العدد 3646 - الخميس 30 أغسطس 2012م الموافق 12 شوال 1433هـ

أسواق المزادات... تباع فيها ضمائر ميتة لا المذاهب الحية

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

قبل أيام فتح أحد الأشخاص، والذي أنعم الله عليه

بمال وفير، بابه على مصراعيه لشراء المذهب الرافضي (الجعفري) من معتنقيه، واضعاً بعض المحفزات والإغراءات الدنيوية الزائفة والزائلة لمن يريد أن يبيع مذهبه، الذي اعتبره كفراً، واشترط على البائع لمذهبه أن يشهد الشهادتين إذا ما قبل العرض، فقد أحدث عرضه الصريح سخرية الصغار قبل الكبار من الطائفتين الكبيرتين الكريمتين (الشيعة والسنة )، وأكثر الناس اعتبروا عرضه هذيان طائفي من النوع الثقيل جداً، لا شك أنه أحدث إفصاحه بهذه الصراحة عن مكنونه الطائفي البغيض ردود أفعال واسعة في الأوساط الإعلامية والاجتماعية والدينية، وقد وصفها البعض أنها سابقة خطيرة لم يتعود مجتمعنا المحلي على سماعها من قبل، والبعض الآخر اعتبرها صفعة قوية لمفهوم التلاحم الوطني الذي ينادي الجميع بترسيخه بين مختلف أطياف وطوائف ومذاهب المجتمع، وفئة كبيرة من الناس دهشت من صمت وزارة العدل عن التعليق عليه، وكانوا يتساءلون عن صمتها، هل صمتها هو الذي يقال عنه، السكوت علامة الرضا أم يقصد منه أمر آخر؟

وهناك من أشفق عليه، ووصفه بأنه يعاني من أزمات نفسية خطيرة منذ شهر فبراير/ شباط 2005، عندما فشل فشلاً كبيراً في شراء الذمم، الذي بذل لتحقيق هذا الهدف، الأموال والعطايا العينية الكثيرة، عندما كان مرشحاً في الانتخابات البلدية بمنطقة الدمام، وكان من ضمن 29 مرشحاً بلدياً، كان الناخب في دائرته أبياً كريماً واعياً، فلهذا حرمه من تحقيق حلمه الكارتوني، والفشل الذي أثر في نفسه كثيراً هو في انتخابات 2010 النيابية، التي أجريت في وطننا الحبيب، فقد أثبتوا أبناء المحافظة الجنوبية أنهم ليسوا أقل وعياً وإدراكاً من أبناء منطقة الدمام، فهم واعون للأهداف الشخصية التي يريد الوصول إليها ذلك الرجل، فلم يغريهم إعلانه عن عزمه تأسيس جمعية لرعاية الأرامل والأيتام، لأنهم علموا أنه يطلق بالونات انتخابية ليس لها وجود في الواقع، فكانوا يزورونه في خيمته الانتخابية، ويأكلون ويشربون مما لذ وطاب من الطعام والشراب، وهم يرددون الشعار المعروف في مثل هذه الحالات «أكلوا يا جماعة من خيره وانتخبوا غيره».

فلمَّا أحس بعزم أبناء دائرته بأن يفشلوه في الجولة الثانية، وقبيل ثلاثة أيام من إجراء انتخابات الجولة الثانية أعلن انسحابه من الانتخابات بحجة أنه يفسح المجال لباقي المرشحين، لم يستطع استغلال أصوات أبناء الدائرة لتحقيق مصالحه الخاصة للمرة الثانية، وقالوا فيه أن ما أعلن عنه ما هي إلا إسقاطات نفسية يعاني منها منذ زمن ليس بالقصير، وكأنه يريد أن يقول للعالم أنه على استعداد لعرض نفسه للبيع في أسواق المزادات، وأن ثمنه يجب أن يتناسب مع مكانته المالية، هذا الفهم النفسي لهذه الشخصية يكشف عن ماهيتها الإنسانية والدينية. هل يتبنى فكرة شراء المذهب الجعفري بحق، أم أنه يريد أن يعرض نفسه للبيع عن طريق التفاوض على الثمن الذي يرتضيه، أم أنه يريد أن يوجد له تعاطفاً بين الناس لأي انتخابات قادمة في السعودية أو في البحرين؟

بالتأكيد ليس كل أحد يستطيع أن يعطيه الثمن الذي يضاعف ثروته المالية. يظهر أن الناس قد فهموه بالخطأ، وراحوا ينعتونه بنعوت قد لا تلامس قصده الحقيقي، ولهذا عندما لم يجد من يشتريه أو يتفاوض معه على البيع، لجأ إلى سحب عرضه من حسابه الخاص، من يعتقد أن صاحب هذا العرض الغريب لا يعلم عن الحقيقة، فقد ظلمه كثيرا، فأنه يقينا يعلم أن المذاهب لا تباع ولا تشترى في أسواق المزادات، وإنما تشترى النفوس المريضة والضمائر الميتة التي لا تحمل في داخلها أي معتقد، ويعلم أيضاً أنه لن يجني من إعلانه إلا الإثم عند الله جل شأنه، وقد قال تعالى في محكم كتابه «أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْماً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ»(آل عمران-178)، فقد أعطاه الله جلت عظمته من الأموال والعقارات ما يكفيه، ويكفي لإعالة آلاف مؤلفة من الفقراء والمسكين من أبناء المسلمين، ولكنه أختار أن يجعل من ماله سبباً لنيل الإثم والعياذ بالله. ليس كل أحد يحسن التصرف بماله، وليس كل أحد يستطيع أن يجعل ماله سبباً لدخول الجنة.

فالشخص الذي يعتقد بأن قوته الجسمانية والعقلية هما السببان اللذان يكونان الثروة، يخرج من الدائرة الإنسانية الحقيقية، ويدخل في شباك الشيطان الذي يجعله يوظف ما وهبه الله إياه من مال وجاه في معصية الله تعالى، وهو يعلم أن ما يفعله ليس فيه مرضات لله، وأنه بأقواله وأفعاله يغضب رب العباد، ببيعه نفسه للشيطان الرجيم الذي زين له الباطل من القول والفعل، وجعله يهرول وراء سراب لا يوصله إلا لخراب دنياه وآخرته، من المؤكد أن الشيطان الذي دفعه لهذا الفعل المستهجن يضحك عليه الآن كثيراً ويشمت به، لأنه انصاع إلى أمره، وقبل بيع نفسه له، والشيطان لم يخفِ هذا الأمر على أتباعه، وقد قال لهم بصريح العبارة إنه سيتبرأ منهم يوم الحساب الأكبر، اليوم الذي لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، ولن يتحمل مسئولية أحد ممن أطاعه في هذه الدنيا، فمن تبعه ومشى على خطاه يتحمل مسئولية عمله، مادامت الفكرة المطروحة ليس لها دليل يؤيدها في المنهج الإسلامي الحنيف، فهي بدعة في الدين، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة هي وصاحبها في النار، والقرآن الكريم قد بين بوضوح الأعمال التي تصلح دنيا وآخرة الإنسان وما يفسدهما، قال تعالى «إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً» (الإنسان- 3). اللهم أبعد كل بدعة طائفية تريد العبث بمكونات هذا الوطن، وأجعل كيد كل من يريد بإنسان هذا البلد سوءاً في نحره، ومنَّ على بلدنا الطيب بالخير والبركات.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 3646 - الخميس 30 أغسطس 2012م الموافق 12 شوال 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 5:40 ص

      متهم ب ا ل ط ا ئ ف ي ة

      بالمناسبة لم اجد خطيب جمعه من طائفة ذلك استنكر ما قاله

    • زائر 3 | 3:48 ص

      الله يرحمك دنيا واخره

      بصراحة مقالك جدا متزن وصريح الله يرزقه بالي فيه بالك على كلمه الحق

    • زائر 2 | 1:26 ص

      هكذا فهمه للدين والتدين فعلى من نعتب

      هذا مستواه وهذا ما اوتي من فهم للدين والتدين فهو لم يقرأ تاريخ الاسلام جيدا ليعرف ان اعتناق الاديان والتحول عنها ليس بصورة المزادات والعطاءات فقد بذل المسلمون الاوائل مهجهم وانفسهم وتحمّلوا العذاب والقتل وكل شيء من اجل اعلاء كلمة لا اله الا الله فهو لم يقرأ قصة بلال وقصة عمار ابن ياسر وباقي المسلمين كيف دفعوا ضريبة اسلامهم لينتصر الاسلام ويصل الينا فهو يرى العقيدة محل مزاد في سوق النخاسين من يدفع اكثر يتبعه الناس ولم يعلم ان الدعوات الالهية لم تقم واحدة منها على المال

    • زائر 1 | 12:45 ص

      مزاد طائفي

      من المستغرب جداً صمت وزارة العدل عن ما يدور في البلد من مجون ومزايدات طائفية
      فنحن لم نعتاد على هذه العروض وهذا الطرح الرخيص الذي يبين تفاهة عقلية بعض البشر لان مجتمع البحرين مجتمع راقي ومتحضر وهذا المخلوق لا يمثلنا ولا ينتمي لنا جميعا !! فأين المسئولين عنه ؟

اقرأ ايضاً