العدد 3692 - الإثنين 15 أكتوبر 2012م الموافق 29 ذي القعدة 1433هـ

السياسة الجامدة ليست سياسة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

تحديد الموقف السياسي من القضايا الشائكة يحتاج إلى العودة إلى مفهوم السياسة... ففي عالم السياسة لا وجود لإجابات صحيحة مئة في المئة، والساسة يبحثون عن المناطق المشتركة ويتنازلون قليلاً لكي يحصلوا على نتائج تتسق مع أهدافهم في الحياة. أمّا ما نشاهده حاليّاً فهو وجهات نظر متخذة مسبقاً، والموقف السياسي يأتي من هذه الجهة أو تلك للتأكد من أن وجهة النظر الخاصة ستبقى على ما هي عليه من دون تغيير. فمثلاً إذا كانت وجهة النظر تلوّن فئة معينة بألوان قاتمة، فإن الموقف يأتي للتأكيد على بقاء تلك الألوان على ما هي عليه من دون تغيير.

هذه المواقف الجامدة تقتل معنى السياسة؛ لأن الهدف الذي يرجوه أصحاب هذه المواقف هو الانتصار على الآخر، أو تلقين الخصم درساً لا ينساه، أو إذلاله، أو عدم التنازل له بأيّ شكل من الأشكال، وحتى لو كان ذلك يضرّ الصالح العام.

السياسة الناجحة هي التي تربط الناس ببعضهم البعض عبر التنازل لبعضهم البعض، وعبر العيش المشترك، وعبر تكوين طموحات مشتركة لجميع فئات المجتمع، بحيث لا يمكن تحقيق هذه الطموحات إلا من خلال التعاون والاعتماد على البعض. أمّا إذا كانت المواقف السياسية لا تهتم بخلق طموحات مشتركة للمجتمع، فإن الجهود يتم تضييعها من أجل تغليب فئة على أخرى، حتى لو كان ذلك عبر مشروعات ووسائل مكلفة جدّاً، وغير مضمونة النتيجة على أي حال.

السياسة التي لا يهمها أن يعتمد المجتمع على بعضه البعض في حاضره وفي مستقبله فإنها قد تسعى إلى تقسيم وتمزيق المجتمع، وهذه السياسة خاطئة لأن التماسك الاجتماعي هو الذي يحدد فيما إذا كانت مجموعة من الناس تعيش على أرض واحدة يشكلون (أو لا يشكلون) مجتمعاً. المجتمع الناجح تتكون فئاته من شرائب متعددة، ولكنه متضامن عضويّاً ومترابط حياتيّاً. أمّا إذا كانت رفاهية وأرزاق فئة تعتمد على حرمان فئة أخرى فإنه لا يصبح لدينا مجتمع واحد.

المزايا المادية (وظائف، سكن، تعليم، خدمات) لا تخلق لوحدها مجتمعاً، إلا إذا كانت هذه الجوانب المادية مقدمةً لروابط معنوية وتصور مشترك يربط بين جميع المكونات. أيضاً، فإن المجتمع - ولكي يكون مجتمعاً - يجب أن يتحرر من الخوف من الحاضر والمستقبل. المجتمع ولكي يحقق الاستقرار والتناغم والكرامة فإنه يحتاج إلى سياسة وطنية غير جامدة، وغير متعصبة، تعترف بكل مكونات المجتمع من دون تفريق.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 3692 - الإثنين 15 أكتوبر 2012م الموافق 29 ذي القعدة 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 21 | 7:17 ص

      عرفات والوقوف بعرفة

      على الرغم أن الوقوف والموقف والوقفة ليست من الجهات الأصلية ولا الرسمية الا أن الجهات الأصلية أربع والاتجاهات كذلك، لتحديد الاتجاه والجهة الأصلية لا بد من وجود بوصلة.
      فهل تبد المشكلة في قضية كيفية تحديد الاتجاه لسفينة غرقانة أو طبعانة؟

    • زائر 18 | 3:29 ص

      الثورة

      الثورة هي تغيير النظام السياسي القائم ، وتاريخ الثورات يوكد ان الثورة عندما تنتصر تقضى على خصومها وان فشلت يقضى عليها وعلى قادتها تحمل الثمن ! اليس تلك مفاهيم سياسية اصيلة يا دكتور ؟

    • زائر 17 | 3:20 ص

      السياسة والانتهازية

      سيدى صحيح ان السياسة فن المستحيل ولكن هناك حد ادنى لكل شئ ، لا يمكن ان تلتقي مع من يطالب برحيلنا ، ولا اشلون رايك ؟ يعني لازم يان ذلك الموقف " شعبيا " ولازم نسمعه زين وبدون تقية او تاويل وبعدين يمكن اللقاء عدا ذلك يطبق قانون الثورات انتصار او هزيمه

    • زائر 19 زائر 17 | 4:30 ص

      وقفة مع النفس,,,

      الواحد منا إذا كان مكروه من شخص واحد مو لازم يسأل نفسه:-
      زين ويش انا مسوي له,,,,فمبالك ب,,,,,
      و الحر تكفيه الأشارة يا حبيبي,,,,

    • زائر 16 | 2:49 ص

      albeem

      سياسة هذا اخي له تسعه و تسعون نعجه ما تنفع في البحرين

    • زائر 15 | 2:34 ص

      الرسائل

      الرسائل التي تم إيصالها للمجتمع الدولي هي : إعطاء طائفة معينة حقوقها وتمكينها منها يعتبر مرحلة خطر لجهات معينة.

    • زائر 14 | 2:32 ص

      التصلب لا يخدم احداً

      لذلك اوصانا الرسول ص بمراجعة النفس كل ليلة لكي نصبح في اليوم التالي اكثر اشراقا وادراكا وقد نحمل معاني مغايرة لما كنا عليه في السابق اما ان نتصلب ونقفل على قلوبنا و عقولنا كما وصفه جلت قدرته وعلى قلوبهم اقفالها لن نتحرك من مكاننا بل ان الخسارة هي اكثر ما ينتظرنا مصادرة الحريات ونسف العيش المشترك واضهاد فئة لن يكن حلا ابدا بل هو اشد السبل لتعميق اي ازمة لابد من التصالح وبدء شراكة حقيقة تصب في خدمة وطننا الغالي البحرين .. اللهم اصلح قومي و بين لهم طريق الرشاد

    • زائر 13 | 2:31 ص

      واضح

      الحل موجود بس بس أصحاب النفوذ ما تبي تتنازل عن مراكزها ومصالحها!

    • زائر 12 | 2:11 ص

      اتقوا دعوة المظلوم ..

      ان السياسة التي تعتمد على تغليب فئة على اخرى في نفس المجتمع ليست سياسة محبة للبحرين، ولا تنشد الاستقرار للمجتمع ، فهي ربما تلبي لدى البعض نوع من التشفي والانتشاء المؤقت من الفئة المتفوقة والمبدعة في المجتمع والتي تمتاز بالحراك الثقافي والاجتماعي وذلك عند الاستحواذ على مناصبها ومواقعها في العمل ! لكن الملاحظ بعد فترة وهذا ما سمعناه أنّ الكثيريين من الذين حصلو ا على مناصب ليسو ا أهلاً لها تنتابهم حالات من الضيق والعصبية تنعكس على صحتهم وعلى تعاملهم مع اسرهم ومع الناس عامة

    • زائر 9 | 1:17 ص

      نتمني

      لو السلطه تجلس بصوره صحيحه مع المعارضه وتعمل على حللة القضايا بصوره سلسه دون تعقيد ومماطله وبشفافيه وتعيد كل شئ الى مكانه دون تمييز او تخوين وتطلق جميع المسجونين وتفتح الابواب وتعاقب من قتل وهدم المساجد وحرق القرأن واستغل وظيفته للهدم والتعدي على حقوق الاخرين.

    • زائر 11 زائر 9 | 1:49 ص

      احلام نرجسية

      اخي العزيز في واقعنا المرير اعتبر هذه احلام من الصعب تحقيقها الا بقدرة قادر

    • زائر 8 | 1:17 ص

      من لا يقدم اليوم سيقدم غدا ومن لا يسمع اليوم سيسمع غدا ولكن الفرق بعد كثير من الخسارة

      لا بد من تسوية ترضي الشعب ان لم يكن اليوم فغدا وان لم يكن غدا فبعده هكذا هي مقتضيات الامور وحتمياتها ومن يراهن على الوقت انما يضيع خيرات الوطن وابناء الوطن ومستقبل الوطن. فالشعوب هي من تصنع مستقبل الاوطان وخاصة الشعوب المضحية لا تعرف التنازل والوقوف حتى تحقق ما ضحت من اجله.
      من يراهن على الوقت نقول له ستخسر الرهان وسنذكرك كما ذكرناكم من قبل حين قلنا مرارا ان الوضع قابل للانفجار في اي لحظة بسبب تراكم الاقصاء والعنصرية والفساد وقد حدث ما قلنا وسوف يحدث ما نقوله الآن من يقرأ الشارع جيدا يعرف ذلك

    • زائر 7 | 1:09 ص

      سياسة

      الديكتاتورية سياسة و الديمقراطية سياسة و الحاكم يستخدمهما للوصول الى هدفه.

    • زائر 6 | 1:08 ص

      مطالب شعبنا عادلة وهي متقدمة قليل جدا على مطالب شعوب المنطقة

      تهيمن على مجتمعنا الصغير تضاريس عقدية نتيجة السياسة والاجواء الاقليمة المساعدة والتي ادت الى مناخ قاس الحرار ز كما ادت الى ان جميع محاولات التقارب السياسي وذكر النقاط المشتركة والاهداف الوطنية التي يجب ان تكون محركة للتقارب والتواصل قد تكون عديمة الجدوى نتيجة التمسك الشديد بحكم الفرد الذي وبطبيعة الحاله يستأثر فئة على اخرىز قضيتنا هي مع العقد والامراض النفسية التي تعطي وتمنع وتحكم وتقتل بهواء النفس وليس بحكم العقل والضمير.

    • زائر 4 | 12:56 ص

      وفي النهاية يا دكتور لن يكون هناك مخرج الا بالتسويات التي ترضي الجميع

      اضاعة للوقت والانفس والجهود وخيرات البلد وفي النهاية الحل هو بتحقيق مطالب الشعب قد لا تكون كلها ولكن لا مخرج الا بأن يرضى الشعب عن حل يقدم له كرامته وعزته وانسانيته وغير ذلك فها هو الوقت يمرّ 20 شهرا والسجون مملؤة والشهداء فاقوا المئة وملف المفصولين يؤرق الجميع والشارع في حراك مستمر يتصاعد.
      فمن يراهن على الوقت يخسر ويخسر الوطن الكثير من ابنائه وخيراته والنهاية معروفة وحتمية وهي لا بد من الوصول الى تسوية ترضي هذا الشعب المضحي
      ومن يرى غير ذلك فسنذكره بعد حين

    • زائر 3 | 12:42 ص

      الدكتور يستخدم المنطقة في منطقة غاب فيها العقل

      لقد اسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي

    • زائر 2 | 12:39 ص

      المقال

      أو المتن أبلغ من التعليق..
      شكرا يادكتور،
      ولونارا نفخت بها أضاءت. ولكن أنت تنفخ في رمادِ...
      لقد أسمعت....

      أكرر المقال مميز.

    • زائر 1 | 10:05 م

      اعجبتني هذه الفقرة أكثر

      اقتبس من المقال هذه الفقرة " أمّا إذا كانت رفاهية وأرزاق فئة تعتمد على حرمان فئة أخرى فإنه لا يصبح لدينا مجتمع واحد."

اقرأ ايضاً