العدد 3692 - الإثنين 15 أكتوبر 2012م الموافق 29 ذي القعدة 1433هـ

الحج تدريب عملي

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

حججت أكثر من مرة والحمد لله، وكنت ألاحظ دائماً أن الحجاج الماليزيين هم من أكثر الحجاج فهماً وانضباطاً في أداء جميع مناسكهم، ولم أفهم السبب الذي جعلهم بهذه الصورة المشرفة إلا عندما زرت ماليزيا لأول مرة، حيث عرفت من بعض مسئوليها أنهم يقومون بعمل دورات تدريبية لكل راغب في الحج، رجلاً أم امرأة، ابتداءً من طريقة لبس الإحرام إلى الطواف حول الكعبة، حيث بنوا مجسّماً للكعبة، وعلّموا الحجاج كيفية الطواف والسعي ورمي الجمرات وسائر شعائر الحج الأخرى. وفوق ذلك علّموا الحجاج الآداب العامة للطريقة التي يتعامل بها الحاج مع إخوانه الحجاج الآخرين، لكي لا يسيء لأحدٍ منهم أو يضايقه بأية صورة.

صورة الحاج الماليزي بقيت مرتسمةً في ذهني، وكنت دائماً أقول لكثير من المسئولين في بلادنا: لماذا لا تشجّعون الحكومات الأخرى لكي تقوم بالعمل نفسه لكي تسهل للحجاج أداء مناسكهم بصورة جيدة، وتقلّل في الوقت نفسه من المشاكل التي تحصل بين الحجاج بسبب سوء فهمهم لأخلاق الحاج وآدابه وطريقة سلوكه في الحج وبعده.

وكنت سعيداً بالخطوة المباركة التي قامت بها إدارة الدعوة والإرشاد الديني بوزارة الأوقاف في قطر، حيث افتتحت وللمرة الرابعة على التوالي، معرض الحج بمركز موزة بنت محمد للقرآن والدعوة. هذا المعرض مخصصٌ للرجال والنساء، وكذلك لسائر المواطنين الذين يرغبون في تعلّم أحكام الحج وآدابه.

الجيد في هذا المعرض أنه يدرّب الراغب في الحج عملياً ونظرياً على كل مناسك الحج، وهذه خطوة إيجابية ومهمة لكل حاج كما ذكرت، لكن الخطوة اللافتة للنظر فيما تقدمه إدارة الدعوة أنها تعطي الحضور معلومات تفيدهم عندما يرون الأماكن التاريخية في مكة فيعيشوا معها بأرواحهم ومشاعرهم، مثل بئر زمزم، والسعي بين الصفا والمروة. فهذه الأماكن تذكّر الحاج بقصة نبي الله إبراهيم مع زوجته هاجر وابنه إسماعيل، وقصة بناء مكة وكيف فدى الله إسماعيل (عليه السلام) بكبش سمين، وبقية الأحداث التاريخية المهمة التي ربما لم يسمع بها الحاج على الإطلاق أو سمع بها بصورة غير مكتملة أو مغلوطة.

أعود إلى القول إن عمل إدارة الدعوة والإرشاد الديني المتعلقة بالحج تصب في خدمة الدعوة بشكل مباشر، كما أنها تصب أيضاً في خدمة المجتمع بكل فئاته الجنسية والعمرية، إذ تجعل أداء هذه الشريعة - وهي ركنٌ من أركان الإسلام - سهلاً وميسراً.

لست أدري هل تقوم إدارة الدعوة بشرح التأثيرات الإيجابية التي يجب أن تطغى على حياة الحاج بعد عودته من أداء هذا الركن المهم؟ فالحج ليس أداء شريعةٍ وكفى، بل هو تحوّلٌ من حياة لأخرى كلها عطاء وعمل للدين والوطن وللأمة المسلمة في كل مكان.

العمل الدعوي يجب أن يواكب متطلبات العصر وتطوراته السريعة واستخدام كل الوسائل التي توصل الفكر الإسلامي بصورةٍ حسنةٍ للشباب والشابات، وللكبار والصغار، وللمسلم وغير المسلم، فهذه الطريقة هي التي تخدم الإسلام والمسلمين.

أتمنى من وزارة الأوقاف أن تكون رائدةً في هذا التغيير الإيجابي، وأن تقدّم للأمة المسلمة نماذج واقعية ممكنة التطبيق لكي يحتذي بها الآخرون.

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 3692 - الإثنين 15 أكتوبر 2012م الموافق 29 ذي القعدة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً