا مشت معك اليوم لن تمشي معك دوم

      الغريب أنهم يتكلمون بإسم الدين وأنا أتسائل هل مايقومون به من سب وشتم يرضي رسول الله صلى الله عليه وآله وأن من يقومون بسبهم يومياً أليسو مسلمون ؟
      لا حول الله من هكذا أقلام مريضة معفنة معشش بها الفساد

    • زائر 27 | 5:41 ص

      منصف

      شكراً لكم، إن مثل هذه الوقفات يجب أن تكون في كل منابر ومواقع الإعلام المسلم الغيور على دينه قبل كل شيء، وإذا لم يكن لهم دين فليتعظوا من غيرهم لأن مثل ما يقولون اليوم في بيت جارك بكرة في بيتك.
      شكراً يا وسط لأنك دائم محضر خير ودائم مبادرة وبادئة بالسلام، حريصة على واجباتك اتجاه وطنك وشعبك.

    • زائر 26 | 5:30 ص

      مقال لا يكتبه إلا المثقفون مثلك استاذ جعفر

      الله يحفظك يا استاذ جعفر . . مو غريبة عليك هالمقالات ،قوية. لامة للشمل. . . شكراً لك

    • زائر 23 | 3:54 ص

      الاستاذ جعفر الجمري المثل يقول ماعلى السحاب من نبيح

      الاستاذ العزيز جعفر الجمري.اخي الكريم تعليقا على مقالك...اولا انت وجميع الاخوان كتاب جريدة الوسط مثقفون ومتعلمون وتحملون شهادات عليا..لايملكها الاخرون كتاب الاعمده في الجرائد الاخري...واتحدى في هذا الامر...ثانيا:امثل هؤلاء يتغنون ويسترزقون من هذه المقالات حيث انهم كتاب غير معروفين لا في البحرين ولا خارجها وهناك مثل معروف يقول خالف تعرف...اتحدى ان كانو يفقهون مايكتبون..فنحن لانعير امثال هؤلاء اي اهميه لاننا في الاصل لانقرا مايكتبون..اخي جعفر خليهم يستانسون ويصدقو انفسهم..يوم لاينفع مالا ولابنون

    • زائر 22 | 3:40 ص

      الحقد

      تحية للكاتب على هذا المقال الرائع،،وأقول إن هذه الأحقاد لا تغير من الحق شئ.....فهم لا يظهرون بأقلامهم غير ما هو موجود في صدورهم من غل وحقد

    • زائر 21 | 3:27 ص

      الفعل والنتيجة

      نحن نرى عمليات الفصل والتهميش والتمييز ضد المكون الاساسي في هذا البلد ونتساءل هل هذه العمليات نتيجة للاسفاف والشحن الطائفي الذي تمارسه وسائل الاعلام بتشجيع من الحكومة ام ان هذا الخطاب المقيت ما هو الا تغطية لما يحدث؟؟؟؟

    • زائر 20 | 3:19 ص

      هل تظن أن هذا يحدث صدفةً؟

      هو يحدث بتوجيه وتخطيط وهولاء الكويتبة حتى لا يحسنون كتابة المقال ببنية أدبية ولغوية سليمة. هم يعلمون أنهم مخطئون وسبابون وشتامون ولا يعرضون فيما يكتبون لا حجةً ولا منطقا. وهم في ذلك كالعاهرة لو القيت عليها مواعظ الشرف صبحاً ومساءً ما تابت لأنها ببساطة فقدت ما لايرجع.

    • زائر 19 | 3:09 ص

      الستري

      الاسترزاق انواع منها بالحلال ومنها بالحرام
      والكاتب المأجور لا يقل عقابه عن عقاب فاعل الفاحشة ، فدعوهم يذهبون الى مزابل التاريخ

    • زائر 18 | 3:04 ص

      ارجع للوراء قليلاً

      من ابتداء نحنا ام هم كلامك جميل وعلى العين والرأس عندما كنا نحن نطالب يأيقاف من تعدى علينا قلنا او قال بعضنا انها حرية الكلمة والديمقراطية والان ماذا.

    • زائر 17 | 2:58 ص

      للباطل جولة وللحق دولة...

      هذه الاساليب الجاهلية سوف تكون في مزابل التأريخ نحن لسنا في القرون الوسطى نحن في العصر الحديث عصر السرعة و الارقام وليس للغة البذيئه محل. مسئلة وقت وسيحق الحق كل فرد مسؤول عن موقفه فليوم ان لم يحاسب نفسه على ما يقول ويعمل سيأتي اليوم الذي يوقف فيه ويحاسب على رؤوس الاشهاد فحرمة اي انسان مسلم كبيرة عند الله، فمابالك بمجتمع بأسره يساء اليه؟!

    • زائر 16 | 2:51 ص

      الشتم

      اللسان الطويل دليل اليد القصيرة

    • زائر 14 | 2:37 ص

      زمن الافلاس

      لمن تخط ولمن تقرأ
      صدأت القلوب
      وضاعت الدروب
      وكثرت الذنوب

      نتمنى من القلوب المريضة أن تتعافى من غلفة الإصرار على الشتم والبغض والقذف

      إما أخ لك في الدين أو نظيرا لك في الخلق

    • زائر 13 | 2:25 ص

      البحرين تفتخر بعكذا اقلام شريفة

      القلب يتهلل فرحا حينما يقرأ دعوات صريحه الى تماسك اللحمه الوطنيه , وعندما يقرأ مقالات تدعو الى الوحدة ولم الصف والابتعاد عن التفرقه . البحرين وكل احرار العالم يفتخرون بهكذا اقلام شريفه , لا تعرف الا ما ينفع الناس .

    • زائر 12 | 1:46 ص

      الحقيقة

      ان هذه الالقاب اسم على مسمى

    • زائر 11 | 1:14 ص

      احسنت و جزاك الله خير

      اتسائل دائما هل هؤلاء مسلمون حقا ؟ وهل ينتمون الى الاسلام بصلة لانه دين الاخوة والمحبة والوحدة في الامة. والجواب اراه واضحا من خلال كتاباتهم مفضوحين من الله . اللهم اوقعهم في شر اعمالهم واحرقهم بنار فتنتهم و خلص الامة من شرهم يا قادر يا كريم.

    • زائر 9 | 12:39 ص

      أثلجت الصدور وأفحمت المتصيحفين

      ثم هل تعبر تلك الأقلام عن مواضع نزاهة وقيمة كي توزع التُّهم جزافا ذات اليمين وذات الشمال بغض النظر عمن وراءها؟

      سوأل وجيه ،، اجابته بالنظر الى وجوه وسلوك أولئك النفر البذيء ينبئك عن الأجابة .

    • زائر 8 | 12:38 ص

      هم فى نار جهنم

      فى هذا الزمن الشتم له قيمه ماديه عظيمه و لذا هؤلاء ليست إلا مجموعه من بياعى الشتم . معروفون و تأتى اليوم الذى تسود وجههم إن كان لهم وجه.

    • زائر 5 | 12:22 ص

      شكرا لك

      ما تقول للمفلسين الذين لا منطق لهم سوى ما ذكرت مشكورا في عمودك .. أعتقد أنهم بعد قراءتهعم لمقالك ممقال الدكتور منصور قبل أيام عليهم أن يغطوا وجوههم خجلا من ما اقترفت أيديهم ,, ولا ننسى أن المكر السيء لا يحيق إلا بأهله

    • زائر 4 | 12:10 ص

      سترااااااااااوى

      ان الاقلام الماجوره التى تنفخ فى بوق الطائفية العمياء فهى سيف مسلط على تمزيق الوطن اولا وخنجرا يقطع فى اوصال المواطنين بجميع اطيافهم ثانيا،فيجب على المسؤولين فى الوطن ان يوقفو هؤلاء الموتورين عند حدهم قبل ان يستفحل امرهم ويزقو نسيج الوطن الواحد ويجعلو اهله شيعا..ونيال الله ان يوفق اهل البحرين لما فيه الخير والصلاح والاصلاح.

    • زائر 3 | 10:50 م

      لم يعد لدينا تقيّد بأوامر ديننا

      الكلمة الطيبة صدقة-وجادلهم بالتي أحسن- والتحذير من الفتن وتصنيفها بأنها أشد وأكبر من القتل وأمور كثيرة ابتعدنا عنها وتبعنا أهواءنا في التعامل مع بعضنا البعض همنا الدنيا أما الدين والآخرة والأخلاق الفاضلة نبذناها وصرنا نرمي بعضنا البعض بشتى أنواع الشتم والسب والقذف من أجل اختلاف في وجهات النظر
      يجب أن نعرف كيف ندير اختلافاتنا في الآراء وأن لا نجعل من هذه الإختلافات سبب للتناحر
      الإختلافات سنة جبل الإنسان عليها وليس الخلافات
      ومن يعرف كيف يدير اختلافاته مع الآخرين يصل إلى مبتغاه

    • زائر 2 | 10:48 م

      أحسنت

      أشكر الوسط .. ,أشكر الكاتب المحترم
      كما أرجو أن تظهر الوسط كما عهدناها دائما الصوت المجمّع والداعي إلى الوحدة وتشجع على لمّ الشمل عن طريق إقامة ندوة في الوسط حول برامج عملية لشخصيات اجتماعية من الطائفتين الكريمتين، أُسَر تمثل الانداج بينهما.. وغيرها من الأفكار في هذا الاتجاه

اقرأ ايضاً