العدد 3375 - السبت 03 ديسمبر 2011م الموافق 08 محرم 1433هـ

دبي تستثمر أموال الأجانب بصندوق للتقاعد... أول إمارة تقود الخليج «لرفاهية» الوافدين

حمزة عليان comments [at] alwasatnews.com

.

إذا كان هذا الكلام صحيحاً، فأنا أول من سيذهب إلى الإمارات اليوم قبل الغد... هكذا بادر أحد الوافدين العرب الموجودين في الكويت بالإجابة بعد قراءته خبر أن إمارة دبي تعمل على إنشاء صندوق للتقاعد خاص بالوافدين.

رد الفعل هذا يجاريه حالة الارتياح التي ظهرت في دبي وعموم الإمارات الست حيث تدحرجت الأسئلة على مسامع الزملاء العاملين في الصحف سواء في الشارقة أم في أبوظبي من نوع كيف سيتم احتساب المعاش التقاعدي؟ وهل ستبقى إقامة الوافد سارية المفعول بعد التوقف عن العمل؟ وهل سيكون الانتساب لهذا الصندوق إلزامياً أم اختيارياً؟

أسئلة لم يكن أحد يملك الإجابة عنها باعتبار أن ما حصل كان مجرد استشارة من أحد البيوتات المتخصصة إضافة إلى البنك الدولي على أمل أن تتحول إلى مشروع حقيقي ينفذ على الأرض...

قد يكون من المبكر الحكم على المشروع طالما لم يخرج عن إطار البحث والدراسة والكلام عنه كان أشبه ببالون اختبار لمعرفة ردود الفعل...

إذا سارت الأمور بالاتجاه الصحيح تكون إمارة دبي سباقة في هذا المجال، فلم يحدث أن أقدمت دولة خليجية ولا حتى عربية على إدخال الوافد في صندوق تقاعدي... وإن كان المواطن في دول مجلس التعاون الخليجي بمقدوره أن يضمن حقه في نظام التقاعد في بلده الأصلي، إذا توافرت له فرصة عمل في أية دولة من دول المجلس...

هناك تجارب ناجحة في هذا المضمار في القارة الأوروبية والتي لم تميز المنتسبين لصناديق التقاعد وفقاً لجنسيتهم أو لدينهم... إمارة دبي أمام اختبار جديد وليس بغريب على النهج الذي تسير عليه، فالأصل في الموضوع يحمل وجهين الأول فائدة اقتصادية للإمارة وللدولة والثاني توفير استقرار دائم للوافدين ما ينعكس إيجاباً على مستوى الإنتاجية والأداء.

في الإمارات هناك مواطن واحد مقابل كل سبع وافدين، أي أنه من أصل 8 ملايين نسمة العدد الإجمالي للسكان يوجد نحو مليون أو أكثر مواطن إماراتي موزعين على سبع إمارات وهي حالة خاصة، لا يوجد ما يماثلها في منطقة الخليج العربي...

يبلغ حجم التحويلات المالية التي تتم عبر شركات الصرافة في الإمارات لكتلة الوافدين نحو عشرة مليارات درهم شهرياً تقريباً أي ما يعادل 2.750 مليار (ملياران وسبعمئة وخمسون ألف دولار أميركي) هذه الأموال سيبقى القسم الأكبر منها داخل البلد في حال حصل الوافد على معاش تقاعدي يقيه شر السقطات في بلاده أو يعرضه للانتكاسات الصعبة في حال عودته من دون أن يحقق شيئاً من مقومات العيش والاطمئنان لمرحلة التقاعد وقبل الممات...

الكاتب محمد العسومي في صحيفة «الاتحاد» يعتبر أن هناك «فرصة» الاستفادة من تلك المليارات فلماذا لا يتم تجميعها من خلال أنظمة التقاعد والتأمينات الاجتماعية، في حين أن خبراء اقتصاد أشاروا إلى أن أقساط التقاعد تدار بطرق مختلفة عن بقية المحافظ والصناديق الاستثمارية واستشهدوا بالأسلوب الماليزي الذي يسمح للحكومة باستثمار جزء من تلك المبالغ في أعمال ومشاريع البنية التحتية... ما يعني أنه استثمار مضمون بعائد جيد...

صندوق تقاعد للوافدين سيولد ثقة بالدولة من قبل كتلة الوافدين وسيدر مبالغ مالية على الإدارة الحكومية من شأنه أن يدخل في مشاريع إنتاجية وبعيدة المدى في المجال الاستثماري ويمنح البنك المركزي سيولة نقدية من العملات الصعبة كانت في سبيلها إلى نحو 180 دولة في العالم هم عدد الجنسيات العاملة في الإمارات.

الكلام هنا ليس عن كيفية استثمار مبالغ صندوق التقاعد، فهناك خبراء وهناك تجارب يمكن الاسترشاد بها واختيار ما يناسب إمارة دبي... بل هو في حد ذاته مشروع إنساني ذو وجهة اقتصادية يمكن أن يحقق أهدافاً مشتركة للطرفين، واستقراراً دائماً للعمالة الوافدة وتوظيفاً جيداً للعائد المالي الناتج من نشاط السبع ملايين الذين تتكفل الدولة بتوفير خدمات لهم تقدر بالمليارات، باعتبار أن هذه الكتلة البشرية تستغل خدمات الدولة في كافة المجالات.

أول صناعة استثمار لأصول الرواتب تتم في دولة خليجية وفي محيط خليجي متجانس جداً، بحيث يصل إجمالي عدد الوافدين في الدول الست إلى نحو 22 مليون أجنبي وفقاً لتقرير التنمية البشرية من أصل 38 مليون نسمة تقريباً، وهو ما يعني إمكان نقل التجربة إلى بلدان أخرى وتعميمها في حال اكتسبت عناصر النجاح وأعطيت المردود الاقتصادي والاجتماعي المتوخى منها.

سيكون من شأن هذا المشروع إذا ما أبصر النور أن يحد ويخفف كثيراً من منازعات العمل القائمة بسبب مكافآت نهاية الخدمة في المحاكم وإدارات العمالة الأجنبية في وزارة العمل والشئون الاجتماعية وهي تعد بالآلاف وبما أن المشروع مازال في طور البحث والدراسة فمن غير الواضح ما سيكون انعكاساته على الأمن الداخلي وهل سيقلل من نسبة الجرائم أم أن لا أثر له في ذلك، والأهم من كل ذلك، كيف ستبدو معادلة تصحيح اختلال التوازن السكاني بين أبناء البلد والوافدين وإلى أي مدى سيساعد هكذا نوع من المشروعات في توفير فرص عمل كاملة للمواطنين في أبوظبي وحدها وكل سبيل المثال يوجد 35 ألف مواطن عاطل عن العمل وأين ستصبح شعارات «السعودة» و «الأمرتة» و «التكويت» و البحرنة» و «العمننة» و «القطرنة». ولاسيما في ظل ظروف اقتصادية متقلبة وأحوال سياسية غير مستقرة تدفع باتجاه تخفيض نسب العمالة الأجنبية وليس بالحفاظ عليها وإبقائها كما هي!

بديهي القول إنه وفقاً لقوانين العمل في الدولة الإمارات العربية المتحدة، من حق الموظف الوافد الحصول على مكافأة نهاية الخدمة من دون أن يدخل في منظومة التقاعد الخاصة بالمواطنين.

المشروع يستحق الدراسة والتشجيع فهو لا يخرج كثيراً في النهاية عن كونه مشروعاً اقتصادياً استثمارياً فيه فائدة للطرفين المعنيين، ونحن بدورنا نضم صوتنا إلى صوت رئيس تحرير «الإمارات اليوم» الزميل سامي الريامي ونقول: «اربح ودع غيرك يربح»... بشرط أن تتوافر في المشروع عناصر الاستمرارية والضمانات والجانب الإنساني والقانوني.

فالهدف كما يقول هارون كابيتا نوفيتش من دائرة دبي للتنمية الاقتصادية والتي تقود هذا التوجه هو تعزيز رفاه الوافدين وتقديم الفرصة والآلية التي تسمح لهم بالتخطيط لمستقبلهم بطريقة كفؤة أكثر وحماية حقوقهم بفعالية

إقرأ أيضا لـ "حمزة عليان "

العدد 3375 - السبت 03 ديسمبر 2011م الموافق 08 محرم 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً