ستصبح الهند في وقت قريب أكبر بلد في العالم من حيث عدد السكان، وهي الآن أكبر ديمقراطية في العالم، ولديها اقتصاد يرجح له ان يصبح ثالث اكبر الاقتصادات في العالم خلال عقدين من الزمن، وسيعيد نهوض الهند تشكيل النظام الدولي. لقد قال الرئيس ان الهند ستصبح «إحدى الشراكات المميزة لنا في القرن الواحد والعشرين». ونريدها أيضاً ان تكون إحدى الشراكات المحددة في منطقة آسيا- المحيط الهادئ.

الهند: شراكة متميزة

تملك الهند الآن حضوراً اقتصادياً وثقافياً بارزا في شرق آسيا، وقد بنت شبكة هائلة من الاتفاقيات الاقتصادية والترتيبات الأمنية مع شركاء كاليابان، وكوريا الجنوبية، واستراليا، وسنغافورة، واندونيسيا، وفيتنام. ويتنامى مدى التواصل للهند نحو رؤية شاملة لمنطقة شرق آسيا- أي سياسة «النظر إلى الشرق» والتي أصبحت تتحول إلى سياسة «العمل في الشرق».

ولهذا السبب أطلق بلدانا، في السنة الماضية، حواراً استراتيجياً حول آسيا- المحيط الهادئ لضمان ان أكبر ديمقراطيتين في العالم تسعيان لإقامة استراتيجيات تقوّي إحداهما الأخرى. ونطلق حالياً مشاورات جديدة ثلاثية الأطراف بين الولايات المتحدة، والهند، واليابان بشأن القضايا الإقليمية.

إننا نأمل أن تنضم إلينا الهند في العمل على تقوية المؤسسات الإقليمية الكثيرة في آسيا، بدءاً من قمة شرق آسيا، إلى المنتدى الإقليمي لمجموعة دول جنوب- شرق آسيا حيث تبيع الهند حالياً كميات من السلع تقدّر بحجم الكميات التي تبيعها في الولايات المتحدة تقريبا. وبالتالي سيكون لبنية من التجارة الحرة والاستثمارات التي تربط الهند بجنوب شرق آسيا وبشرق آسيا تأثير كبير على التجارة العالمية والنمو الاقتصادي العالمي.

أن القرن الواحد والعشرين الذي نسعى إليه في منطقة آسيا المحيط الهادئ هو قرن ستنعم فيه الهند، والولايات المتحدة، والصين بعلاقات جيدة. ومهما كانت الاختلافات بيننا، فنحن نعرف انه، مع تقدم سنوات هذا القرن، سيكون عدد يقل أكثر فأكثر من المشاكل العالمية التي تكون قابلة للحل بدون التعاون البناء بين بلداننا الكبرى الثلاث. ولكي أقتطف من كلام مستشار الأمن القومي الهندي، فاني لا أشك أبداً بأن آسيا والعالم كبيران بما فيه الكفاية لثلاثتنا- إذا رغبنا في أن يكونا كذلك.

الأميركتان: استراتيجية متممة

وللكثير من الأسباب ذاتها، وليس أقلها القيم الديمقراطية التي نتشارك فيها، فإننا ننظر أيضاً إلى شركائنا في الأميركتين كمتمم طبيعي لاستراتيجيتنا في المحيط الهادئ في القرن الواحد والعشرين. فلقد أصبحت جميع الدول تقريباً في الأميركتين أسواقاً متنامية وأصبح الكثير منها من كندا إلى التشيلي قوى قائمة في المحيط الهادئ. وتبني حالياً البرازيل، ودول أخرى لا شاطئ لها يطل على المحيط الهادئ، روابط مهمة مع آسيا والهند.

ان شراكاتنا في نصف الكرة الغربي حيوية بالنسبة للولايات المتحدة بحكم وضعها الذاتي. فهي حيوية لانتعاش اقتصادنا وقدرتنا في التنافس، وحيوية لقدرتنا على حل التحديات التي تتخطى الحدود القومية والتي لا تستطيع أي دولة ان تحلها بنفسها، وهي حيوية أيضاً لجهودنا الهادفة إلى تعزيز وتقوية الديمقراطية وحقوق الإنسان عبر أرجاء العالم. وتماماً بينما نبدأ من موقع قوة في آسيا الجديدة فإن روابطنا المتعددة الجوانب مع أصدقائنا الأقرب إلينا توفر لنا التفوق من خلال التشجيع والاستفادة من أميركتين ناميتين ومتكاملتين بصورة متزايدة. ولكن لا نستطيع ان نكون سلبيين. يجب علينا ان نستمر في تقوية روابطنا في نصف الكرة الأرضية بفعالية مع المحافظة على الاحترام المتبادل وكشركاء- وليس كشركاء صغاراً أو شركاء كباراً، بل كشركاء متساويين.

يعرف كل منا النجاح الاقتصادي الذي حققته آسيا. أما قصة نجاح أميركا اللاتينية فإنها معروفة بدرجة أقل، ولكنها ليست أقل أهمية بالنسبة لنا. فخلال السنوات الخمس عشرة الماضية، انضمت 56 مليون عائلة في أميركا اللاتينية إلى صفوف الطبقة الوسطى، وأصبحت تشتري السيارات وهواتف «الآيفون النقالة» الجوالة وتفتح حسابات مصرفية. وهناك تقريباً 275 مليون إنسان في أميركا اللاتينية ومنطقة بحر الكاريبي أصبحوا الآن ضمن الطبقة الوسطى. وذلك يشكل نحو نصف العدد الإجمالي للسكان في تلك المناطق ومن المتوقع ان يصل عددهم إلى 72 في المئة بحلول العام 2030.

وبإمكان اقتصادات أميركا اللاتينية ومنطقة بحر الكاريبي ان تنمو، خلال السنوات الخمس المقبلة، بمقدار الثلث. والبرازيل هي الآن احد أكبر الاقتصادات في العالم وينمو الكثير من الدول المجاورة لها بمعدلات تماثل نموذجياً تلك المتحققة في آسيا. وتشكل أميركا اللاتينية مصدراً رئيسياً للطاقة، وللغذاء والموارد الأخرى التي تغذي الاقتصاد العالمي وستستمر كمورد وكمستهلك للمنتجات المصنّعة، وللتكنولوجيا، وللخدمات.

يدعم جيراننا في الأميركتين فرص العمل هنا في الوطن بالترافق مع تزايد طلبهم المحلي وتنامي استثماراتهم في بلادنا وتزايد سلاسل الإمدادات المتكاملة والتجارة فيما بين الشركات مع الولايات المتحدة. ويساعدنا كل دولار من النمو في نصفنا من الكرة الأرضية أكثر من أي نمو آخر في مناطق أخرى ابعد. كما تبقى نسبة 43 في المئة من صادراتنا في نصفنا من الكرة الأرضية. فنحن نصدر إلى أميركا اللاتينية ثلاثة أضعاف ما نصدره إلى الصين. ونبيع كولومبيا أكثر مما نبيع إلى روسيا. وكان النمو التجاري بين كندا والولايات المتحدة في السنة الماضية ضعف تجارتنا الثنائية بكاملها مع الهند.

ومع إضافة كولومبيا وبناما، أصبح لدينا الآن اتفاقيات للتجارة الحرة تمتد بدون انقطاع من القطب الشمالي إلى مضائق ماجيلان، بضمنها كل دول ساحل المحيط الهادئ تقريباً. وترسخ اتفاقيات التجارة الحرة شراكات إستراتيجية مهمة وتفتح الأبواب أمام المنتجات والخدمات الأميركية، وان 87 في المئة من صادراتنا ضمن المنطقة تذهب إلى شركائنا في اتفاقيات التجارة الحرة. وتلك هي القوة المحركة التي يشكلها الجوار. ويجب علينا تسخيرها للمساعدة في انتعاشنا الاقتصادي. (يتبع)