العدد 3936 - الأحد 16 يونيو 2013م الموافق 07 شعبان 1434هـ

نقترح تجريد مشروع قانون الصحافة الجديد كليّاً من الإحالة إلى أحكام قانون العقوبات

مراجعة شاملة للقانون رقم (47) لسنة 2002 بشأن الصحافة والتعديلات الجوهرية المقترحة بشأنه (8)

حسين محمد البحارنة comments [at] alwasatnews.com

لبيان أزمة تواجد المؤسسات الصحافية المستقلة في البحرين في ظل قانون الصحافة الحالي، نشير إلى حقيقة أن إحدى الصحيفتين المستقلتين اللتين لا تعتمدان على المساعدات المادية الحكومية، وهي صحيفة «الوقت»، توقفت عن الصدور بتاريخ 3 مايو 2010 نتيجة لإعلان إفلاسها نظراً للديون المتراكمة عليها لأنها – حسب قولها – لا تستطيع الاستمرار معتمدة على الاشتراكات والاعلانات وحدها لقلة مدخول هذه الاعلانات في البحرين. وهذا دليل على أزمة الصحافة المستقلة في البحرين التي لا تعتمد على المساندة المالية من الحكومة، والتي، مع ذلك، قد يختلف وضعها قليلاً اليوم بالنسبة لحرية الكتابة والنشر عن وضعها السابق الأسوأ خلال السنوات التي تلت تطبيق المرسوم بقانون أمن الدولة لسنة 1974 وحتى بداية عهد ميثاق العمل الوطني الإصلاحي في سنة 2001.

7 - يتضمن الفصل الرابع من الباب الثالث المواد 83،75،63 بشأن «الرد والتصحيح»: ونخصص تعليقنا على هذه المواد بالذات التي تتناول حكماً شديداً في نظرنا. ذلك أن الفصل الرابع من هذا الباب يتضمن في المادة 63 منه مثلاً، حكماً شديداً بشأن «الرد والتصحيح»، إذ يقضي أنه إذا لم يتم تصحيح الخبر المنشور المعترض عليه ضمن فترة الثلاثة أيام المقررة للتصحيح في المادة 60، يعاقب الممتنع عن نشر التصحيح «بغرامة لا تقل عن ألف دينار ولا تجاوز ألفي دينار». ويتضمن نص هذه المادة الحكم بالعقوبة وبالتعويض معاَ. كما للمحكمة أيضاً أن «تأمر بنشر الحكم الصادر بالعقوبة وبالتعويض المدني معاَ. في صحيفة يومية واحدة على نفقة الصحيفة، فضلاً عن نشره بالصحيفة التي نشر بها المقال أو الخبر موضوع الدعوى..». هذا التشدد في حكم هذه المادة بالنسبة للعقوبة لا ضرورة له، وكان يجب تخفيف الحكم بشأن نشر الرد والتصحيح، حينما يكون التأخر في نشر الرد والتصحيح عن مدة الثلاثة أيام غير مقصود، ولم تتوافر فيه سوء النية. بينما يكفي في هذه الحالة في الدول الديمقراطية نشر اعتذار الصحيفة التي نشرت المقال أو الخبر المعترض عليه دون توجيه أية عقوبة جنائية ضد الصحيفة أو ناشر الخبر.

8 - يتضمن الفصل 6 من الباب 3 المواد 68-75 بشأن المسئولية الجنائية عن الجرائم التي تقع بواسطة النشر في الصحف: هذا الفصل بالذات معترض عليه شعبياً وصحافياً نظراً للعقوبات الشديدة التي يفرضها على رئيس تحرير ومحرري الصحف، وكذلك لأن مواد هذا الفصل تحيل أيضاً إلى عقوبات أشد ينصّ عليها قانون العقوبات أو أي قانون آخر. المطلوب رفع عقوبة الحبس أو العقوبة المقيدة أو السالبة للحرية عن رئيس تحرير الصحيفة ومحرريها عموماً، وكذلك رفع عقوبة الغرامة المفروضة على رئيس التحرير على أساس مسئوليته الافتراضية عن المواد المنشورة بالصحيفة من قبل الكتاب والمحررين. وحينذاك يكون كل كاتب أو محرر مسئولاً شخصياً عن كتاباته أو مقالاته. وسند هذا القول هو شخصية العقوبة وفقاً للمادة 20 من الدستور. كما يجب رفض الإحالة إلى قانون أشد في العقوبة وهو قانون العقوبات الذي تجرم أحكامه حالات تدخل في صميم حرية الرأي والتعبير وفقاً للمادة 23 و 24 من الدستور. وقد أكد تقرير لجنة تقصي الحقائق في الصفحتين 394-395 منه «أن المواد 165، 168،169 ،179 ،180 من قانون العقوبات استخدمت من قبل محاكم السلامة الوطنية إبان أحداث فبراير ومارس 2011 «لمعاقبة المعارضة وردع المعارضة السياسية». كما يؤكد التقرير في الفقرة 1281 على أنه «جرى تطبيق المادة 165 من قانون العقوبات تطبيقاً ينتهك حرية الرأي وحرية التعبير». أما الفقرة 1282 من التقرير فتؤكد أن المادة 168 من قانون العقوبات «تضع... قيوداً واسعة النطاق على ممارسة حرية الرأي والتعبير من خلال تجريم من أذاع عمداً أخباراَ أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة أو بث دعايات مثيرة». وتعلق لجنة تقصي الحقائق على هذا النص بقولها: «إن غياب حدود واضحة تحكم تطبيق هذا الحكم والغموض الذي يكتنف التعبيرات التي تتضمنها هذه المادة، يثير القلق من القيود المفرطة الاتساع التي تفرضها هذه المادة». وعلى هذا الأساس، نقترح تجريد مشروع قانون الصحافة والطباعة والنشر الجديد كلياَ من الإحالة إلى أحكام قانون العقوبات الأشد قسوة في عقوباته التي يفرضها على الصحافيين.

إن المسئولية الجنائية المقررة بموجب مواد هذا الفصل على رئيس تحرير الصحيفة ومحرريها والمشاركين بالكتابة فيها عموماً، لا تتفق مع أحكام الدستور وحرية التعبير ومبدأ «شخصية العقوبة» التي تقررها المادة 20 من الدستور. وكان يجب أن ترفع عن رئيس التحرير مسئوليته الافتراضية عن المحررين والكتاب. وجدير بالذكر أنه صدر مؤخراً من المحكمة الدستورية حكم يرفع المسئولية الافتراضية عن موزّعي الكتب والمجلات فيما يتعلق بالمادة المطبوعة فيها حيث يظل المؤلفون مسئولين مسئولية أصلية عن المادة المطبوعة، لذلك يجب رفع المسئولية الافتراضية عن رئيس التحرير.

ان المادة 68 من هذا الفصل تفرض على رئيس التحرير وعلى المحرر المسئول عن الأفعال التي تتضمنها هذه المادة، «عقوبة الحبس لمدة لا تقل عن ستة أشهر وذلك مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو أي قانون آخر». وتتضمن المواد 69، 70، 71 من قانون العقوبات، الحكم بعقوبات على رئيس التحرير والمحرّر المسئول وبغرامات تتراوح بين 1000 - 2000 دينار. أما المادة 74 فتنص على أنه «مع عدم الاخلال بالمسئولية الجنائية بالنسبة لكاتب المقال أو المؤلف أو واضع الرسم أو غير ذلك من طرق التعبير، يعاقب رئيس التحرير عمّا نشر في الصحيفة لو تعددت أقسامها وكان لكل منها محرر مسئول عن القسم الذي حصل فيه النشر»، وتكون الصحف مسئولة بالتضامم مع محرّريها عن التعويضات المحكوم بها للغير من جراء النشر فيها».

إن أحكام هذه المواد الشديدة يجب أن تجرد من عقوبة الحبس، مع الاكتفاء بالغرامات على أن تخفف هذه الغرامات أيضاً. كما يجب تعديل هذه المواد بحيث ترفع عقوبة الحبس أو الغرامة عن رئيس التحرير ومسئولي الصحيفة إذا كانت العقوبة الموجهة إليهم تقوم على أساس مسئوليتهم الافتراضية التي تتعارض مع مبدأ شخصية العقوبة. ويسأل كل كاتب أو محرّر بمفرده عن ما تتضمن مقالاته في الصحيفة من مخالفات أو إساءات للغير أو ذوي الشأن، على أن تجرد العقوبة المفروضة من عقوبة الحبس، وبخاصة حينما يثبت الكاتب أو المحرر توفر مبدأ حسن النية في المقال. وفي هذه الحالة يكفي نشر اعتذاره في الصحيفة إذا كان نشر الخبر في الصحيفة صادراً بحسن النية، إلا في حالة الإساءة المتعمدة أو ارتكاب جريمة القذف المعاقب عليها بموجب قانون العقوبات.

كما أن الإحالة في هذا القانون إلى النص على عقوبة أشد في قانون العقوبات، تؤدي إلى مصادرة الحقوق العامة للمواطنين في التعبير عن آرائهم وأفكارهم بحرية تامة، الأمر الذي يدعو إلى حذف هذه الإحالة إلى قانون العقوبات، والاكتفاء بالعقوبات التي يتضمنها قانون الصحافة المعدّل، وفقاً للتوصيات المبينة في هذا البحث. أما فيما يتعلق بجرائم القذف والسب والتشهير المنسوب إلى رؤساء تحرير ومحرّري ومراسلي الصحف، فإن هذه الجرائم ـ عند ثبوتها ـ تخضع بطبيعتها لقانون العقوبات باعتباره القانون العام الخاص بالجرائم والذي يخضع لأحكامه كل المواطنين من صحافيين وغيرهم بصفتهم الشخصية.

وكان الأولى بمملكة البحرين الدستورية أن تسلك النهج المتبع في الدول الديمقراطية الحقة التي تطلق حرية الصحافة والطباعة والنشر دون فرض قيود عليها بقوانين تنال من جوهر الحق والحرية. وبذلك، يخضع في هذه الدول رؤساء التحرير والمحررون والكتاب إلى الجرائم المقررة في قانون العقوبات باعتباره القانون العام الذي يتعلق بجرائم القذف والسب والتشهير ونشر الأخبار الكاذبة. كما يخضعون للمسئولية المدنية فيما يتعلق بحقوق المشتكين عليهم بالمطالبة بالتعويضات المادية والمعنوية عن الأخبار الكاذبة المنشورة عنهم. إلا أن القانون في هذه الدول يعطيهم الحق في الاعتذار – دون فرض عقوبات عليهم – عن نشر الأخبار الكاذبة في صحفهم حين يكونوا قد نشروا تلك الأخبار بحسن نية ودون إمكانية التحقق من صحتها. وبهذه المناسبة، يجب أن نبين أن الدستور الأميركي المعدل، ينص صراحة على انه لا يجوز للكونغرس أن يصدر قانوناً «يقلص أو يحدّ من حرية الرأي والتعبير للمواطنين».

أما المادة 75 من هذا الفصل، فتنص على أنه «إذا حكم على رئيس التحرير أو المحرّر المسئول في «جريمة نشر» ارتكبت بواسطة الصحيفة، جاز للمحكمة الحكم بتعطيل الصحيفة مدة لا تزيد على ستة أشهر. ثم تقرر هذه المادة بأنه «في حالة الحكم بالعقوبة مرة ثانية على رئيس التحرير أو المحرّر المسئول لذات الصحيفة في جريمة من الجرائم المذكورة... حكم بتعطيل الصحيفة أيضاَ مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر و لا تزيد على سنة، مع جواز الحكم بإلغاء الترخيص». الأحكام التي تتضمنها هذه المادة أحكام قاسية، ويجب إزالتها من القانون أو تخفيفها. كما يجب على المحكمة الامتناع عن تطبيق هذه الأحكام إذا كانت تخالف مبادئ حرية الرأي والتعبير المبينة في كل من المادتين 24،23 و المادة 31 من الدستور بشأن «جوهر الحق».

9 - يتضمن الفصل 7 من الباب 3 المواد 76- 89 بشأن الإجراءات والمحاكمات الجنائية: وبالرجوع للمادة 83، نجدها تتضمن أيضاً نصاً معيباً دستورياً يجري كالتالي: «في الأحوال التي تكون فيها المطبوعات موضوع المؤاخذة قد نشرت في الخارج، يعاقب المستوردون والمتداولون للمطبوع بالعقوبة المقررة لجريمة النشر المنصوص عليها في هذا القانون». ونرى أن هذه عقوبة افتراضية جائرة أيضاً، ويجب إزالتها من القانون كلياً. وقد سلكت المحكمة الدستورية مؤخراً مسلكاً دستورياً صحيحاً حين رفضت تطبيق هذه العقوبات الافتراضية على المستوردين والمتداولين للمطبوعات المعترض عليها وذلك لتعارضها مع مبدأ شخصية العقوبة المقررة في المادة (20) من الدستور.

وتأكيداً لما أسلفنا، فان المادة 83 من القانون تتضمن عقوبات شديدة تتعارض مع نص المادة 20 (ب) من الدستور التي تنص على أن «العقوبة شخصية». وعليه لا يمكن تقرير المسئولية الجنائية للمستوردين والمتداولين للمطبوع المنشور في الخارج، فالعقوبة المقررة لجريمة نشر المطبوع في الخارج دون ترخيص من الوزارة المعنية، لا يمكن أن تشمل بأي حال المستوردين أو المتداولين للمطبوع الممنوع نشره في البحرين. وتعقيباً على ما أسلفنا، فقد صدر مؤخراَ حكم المحكمة الدستورية بتقرير عدم دستورية نص المادة 83 من هذا القانون. وبمقتضى حكم هذه المحكمة، «لا يجب تقرير المسئولية الجنائية الافتراضية للمستوردين والمتداولين للمطبوع غير المرخص له والمنشور في الخارج» لأن هذا الإجراء يتعارض مع مبدأ شخصية العقوبة حسب المادة 20 من الدستور. ناهيك أن القانون لا يجب أن يفرض رقابة مسبقة على ما يكتب في الصحف وغيرها من وسائل الإعلام، لان مثل هذا الإجراء يشكل إخلالاً بحرية التعبير والحرية الفكرية عموماً التي يقررها الدستور، كما يتعارض مع المادة 31 من الدستور المتعلقة بـ «جوهر الحق». (يتبع).

إقرأ أيضا لـ "حسين محمد البحارنة"

العدد 3936 - الأحد 16 يونيو 2013م الموافق 07 شعبان 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 8:54 ص

      من الشوارع لكن عاد وين الشرع دين أو دندنه أو قانون مو متكر بس مخترع

      من المقولات قال من قال ما ندري بس قال عرفنا شاي أبو سيفين وشفنا سيفين ونجله بس عاد في الجيل الصاعد من عمر الوراء والنتيجه لا تزال تعاد والاصابات كثيره خنجرين مقلوبين وفوقهم تاج. يعني بدل عد اله وميزان صار لدينا الاحتراب والقوه بدل السلم والسلام. وقد حيا الله النبي محمدا بالسلام ودين الله الاسلام ولا دين غيره. من أينا جاء اليهود بدينهم إذاً؟ يمكن من التجاره أو من العربده أو من وين بعد أكيد كرفتون الذي بالي بالك . ويش مو عدل تبغونها عوجه وهذا العدل موزر ما يندره بدش بحر أوبروح شارع محمد علي باشا

    • زائر 1 | 4:38 ص

      القانون لا يقترح ولا ينزرع بس..

      هل القوانين تقترح؟ أو تنتخب؟ أو تؤلف؟ عرف العلماء أن القانون لايتغير لا بمرسوم ولا بقول قائل..
      إحالة المراسيم على التقاعد ومحاسبة من شرع وتشريع البحرين قول الحق وليس الباطل. فكيف يستبدل الذي أعلى بالذي هو ادنى؟ فأيهما أعلى قول الله أم قول مخلوق من مخلوقات الله؟ ماينعرف ليكم ولا يندره يعني.

اقرأ ايضاً