العدد 3470 - الأربعاء 07 مارس 2012م الموافق 14 ربيع الثاني 1433هـ

الدولة العربية بوجهها القبيح

مريم أبو إدريس comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

منذ التحرر من الاستعمار ظن العرب أن مشوار الدولة الحرة المدنية قد بدأ، رغم ما احتوته تلك الفترة وحتى يومنا من قيام دول المؤسسات والقانون، وصدور الدساتير والتشريعات، والمصادقة على الاتفاقيات الحقوقية والعمالية والتعليمية والتجارية وغيرها من الاتفاقيات الدولية التي تؤسس لدولة ناضجة، إلا أن الربيع العربي الذي تلون بأحمر الدم كشف أن العرب في دول الربيع وتلك التي خلت من تقلبات الفصول، لم يكونوا يعيشون سوى بمزارع كبرى تسمى افتراضاً (دول)!

فالربيع الذي أسقط اللثام عن الكثير من فظاعات الحكم العربي، جعل المواطنين يتساءلون عن شكل الدولة المدنية التي يقتل فيها المواطنون بالجملة، عن القانون حين يغيب فتفترس القبلية والسلطة والحزبية المغلقة وجه الدولة الحديث؛ وعن اتفاقيات حقوق الإنسان التي تغدو مجرد شهادة تقدير مزوّرة في ملف طالب فاشل؛ وعن اتفاقيات العمال التي لا تنصفهم ولا تنقذهم، وترميهم للجهل يفترس ما تبقى من جوعهم. وتتساءل عن الملائك حين تُغتال في ثوبٍ أبيض؛ وعن البيوت حين لا تغدو مسكناً ولا ملاذاً. فماذا تركت الجاهلية من إرثٍ للعرب، غير تاريخ السيف وأنفٍ ذاكرته مغموسة برائحة الدم.

نكتشف اليوم في ربيعنا الذي طال أننا لم نكن نعيش سوى في مزارع كبرى، ويغدو المواطن مجرد مملوكٍ يعيش ليأكل، وتنتهك إنسانيته، وتصادر حقوقه، وتغتال وكرامته، ويصبح رأيه المعارض سبباً كافياً للموت!

في بلدان الربيع العربي لا يملك المواطن سوى مساحة قبره. هكذا أُريد له أن يكون مواطناً أثرياً بجدارة، وأحياناً باستحقاق يعبر عن حالة وطن من خلال قبر يبدو خالياً إلا من جثته التي باتت ثقوبها عاريةً أكثر من أن تستر. على المواطن العربي اليوم مسئولية خلع ثوب الدولة المزرعة، الذي لم يعد يستر طغيان الدكتاتوريين وزمرتهم، وأن يبحث عن الدولة المدنية الموعودة منذ عهد ما بعد الاستعمار، لأنه كما يبدو أن العرب لم يخرجوا من عهد الاستعمار رغم خروج المستعمر. الدولة المدنية التي غابت وسط تغوّل الأجهزة الأمنية وغياب القانون الذي يسند المواطن ظهره المتعب من الانتهاكات عليه.

المواطنون العرب اليوم أمام تحدٍ كبير، لا ينتهي بتغيير الديكتاتور ولا نفيه أو محاكمته، بل بتحويل الدول بأجهزتها ومؤسساتها ومفاصلها إلى دولة مدنية، يُحترم فيها المواطن، وتُصان إنسانيته، وتحمى كرامته، ويؤخذ برأيه، ولا تسرق خيرات بلده. العربي بحاجة لثورةٍ تصحيحيةٍ تؤسس لدولة مدنية حقيقية، لا يقتل فيها أبناء الأجيال المقبلة إذا قرروا أن يعترضوا ويطوّروا شكل الدولة لا وجه المزرعة

إقرأ أيضا لـ "مريم أبو إدريس"

العدد 3470 - الأربعاء 07 مارس 2012م الموافق 14 ربيع الثاني 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 2:11 ص

      لم يعجنني العنوان

      الرجاء يا استاذة اختيار عنواين افضل للمقالاتو شكرا

    • زائر 8 | 12:54 ص

      انظروا العالم وين وصل واحنا للحين رعاع كالبهائم

      الى البعض الذين ينهاضون التحرك نحو الديمقراطية والحرية نقول لهم كفاكم قرون من التبعية والعيش الذليل خلاص انتهى زمن العبوديات انتبهوا عاد خلاص
      اصبحنا مسبة وعار على العالم الى متى ستظلون في ظلامكم الدامس.
      لا يلام الغرب اذا تطنز علينا وسخر منا فنحن من نجر ذلك على انفسنا

    • زائر 7 | 12:43 ص

      هو تاريخ يسود الوجوه وسوف يكون مسبة وعار علينا

      نعم تاريخنا العربي هو قمة السخف والانحطاط وسوف
      تتذكر الأمم اللاحقة هذه الحقبة بأنها مسبة الزمن

    • زائر 1 | 10:14 م

      منصورين والناصر الله

      هذا يتطلب نشر الوعي عبر الصحف المخلصة كالوسط والقضاء على الصحب التي روائحها الكريهة و النتنة نبعث منها يوميا كالصحف الصفراء التي تبث قذارتها عن طريق الشم و التخوين و التكفير وبث الكراهية دون أو وازع ديني أو انساني ممن يكتب فيها

      تحياتي/ ابو سيد حسين

اقرأ ايضاً