«مركز البحرين لتنمية الصناعات الناشئة» في منطقة الحد، أو ما يطلق عليه بـ «الحاضنات» مشروع رائد يستحق كل تقدير، فمنذ أكثر من ثلاث سنوات والمركز يقوم بمساعدة المواطنين الذين يمتلكون افكارا نوعية لتطوير صناعة خفيفة، إذ يستقطب قرابة 54 مشروعا سنويا ومن ثم يقوم بتدريب أصحاب الأفكار والمبادرات ويوفر لهم مكانا لبدء نشاطهم الصناعي ضمن المواقع الخمسة والعشرين المتوافرة في المركز.
وزارة الصناعة مع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو) وبنك البحرين للتنمية يشتركون في تقييم الأفكار والمشروعات والأشخاص، ويختارون عددا محدودا من المتقدمين لمساندتهم وتقديم الخدمات المالية والتسويقية لسنتين أو ثلاث. وعندما يكبر العمل ويصبح قادرا على الوقوف لوحده تخرج الشركة من مركز تنمية الصناعات (الحاضنة) إلى السوق الخارجية.
ما يبعث الأمل هو رؤية شاب عمره عشرون عاما (فهد فريد) يقوم بتدوير مخلفات الألمنيوم وإعادة إنتاجها معدنا جاهزا للاستخدام في عمليات التصنيع، وهو بذلك يخدم البيئة من جانب ويوفر فرصا للعمل من جانب آخر. كما ترى شخصا آخر (عبدالخالق ميلاد) استطاع نقل فكرة من شركات أجنبية وطور المنتج (أنصبة تستخدم في المعارض التجارية) ووظف فنيين بحرينيين وحرك مياها راكدة باتجاه الإبداع والإنتاجية. ثم تلتقي بربة بيت مع زوجها (أمينة عباس) استطاعت - بحماسها الذي يتصاعد مع تصاعد روائح العطور التي تنتجها - تحقيق آمالها في تطوير شركتها وتتمنى لو ساعدتهم المؤسسات الوطنية الأخرى التي تعرض منتجات عطور وهدايا بحرينية الصنع.
شركات جديدة في طور التكوين تحصل على مساندة من خبراء معتمدين لدى «اليونيدو» ورعاية متطورة بهدف تشجيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة وبالتالي خلق الوظائف والمساهمة في التنمية الاقتصادية. ولعلنا بحاجة إلى دراسة عوامل النجاح الأولية وتوسيعها ونشر مثل هذه المراكز في مناطق أخرى في البلاد لاستيعاب جزء من مشكلة البطالة التي تهدد الاستقرار بين فترة وأخرى.
«الحاضنة» من شأنها اختصار الوقت وتخطي المشكلات البيروقراطية التي تقتل الأفكار والقدرات... إنها خطوة أولية تساهم بلاشك في إلقاء الضوء على الامكانات الكامنة لدى البحرينيين، وهي بذلك تستحق كل تقدير.
غير أننا بحاجة إلى الالتفات إلى البرامج الأخرى التي صرفت عليها الحكومة أموالا طائلة ولم تؤدِ إلى نتيجة، فبرامج التدريب والتأهيل كثيرة ولكنها من دون استراتيجية متكاملة وواضحة تخدم السوق أو التنمية الاقتصادية.
وفي السبعينات كانت هناك برامج لتدريب عشرة آلاف مواطن ولكنها فشلت، ولم تخلق لنا حتى ألف وظيفة ملموسة. وبعد ذلك ازدادت الانتكاسات لضياع برامج التدريب والتأهيل والتنمية إلى الدرجة التي كدنا نفقد الأمل بجدوى وجود وزارة أو وزارتين وعدة دوائر لا تحل ولا تربط.
تجربة «الحاضنة» تشير إلى أن الأفضل أن «نعلم الشخص كيف يصطاد السمك بدلا من إعطائه السمك»، وعلينا أن نواصل مثل هذه البرامج على مستويات عدة.
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 361 - الإثنين 01 سبتمبر 2003م الموافق 05 رجب 1424هـ
