العدد 3732 - السبت 24 نوفمبر 2012م الموافق 10 محرم 1434هـ

فكر «الحسين»... التحرر من العبودية

سعيد محمد saeed.mohd [at] alwasatnews.com

في نظر المستشرق الإنجليزي برسي سايكوس، وهو يصف العصبة المؤمنة المدافعة عن الدين الإسلامي تحت راية الحسين (ع) في كربلاء العام 61 للهجرة (680 للميلاد)، فإن الشجاعة الشريفة هي التي منحت لجيش الحسين الصغير العدد في كربلاء هذا الخلود... فهو يقول نصاً: «حقاً... إن الشجاعة والبطولة التي أبدتها هذه الفئة القليلة، على درجة بحيث دفعت كل من سمعها إلى إطرائها والثناء عليها لا إرادياً. هذه الفئة الشجاعة الشريفة جعلت لنفسها صيتاً عالياً وخالداً لا زوال له إلى الأبد».

بينما كنت أشق طرقي متجهاً إلى مركز النعيم الصحي مساء يوم الجمعة لحضور انطلاق حملة الإمام الحسين (ع) للتبرع بالدم في عامها الرابع عشر، قرأت عبارة في لافتة قماشية لها العديد من الدلالات: «الحسين ليس شخصاً، بل هو مشروع. وليس فرداً، بل هو منهج، وليس كلمة بل هو راية». ولعلني وجدت رابطاً بين هذه العبارة وعبارة المستشرق سايكوس، وعندما حاولت أن أبحث عن مصدرها، لم أجد في الحقيقة غير النص الذي كتبه الكاتب العراقي وسام رحمن اليوسفي في موقع «قراءات» ومنه هذه الفقرة: «اعتمد الحسين (ع) على قوّة المنطق، واعتمد عدوه على منطق القوة، ولما سقطت قوة عدوه، انتصر منطق الحسين، وكان انتصاره أبدياً. قبل عاشوراء، كانت كربلاء اسماً لمدينة صغيرة، أما بعد عاشوراء فقد أصبحت عنواناً لحضارة شاملة. تمزقت رايته ولم تنكس. وتمزقت أشلاؤه ولم يركع. وذبحوا أولاده وإخوانه وأصحابه ولم يهن!

إنها عزة الإيمان في أعظم تجلياتها. كان ما فعله الحسين (ع) وأصحابه صعباً عليهم، أن يقاتلوا أو يقتلوا، ولكنهم لو لم يفعلوا ما صنعوا، لكان عليهم أصعب».

ثم يقول اليوسفي: «الحسين (ع) ليس شخصاً، بل هو مشروع وليس فرداً، بل هو منهج وليس كلمة، بل هو راية، ولو شاء الحسين (ع) أن يعتذر عن الجهاد، لوجد كل الأعذار التي يتوسل ببعضها الناس للتقاعس عنه».

جميل هو ذلك النص حقيقةً، ولهذا فإن فكر الإمام الحسين (ع)، هو الفكر الذي تحتاجه الأمة الإسلامية بل وتحتاجه كل الشعوب المسحوقة التي تتشوق للتحرر من العبودية. ولعلني أستشهد هنا بنص آخر للكاتب العراقي ماجد الأسدي، فإن الأفكار الفاسدة في مجتمعنا الإسلامي، والتي فرضها عليه المتمصلحون من الفساد، هي ما يتوجب على الناس التخلص من قيوده، يقول الأسدي: «إننا الآن في هذه المرحلة العصيبة التي يمر بها العالم الإسلامي والعربي من تفكك ودمار ونزاعات طائفية، لابد من التحرر من هذه الأفكار المعادية المفسدة، وعلينا أن نتخذ من فكر الحسين (ع)، ومواقفه العادلة والشجاعة نبراساً ينير لنا صفحات الإنسانية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتلك من مكارم الأخلاق في الدين الإسلامي التي تتطلب الجهد والعمل لصناعة الإنسان القويم في المواقف العصيبة».

هناك صلة وثيقة بين نهضة الإمام الحسين (ع)، ومنهج الإصلاح في أمة جده المصطفى محمد (ص). هكذا نقرأ ما كتبه، على سبيل المثال، المستشار القانوني والمحامي عبدالإله عبدالرزاق الزركاني، بقوله إن علينا أن ندرك تماماً وأن نستلهم من ثورة الإمام الحسين (ع) - التي جسدت أروع صور التضحية - الدفاع عن مبدأ مشروع النور القرآني الذي بدأ الرسول محمد

(ص) بنشر رسالته الإنسانية. رسالة الإسلام المشرق الذي نقل الإنسان من الظلمات إلى النور، فكانت قيادة الإمام الحسين ابن فاطمة بنت محمد عليهم أفضل الصلاة والسلام لا تبحث عن منصب أو مال أو جاه أو حكم، كونها في جوهرها منهجاً مستمداً من القرآن الكريم تهدف لحماية حرية الإنسان وكرامته، ومنحه حقوقه في العيش بحياة كريمة من غير ذل أو ظلم أو استعباد.

لذا، تناول الكثير من المفكرين والعلماء والأدباء من شتى الأديان والمذاهب، أهداف الإمام الحسين (ع) كقضية أممية، حتى وصفها البعض بأن «كربلاء هي الدستور الحسيني للحق والسلام والتآخي بين كل الشعوب المحبة للسلام والتحرر لطلبه الإصلاح، حيث كان ينشد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وقطع الإمام (ع) الشك باليقين عندما حدّد هدف رسالته في تحقيق الحق وتعزيز الكرامات لنشر العدل وإقرار المساواة، ضماناً وحمايةً لحرية الإنسان وحقوقه المشروعة».

ورحم الله الشاعر الكبير المرحوم محمد مهدي الجواهري حينما قال في قصيدته الخالدة «آمنت بالحسين»:

كأن يداً من وراء الضريح

حمراء مبتورة الأصبع

تمد إلى عالم بالخنوع

والضيم ذي شرق مترع

تخبط في غابة أطبقت

على مذئب منه أو مسبع

لتبدل منه جديب الضمير

بآخر معشوشب ممرع

إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"

العدد 3732 - السبت 24 نوفمبر 2012م الموافق 10 محرم 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 14 | 12:10 م

      ابوحسين

      بعد ذلك يكون الجواب على السوأل ين فكر التحرر من العبودية في قضية الامام الحسين والجواب اذن هناك طريقان طريق يقول يجب عدم الخروج على ولي الامر
      لو كان فاسقا فاجرا ويجب ان يطاع ان تقبل بالظلم وتصبر وسيكون لك الاجر والثواب
      من عند الله ا على الظلم والطريق فكر التحرر من العبودية الذي يقول
      لا ظاعة لمخلوق في معصية الخالق حديث شريف ولا تكون عبدا لغير الله وقد خلقك حرا كريما وامرك ان لا تكون عبدا لغيره هل فهمت ياعزيزي فكر التحرر من العبودية بعيدا عن المبالغات والمزايدات في اعداد وارقام القاتل والمقتول

    • زائر 11 | 7:18 ص

      ابوحسين

      الواقع ان جميع حوداث تاريخ الاسلامي بها مبالغات في الارقام الاعداد واختلاف في
      الحوداث لكن القضية هي ان يوجد واقعة الطف بين معسكر الحسين واصحابه
      وجيش يزيد الخليفة الذي ارسل جيشه واستباح مدنية الرسول وقتل اصحاب النبي وارسل جيشه وحاصر مكه المكرمة وضرب الكعبة بالمنجنيق ولك حق في الاختيار من هو على الحق ومن يمثل الباطل ولابجب الخروج علي ولي الامر حتى لوكان فاسق فاجر وان جميع جوداث التاريخ عن يزيد هي قمة التزوير في تاريخ يزيد
      المجيد

    • زائر 9 | 6:12 ص

      استاذي البصري ويش رايك في كلام زاير رقم 3..عبقري ويش

      عبقري اخونه.. شكله ما يدري ان فيه مورخين سنة واجانب..عرب وغير عرب علباله بس المواتم تتكلم عن الحسين

    • زائر 8 | 6:10 ص

      زائر 3 قد تكون في سبات عميق

      اخي زائر 3 ليس بالصيغة اللغوية نبين اننا نفهم...ارثي لحالك حبيبي..تقول كربلاء اكبر قصة تزوير وحصرتها في الخطباء يالك من علمي..اقول كتب التاريخ كثيرة وخصوصا من السنة..راجع تاريخ ابن عساكر واعلام النبلاء

    • زائر 5 | 2:58 ص

      حسين مني وانا من حسين

      السلام عليك ياسيدي ياابا عبداااه الحسين

    • زائر 4 | 2:37 ص

      احب الله من احب حسينا

      قال الرسول الاعضم عليه السلام
      حسين منى وانا من حسين احب الله من احب حسينا وابغض الله من ابغض حسينا
      واما ما يتناولونه مبغضيهم فلا يضر الامام ع السلام شيئا بل يضر صاحبه فى الدنيا قبل الاخره لانهم من اعداء رسول صلى الله عليه واله وسلم

    • زائر 3 | 12:09 ص

      أين فكر التحرر من العبودية في هذه القصة التي تحتاج الى المكاشفة والمصارحة ونشر الرأي المخالف لا الحجب

      أخي سعيد محمد قد تتفاجئ عندما أقول لك بأن قصة كربلاء الحسين هي في الحقيقة قمة تزوير التاريخ ‘ هي تمثل بقعة سوداء في تاريخنا المروي ولا علاقةلها بفكر التحرر من العبودية ، هي قمة الجهل والظلام وتغييب العقل والرقص على العاطفة من خلال ما يرويه خطيب المأتم من تهويل و مبالغات غير موثقة تتمثل في خروج افراد الحسين من الخيام بشكل منفرد لمواجهة الخصم وقتله عددا يفوق عن 400 فردا بالسيف لا بالرشاش وتتقطع اوصاله ولا يفارق الحياة بفعل النزيف ، نحن نحتاج الى المصارحة والمكاشفة من دون تكفير لمعرفة حقيقة التاريخ

    • زائر 6 زائر 3 | 5:10 ص

      ...

      عرفتك انت ملحد صح ؟؟
      لا تتكلم وانت لا تعرف
      تقول تزوير تاريخ اقول لك كفى تزويرا فمعروف نسبة اكتشافات لمسلمين للملحدين
      وجعل علماء مسلمين ملحدين ختى ابن المقفع قلتم عنه ملحد وهو آخر حياته مسلم لأنه قال ببلاغة القرآ قال انه لا يستطيع الاتيان بمثل احدى الآيات من سورة هود
      وأما قولك تهويل فيمكن قتل 400 شخص لكن ليس مرة واحدة وهذا من تزويرك فالسيف مجرد لمسه الرقبة يقتل و الانسان يبقى فترة قبل ان يموت بعد قتل اوصاله وانما يموت بسبب نقصان الدم م\\
      ما شاء الله من الذي لا يفكر يا منافق

    • زائر 7 زائر 3 | 5:24 ص

      ...

      وازيدك من الشعر بيت
      تنظر في كتاب تاريخ انجليزي لا علاقة له بالاسلام ولا بهذا التاريخ
      اسمه
      The Anglo-Saxon Chronicle
      المهم دعنا في تاريخ 63 هجري اي 683 ميلادي
      there was in Britain a bloody rain, and milk and butter were
      turned to blood.
      الرابط ( h....
      مطر دم والحليب يتحول لدم تزوير حتى هنا ؟؟
      لا لا لا مبالغة في التاريخ ويجب تفكير ومعرفة الحقيقة
      من الآن يجب عليه التفكير ومعرفة الحقيقة فنحن نفكر ونعرف الحقيقة

    • زائر 10 زائر 3 | 7:04 ص

      صح لسانك

      انه وياك بسكم تشليخ

    • زائر 12 زائر 3 | 7:19 ص

      ...

      ملاحظة
      حساب التاريخ الميلادي قد تعرض لتقديم وتأخير طفيف من قبل البابوات
      واذا اردت ان تستفسر

    • زائر 13 زائر 3 | 7:21 ص

      ...

      ملاحظة 2
      قصدت 61 لا 63 في ما كتبت

    • زائر 2 | 11:23 م

      عبد علي البصري فما بكى قمر الا على قمر

      بكى نبى الله يعقوب على يوسف حتى ابيضت عيناه من الحزن ؟؟؟فهل يا ترى بكائه بكاء ابوه ؟؟؟ اذن اين قوله فصبر جميل والبكاء حتى تبيض العينان ليس في الصبر من شيء ؟؟!!!!!!! فلو لم يكن البكاء على يوسف محمود لما بكى عليه يعقوب حتى ابيضت عيناه من الحزن . ولو كان البكاء على يوسف يخدش بالايمان وبالصبر لما قال يعقوب فصبرا جميل أو لما بكى عليه حتى تبيض عيناه من الحزن . وحزن رسول الله على خديجه وأبو طالب جزنا كثيرا وسماه عام الحزن . وما زال رسول الله يذكر خديجه حتى مات.

    • زائر 1 | 9:26 م

      الحسين للاسلام عز

      بارك الله فيكم استاذي..هذا يوم عاشوراء..يوم الاسلام.. عز الاسلام

اقرأ ايضاً