العدد 3298 - السبت 17 سبتمبر 2011م الموافق 19 شوال 1432هـ

موجة التنقيلات الطارئة في «التربية»

عبدالله الميرزا abdulla.almeerza [at] alwasatnews.com

في غمرة الانشغال بالجدل الدائر هذه الأيام حول تثبيت متطوعي الأحداث الأخيرة في مناصب تعليمية (وأخرى كثيرة) مهمة، وأثر ذلك على مستقبل جودة التعليم في البحرين، حدثت وتحدث موجة تنقيلات مكوكية في عدد كبير من المدارس، طالت مجموعات ليست قليلة من كوادر التعليم. وفيما تبدو الظاهرة في جزء منها حركة طبيعية تقوم بها الوزارة مطلع كل عام دراسي، إلا أن اللافت هذه المرة ازدياد عدد المنقولين بصورة غير عادية وغموض أسباب النقل في مجمل ما يدور.

يعرف منتسبو سلك التعليم أنه حتى السنة الماضية (2010 – 2011) كانت التنقيلات التي تحدث مع مطلع العام الدراسي تأتي عادة إما بطلب من المعلمين لأسباب خاصة كبعد مسافة المدرسة عن منطقة السكن مثلاً أو لمشكلات إدارية، كما يتم التدوير بهدف التطعيم ونقل الخبرات أحياناً، وللعقاب والتأديب في أحيان قليلة. غير أن غالبية عمليات التنقيل التي جرت هذا العام لم تجد لها مبرراً من بين تلك الأسباب بشكل واضح وصريح.

وفي حين كان من المتعارف عند المعلمين القدامى منذ الثمانينيات ومطلع التسعينيات (فترة الوزير السابق علي محمد فخرو) أن التنقيل يتم غالباً باستشارة المعلمين أنفسهم أولاً، تفاجأ هذه المرة عدد كبير من المعلمين، الذين طلبوا النقل إلى شواغر معلومة في مدارس محددة تناسب أوضاعهم، بزجّهم في مدارس أخرى لا تناسب ميولاتهم، وهو ما يؤثر بلاشك على مستوى الأداء، وخصوصاً أن الوزارة لم تبين سبباً وجيهاً لهذا النقل الغامض. والأغرب أن عدداً من الكوادر المشهود لها لم تطلب النقل، ولكنها أجبرت في وقت حرج على قبول الانتقال إلى مدرسة أخرى من دون حتى معرفة رأيها ومدى تقبلها للأمر.

يقول عدد من منتسبي التعليم إن هذه الظاهرة لم تحدث إلا خلال أحداث التسعينيات، وحملت عدة دلالات يشرحها الوضع القائم آنذاك، ولكن ما يميز المسألة هذه المرة أن الوضع أكثر حساسية من ذي قبل، فمشاهد لجان التحقيق المفتوحة على مصراعيها في وزارة التربية والتعليم، كما غيرها، مازالت ماثلة أمام أعين الموظفين الذين نالهم ما نالهم من جزاءات التوقيف والفصل والاعتقال على الظنة والوشاية.

يخشى معلمون من أن ما جرى ويجري ربما يكون بغرض «التشفـِّي» على حد تعبير بعضهم، ويبررون هذا التصور بأن هناك كفاءات مشهوداً لها في مدرستها نالتها التنقيلات ليس نتيجة تغيب أو إهمال أو مخالفات إدارية، وبعضهم لم تستجوبهم لجان التحقيق أو التأديب أصلاً، ولكن بدا الأمر وكأنه تدارك لمن فاته عقاب اللجان مبسوطة اليد التي يبدو أن مهماتها «الانتقامية» لم تنتهِ بعد.

وظهرت ملامح العقاب بإرجاع بعض المتخصصين الأكفاء، مثل اختصاصيي المناهج أو المشرفين التربويين أو رؤساء المدارس أو رؤساء الأقسام المتميزين، إلى وظائفهم السابقة الأدنى رتبة، بعدما تمت ترقيتهم سابقاً، ليحل محلهم آخرون إما ليسوا أهلاً لها وإما أقل كفاءة بكثير من سابقيهم، حتى أن بعض المدرسين الذين تمت ترقيتهم إلى وظيفة مشرفين تربويين تم إرجاعهم إلى مدارسهم مجدداً لتولي مهمة التدريس، بحجة نقص الكادر التعليمي في المدارس، والواقع هو إلغاء ترقيتهم. وهم يتساءلون: لو كان النقص فلماذا إذاً يستمر جلب مئات المعلمين العرب؟

ما كانت أوامر تثبيت المتطوعين، على حساب إقصاء إخوتهم في الدين والوطن والإنسانية، إلا القشة القاصمة، فتثبيت من ليس مختصاً تربوياً وليس مؤهلاً علمياً، مهما كانت مبرراته، لا يتماشى بطبيعة الحال مع أهداف هيئة ضمان جودة التعليم والتدريب، ولا مع رؤية 2030 وبرامج مدارس المستقبل وتجويد التعليم. ومن يقبل من أولياء الأمور تحاملاً على نفسه اليوم بمعلم متطوع غير مؤهل لتعليم ابنه لن يسكت غداً إذا رأى مستقبل ابنه معرّضاً للضياع، وسيكون أول الواقفين في وجه هذه السياسة المشوّشة.

الآثار التي بدأ يجنيها الطلبة واضحة، ولنسأل الكثير من أولياء الأمور الذين باتوا يشكون من المدارس التي تكدس فيها المدرسون الأجانب الذين جلبوا على حين غرّة، ما يستدعي بعضهم لنقل أبنائهم إلى مدارس أخرى حتى لو كانت بعيدة. بطالة مقنعة تلك التي نراها في مدارسنا اليوم، زيادة الموظفين وحشو الوزارة بغير المؤهلين والقضاء على فرص المعلمين المحليين وإحلال الأجانب على حساب الأجيال التي لن تستثنى منها فئة، وهذا ما يتعارض مع خطة «أيام التمدرس»، إذ إن الوزارة أوصلتها الى نحو 160 يوماً، وتريد إيصالها الى 180 يوماً كما في الدول المتقدمة كاليابان، فهل هي بالكم أم بالكيف؟

المدرسة خالية من المعلمين الذين أوقفوا، والمعلم الموجود غير كفوء، وبالتالي تزداد الأيام من دون إنتاج. أليس هناك أكثر من ألفي عاطلة في التخصصات الإنسانية منذ 2006 فقط (جغرافيا تطبيقية، خدمة اجتماعية، فنون جميلة، تكنولوجيا التعليم، نظام الفصل، التاريخ...)؟ ألا تستحق هؤلاء الخريجات المواطنات إعادة تأهيل لتغطية هذا النقص؟ الأمر سيبقى يحيلنا إلى المربع الأول في قضية العاطلين الجامعيين كلما حاولت الوزارة نسيان ذلك أو تناسيه

إقرأ أيضا لـ "عبدالله الميرزا"

العدد 3298 - السبت 17 سبتمبر 2011م الموافق 19 شوال 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 11 | 11:04 ص

      متطوع

      انا متطوع و حصلت على الوطيفه اخيرا و احمل درجة بي اس في المحاسبه و خبره عمليه من خلال عملي في البنوك لمدة 9 سنوات، و الآن مدرس مواد تجاريه، ادرس الطلاب ما تعلمته من خلال دراستي و خبرتي، و كل زملائي من حملة الشهادات الجامعيه، من أين اتيتم ان المتطوعين خريجين ثانويه؟؟ المتطوعين جامعين عانوا من البطاله لسنين طويله حتى حصلوا على الوطيفة الآن ،، كنا ندرس الطلاب حين كان من كان يمتنع عن التدريس و يفضل الذهاب الى الدوار عوضا عن ذلك ،،، و اليوم حصلنا جزاء صبرنا

    • زائر 10 | 8:36 ص

      الزمن الحقير

      اضحكني مديري في مدرستي الابتدائية حين قال لي قبل يومين ان لجنة الجودة قادمة خلال هذا الشهر من أجل تقييم المدرسة ، فتسآئلت حينها ، ان كنا نحن والذين نملك الخبرة ونحمل شهادات عليا من جامعات خارجية ومحلية عجزنا ان نحقق مستوى الجيد ، فكيف للمتطوعين ان يصلوا مرتبية المرضي .. انها مسخرة الزمن

    • زائر 9 | 7:53 ص

      يولد الميرزا

      من قاعد يهتم بلمستوى اهم شيء رزو اللي يبونه ومجبوره الوزاره تدفع رواتب رغم انفها بلتي هي احسن حتى اذا رجعوا الموقوفين وصراحه اذا هم اعيال الديره مو مهم اي شيء نفرح ان اتوظفوا وعندهم مصدر رزق اعيشون منه دام هم اولاد الوطن بس اذا فيهم احد لاينتمي لاهل البديع او الزلاق واسمه مجهول عند شياب الرفاع والمحرق يعني ياي من جزر الواقواق وما يبحرنه الا الجواز الحمر حرام عليه الوظيفه وكل خيرات ارضنا بعد واذا هو اصيل خل يتطوع في ابلاده ويخدمم هله البحرين مستغنيه عن خدماته التطوعيه

    • زائر 8 | 6:57 ص

      واحزناه

      تخنق العبرة من يقرأ مقالك ... لا حول و لا قوة إلا بالله . شكرا لك كاتب المقال الموقر .

    • زائر 6 | 2:25 ص

      نداء

      نداء الى ولي العهد الامين الذي انبرى ليحمل على عاتقه مهمة تحسين مخرجات التعليم في البحرين والوصول بسفينة التربية والتعليم الى مصاف الدول المتقدمة في جودتها ان يلحق التعثر الرهيب الحادث في وزارة التربية والذي يهدد حاضر و مستقبل البحرين وذلك نتيجة سياسات غير مدروسة وعبثية.

    • زائر 5 | 1:39 ص

      خطة التجهيل

      هي خطة لتجهيل فئة معينة لذلك نرى نقل للأكفاء ووضع المتطوعين والأجانب مكانهم في مدارس معينة. كل ذلك ليجهلوا أولادنا فبذلك يكونوا قد نفذوا المخطط بأن الجاهلون ليس لهم مكان في المجتمع لا بعثات ولا منح ولا تدريب ولا مهن وبذلك تجويع وقتل الأماني والأحلم. حسب الله ونعم الوكيل.

    • زائر 4 | 12:58 ص

      نعم انا اضم صوتي لمن يدعوا بوضع المتطوعين في مدارس خاصة

      يذهب لها ابناء من راى في تثبيتهم تطويرا للتعليم.

    • زائر 3 | 12:17 ص

      مجرد اقتراح

      اقتراح منطقي : ما دام هناك من طبلوا لقرار تثبيت المتطوعين في التربية , فلماذا لا يتم تثبيتهم في مدارسهم هم ليعلموا أبناءهم ؟؟ أليس في هذا إرضاء لجميع الأطراف ؟؟

    • زائر 1 | 12:02 ص

      خريجة خدمة إجتماعية عاطلة منذ 7 سنوات

      تسلم أناملك على المقال الرائع ,,,, لكن لا حياة لمن تنادي في هذا البلد

اقرأ ايضاً