العدد 3582 - الأربعاء 27 يونيو 2012م الموافق 07 شعبان 1433هـ

معهم في يومهم... ضحايا التعذيب

رملة عبد الحميد comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

لا يوجد أمرٌ أقسى مرارة على النفس وأشد ضراوة أن يتعرض المرء منا للتعذيب والإيلام والإهانة في حياته، فخارج الإنسانية أن يكون التشفي من الخصم بالعبث بجسده إلى أقصى درجة الألم، والتلفظ عليه بألفاظ قاسية، لاستخراج أسرار منه أو بقصد الانتقام منه والحط بكرامته، لذا كان يوم 26 يونيو/ حزيران يوم مناصرة ضحايا التعذيب، يومٌ يقول فيه العالم أجمع للمعذبين على الأرض قفوا، كفاكم ما اقترفتموه، يومٌ نقف مع من عُذبوا، وهي فرصة لتسليط الضوء على رجال ونساء يريدون إنصافا قبل يوم الحساب.

لقد اعتمدت المفوضية السامية لحقوق الإنسان للأمم المتحدة اتفاقية مناهضة التعذيب والصادرة بتصديق 147 دولة حيز التنفيذ في 26 يونيو 1987، لذا اعتبر يوم 26 يونيو اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب، لقد انبثقت هذه الاتفاقية من المادة (5) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة (7) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واللتان تنصان على عدم جواز تعرض أحد للتعذيب أو سوء المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، واستنادا إلى الإعلان، الذي اعتمدته الجمعية العامة في 9 ديسمبر/كانون الأول 1975م، والذي يختص بحماية جميع الأشخاص من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية، خرجت هذه الاتفاقية التي تحتوي على 33 بندا إلى العلن تلزم دول العالم بها، وقد عرَّفت الاتفاقية التعذيبَ على أنه « أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسديا كان أم عقليا، يُلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص، أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يُشتبه في أنه ارتكبه، هو أو شخص ثالث، أو تخويفه أو إرغامه هو أو أي شخص ثالث، أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أيا كان نوعه، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية».

التعذيب نوعان، ولكل نوع وسيلته، فالتعذيب الجسدي يأخذ أشكالا عدة، منها الضرب المبرح بالسوط والهراوات والعصا، والكي، وقلع الأسنان والأظافر، وتشويه الوجه، وسلخ الجلد، أو الغطس بالماء المغلي أو البارد، والتعليق بالحبل، واستخدام الصعقات الكهربائية. أما التعذيب النفسي فيشمل الاغتصاب أو التهديد به، أو الإيحاء بالقتل، والابتزاز، وإرهاب المعتقل، ومنعه من النوم، وإجباره على التعري، أو مشاهدة اعتداء جنسي، ومشاهدة شخص يتم تعذيبه، وإجباره على قول ما لا يريد، و إهانة مقدساته ومعتقداته و الازدراء بها، وإزالة المؤثرات الحسية بوضع عصابة على العين وصم الأذنين، و حلاقة شعر الرأس.

عمليات التعذيب هذه تترك آثارا جسدية ونفسية كبيرة على الذين خصهم التعذيب، ولا تزول آثاره إلا بعد مضي وقت طويل، وبعضهم يستمر معه الأثر إلى الأبد، فقد يفقد من تعرض للتعذيب قدرته على الإنتاج وخاصة الإبداعي منه، كذلك قد يفتقد القدرة على مواجهة الأزمات، إضافة إلى أن كثيرا منهم يلازمه الأرق والقلق وصعوبة في الذاكرة نتيجة ومضات من التذكر الدقيق لتفاصيل التعذيب بالصوت والصورة مما يسبب للكثير منهم الخوف من تكرر الوضع مرة أخرى فيكونوا عرضة للإصابة بما يسمى بمرض توتر ما بعد الصدمة.

بات من الضروري في هذا اليوم أن نقف جميعا ضد هذه الظاهرة التي بدأت تزداد في العالم فهناك أكثر من 68 في المئة من دول العالم تمارس التعذيب بشكل ممنهج ومدروس من قبل السلطات الحاكمة، الدول اليوم لم تعد تفي بالتزاماتها في الاتفاقيات الدولية، ولم يجد نفعا عمل الهيئات المعنية بحقوق الإنسان في وقف التجاوزات التي تزداد مع الصراع الإنساني القائم بين من يمتلك القوة وبين من يفتقدها، فالتعذيب لن يكمم الأفواه، ولن يوقف المطالبة بحقوق الأفراد أو منعهم من أداء أدوارهم الإنسانية للعيش بكرامة.

إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"

العدد 3582 - الأربعاء 27 يونيو 2012م الموافق 07 شعبان 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 9:03 ص

      التعذيب نوعان، ولكل نوع وسيلته

      كل تفاصيل النوعين سمعناها ممن خرجوا من السجون أو نقلته اللجان الحقوقية وماذا بعد ؟؟

    • زائر 2 | 5:33 ص

      أبي حقوقي والكرامة

    • زائر 1 | 2:53 ص

      يا منتقم

      بات من الضروري في هذا اليوم أن نقف جميعا ضد هذه الظاهرة التي بدأت تزداد في العالم فهناك أكثر من 68 في المئة من دول العالم تمارس التعذيب بشكل ممنهج ومدروس من قبل السلطات الحاكمة، الدول اليوم لم تعد تفي بالتزاماتها في الاتفاقيات الدولية، ولم يجد نفعا عمل الهيئات المعنية بحقوق الإنسان في وقف التجاوزات التي تزداد مع الصراع الإنساني القائم بين من يمتلك القوة وبين من يفتقدها، فالتعذيب لن يكمم الأفواه، ولن يوقف المطالبة بحقوق الأفراد أو منعهم من أداء أدوارهم الإنسانية للعيش بكرامة.

اقرأ ايضاً