العدد 3566 - الإثنين 11 يونيو 2012م الموافق 21 رجب 1433هـ

الطريق إلى تحويل النزاع في لبنان

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

غطى العنف الأخير في طرابلس وبيروت بين الأحزاب السياسية، وبعضها مرتبط بطوائف دينية مختلفة، عناوين الصحف، وهو يظهر الدرجة التي تبقى فيها النزاعات السياسية في لبنان مشكلة اجتماعية قاتلة. يتكون لبنان من 18 طائفة دينية، ويستخدم السياسيون الدين أحياناً كثيرة لإبقاء الناس منقسمين، وتتسبب الخلافات بين المصالح الدينية والسياسية بالكثير من التوترات.

ورغم أن الحلول السياسية هي أحياناً ما يلوح في الأذهان عند بحث قضايا كهذه، إلا أنه لا يمكن حل النزاعات الوطنية حقاً دون معرفة كيفية التعامل مع النزاعات على المستوى الشخصي أولاً.هذه هي الساحة التي تعمل فيها جماعة دينامية من الشباب اللبناني سعياً وراء التغيير.

يجمع «مشروع الشباب المسئول والناشط»الشباب اللبنانيين من جميع الأقاليم والديانات، المشروع مساحة يستطيعون فيها إجراء التجارب حول كيفية تعاملهم مع النزاعات وفي الوقت نفسه تعلّم كيفية تحويل تفكيرهم من رؤية النزاع على أنه سلبي ومدمّر إلى قوة تحمل في طياتها إمكانات إيجابية وبنّاءة.

التزم الشباب المحفَّز بالتطوع مع مشروع الشباب هذا لمدة سنتين لتطوير حقيبة أدوات تساهم في إيجاد المجتمع الذي يحلمون به، والذي يرتكز على التسامح وقبول «الآخر».من خلال استهداف توجّه إبداعي وعملي موجه نحو الشباب، تمكنوا من اختراع لعبة على الورق أسموها «تعوا نحكي»، تعمل على تدريب الناس على التعامل مع النزاع من خلال سيناريوهات ولعب أدوار.

ذهب الشباب إلى أربعة مجتمعات محلية مختلفة في لبنان لتطبيق المشروع في مدارس وجامعات ونوادٍ، عاملين مع الجمعية اللبنانية للتعليم والتدريب ووكالة الإنماء الكندية العالمية والجمعية الألمانية للتعاون الدولي.

ليست النزاعات التي تتعامل معها اللعبة سياسية وإنما شخصية. ولأن النزاع السياسي حساس لهذه الدرجة، يركّز توجه مشروع الشباب المسئول والناشط على النزاع الشخصي، الذي يمكن للشباب تطبيقه على النزاعات السياسية فيما بعد. اختارت الجماعات السيناريوهات التي تجري في اللعبة بناء على تجاربهم الشخصية في العلاقات الرومانسية وفي تعاملات الأسرة والنزاعات بين الطلبة والأساتذة.

يقول حسن، وهو مشارك مسلم: «يشكّل الانضمام إلى شبكة الشباب في دولة طائفية مقسّمة مثل لبنان عملاً ضد المعايير والقواعد السلوكية. وعندما يعود الأمر إلى تجارب كهذه، فإنه علينا التزام نشاطر فيه الآخرين».

اكتسب مؤسسو الشبكة الذين قاموا بتطبيق المشروع منظوراً جديداً على النزاع من خلال مشاركتهم مع زملائهم:النزاع أمر طبيعي، ويجب فهمه حتى يتسنى التعامل معه بنجاح، ويمكن تحويله عن طريق الحوار والتفاوض.

يمارس المشاركون في اللعبة هذا التحول عندما يصلون إلى مربّع عنوانه «تفاوض»، حيث يتوجب عليهم التفاوض مع لاعب آخر حول جانب آخر من سيناريو النزاع ينشأ في اللعبة.لاحظ الشباب الذين شراكوا في هذه اللعبة حتى الآن عدد المرات التي فشلوا فيها في الأخذ بالاعتبار مصادر قلق الآخرين أو الإصغاء إليهم، واقترحوا أن ذلك هو أحد الأسباب وراء النزاع الحالي في بلدهم. إلا أنهم يدركون اليوم أنهم يملكون الأدوات لتصحيح هذا الموقف.

على سبيل المثال، وأثناء ممارسة اللعبة، تعلّمت أدريانا، وهي مشاركة مسيحية كيف ترى الأمور من منظور مختلف لأنها اضطرت في كل جولة أن تقوم بصياغة متطلبات كل اللاعبين وكيف يشعرون بالنزاع الذي تتعامل معه اللعبة. ساعدها مربع عنوانه «نصائح»توقفت عنده على تعلّم مواقف الآخرين.

لعبت أدريانا في إحدى اللعب دور طالب شاب غيّر اختصاصه ثلاث مرات أثناء دراسته الجامعية، الأمر الذي أدى إلى نزاع مع والده الذي كان يعمل في الخارج للحصول على الأقساط الجامعية لابنه. حصلت أدريانا على نصيحة تكشف أن الوالد كان وحيداً ويعمل بجدّ لمساعدة عائلته ويشعر أن ابنه يأخذ مساعدته له على أنها تحصيل حاصل. من خلال فهمها لمشاعر الوالد وسبب معارضته لقرارات ابنه، توصلت إلى نتيجة أن لدى الجميع أسباب للتفكير والشعور بنفس أسلوب شعورها، وتعلمت كيف تتوجه نحو هؤلاء الذين تتنازع معهم بتفهم وتعاطف معمّق.

تهدف لعبة «تعوا نحكي»إلى تغيير كيف يفكر اللاعبون بالنزاع وبالتالي كيف يتعاملون معه. إنها رسالة تستحق أن تُسمَع بشكل أوسع حتى يتسنّى تطوير مجتمع متسامح يحترم جميع أفراده، بغض النظر عن انتمائهم الديني أو السياسي.

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3566 - الإثنين 11 يونيو 2012م الموافق 21 رجب 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً