العدد 4049 - الإثنين 07 أكتوبر 2013م الموافق 02 ذي الحجة 1434هـ

عودة لمشاعر بحرينية في القطار

محمد حميد السلمان comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

«نعم حدث كل هذا... حيث شاهدنا الفوضى التي أدت إلى اختناقات وتعطيل دون سبب في موسم الحج».

«المسئولون الذين يهمهم الأمر ولا كأن يهمهم الأمر، تجدهم شاطرين فقط في إزعاج الحجاج بتشغيل (صوايات) الإنذار والسرعة».

«انتظرنا ما يقارب الثلاث ساعات لكي نعبر بوابة من بوابات محطة القطار مع حالات الإغماء عند الحجاج خاصة النساء... كانت الفوضى في كل مكان».

«والأكثر ألماً... هو الحال في عرفة، فقد ضاقت بالحجاج .. كنا نحتاج لقضاء الحاجة لأكثر من نصف ساعة في صف طويل، فالحمامات التي أُنشئت العام 2000، لم تتغير بل اعتراها الخراب».

«يمكنني التعليق بأنها فوضى عارمة... لا اكتراث بالحجاج.. ولا إنسانية بتاتاً. الحجاج محصورون في موقع القطار، كحظيرة للمواشي، لمدة تتجاوز أربع ساعات، وبدون أدنى خدمة، ولا يمكنك التحرك من موقعك ولا للحظة كأنك في حلم أو خيال. يا لها من لحظات عصيبة عشناها في تلك الليلة... ليلة مزدلفة».

«بصراحة شديدة.. حسيت في تلك الليلة بأننا فعلاً قطيع من الغنم المنفلتين في كل مكان، بدون رعاية وبدون حتى ماء!».

هذه مجرد لمحات وكلمات مما سطرته أقلام الحجاج في موسم حج العام الماضي تعليقاً على ما نشرناه حينها حول ما حدث في قطار المشاعر أو «ليلة مزدلفة»، كما سماها الحجاج، وما أدراك ما ليلة مزدلفة، حين يزدلف ملايين الحجاج من موقعهم للوصول إلى موقعي منى والجمرات في قطار كان بلا مشاعر وقتها.

ولا نريد أن نكرّر كلمات كل عام في مثل هذه المناسبة الإسلامية الطيبة التي تهفو فيها القلوب والنفوس إلى حج بيت الله الحرام والتشرّف بزيارة مقام نبيه الكريم؛ حيث القيل والقال وشكوى الحجاج وأصحاب حملات الحج من ضيق الأماكن المخصّصة لهم، وردود المسئولين هنا وهناك بأن كل تلك الشكاوي غير صحيحة ولا صحية وأن الوضع «طبيعي جداً» وعلى ما يرام.

ولكن يبقي السؤال الملح والذي لابد من وضع إجابة شافية له، كما وضعها البرتغاليون للحجاج المسيحيين بموقع «فاطيما» في البرتغال؛ ألم يحن الوقت لوضع خطة استراتيجية، إذا كان هناك فهم لها، لضبط وربط وتنظيم موسم الحج على كافة الُصعد وبلا مشاكل جمة؟ أيمكن مع كل تلك الأموال الضخمة التي تُصرف على التوسعات العملاقة، وبالذات حول الحرمين النبوي والمكي؛ أن تبقى مثل هذه القضايا الصغيرة فعلاً هي سبب أكبر المشاكل في كل موسم؟

وعلى المستوى البحريني، لماذا يبقى الخطاب هو كما هو مكرر في كل عام بل في كل مناسبة جماهيرية تحدث فيها مشاكل، بنفي وجود حالات خطيرة تثير القلق بخصوص وضع حجاج البحرين، وأن كافة الأوضاع في مجالها «الطبيعي»! حيث يتواجد المسئولون دائماً وأبداً في مواقع الحدث، ويتابعون ومعهم مجموعة من الأطباء والممرضين التابعين للبعثة لمتابعة كل الحالات والتأكد من وصول كافة الخدمات بسلام إلى أماكن تواجد الحجاج.

فهل هي عادة إدمان التصريحات المدوّنة مسبقاً في أوراق بالية وأقراص مدمجة محفوظة بسلام وعناية فائقة في ذاكرة بعض الموظفين تحسباً أو خوفاً من المسئولين الكبار. ولذا سرعان ما نجدهم، عند كل حادث يقع للحجاج يستخرجون ذات الأوراق ويعيدون طباعة نفس «التترات» الكلامية كل عام: بأن الوضع ليس هناك أفضل منه، وأن الناس يبالغون، ولعملنا يُنكرون، ولراحتهم فقط هم يطالبون، ولا يجعلوننا ندافع عن أنفسنا أمام ولاة الأمر ونثبت لهم بأننا موالون بالبصمة، وما نحن إلا مجرد موظفين ننفذ الأوامر العليا، أعلى الله مقام الجميع، آمين رب العالمين، ونسألكم الدعاء لنا ليغفر خطايا كل المسئولين عند عرفة!

ورسالة من حاج، لمن شمر عن ساعديه من ذوي تلك النفوس التي تسببت في إيذاء إخوان لهم في الوطن، طوال ثلاثين شهراً أو يزيد، بأيديهم، أو بلسانهم، أو بفتنتهم التي لم تنجلِ بعد؛ ندعو لهم بأن يهديهم رب العباد وهم عند ضريح المصطفي (ص)، وهم يعتمرون، وهم في طلب المغفرة والتوبة في عرفة، وهم بين المزدلفة ومنى والجمرات، وهم في طوافهم بالبيت العتيق، وهم في سعيهم بين الصفا والمروة؛ أن يعودوا مغفوري الذنوب بما وعدوا به ربهم الغفور بألا يعودوا لما كانوا فيه من غي وأذى لإخوانهم في الدين، وإن اختلفوا في المذهب، وأن يقفوا مع الحق حقاً، ويرفضوا الباطل باطلاً جملةً وتفصيلاً، وألا يعودوا صفر اليدين وكأنك «يا بوزيد ما غزيت».

كما ندعو بألا تمر مواسم الحج تلو مواسم، وتبقي النفوس المريضة، بحب السلطة والجاه والنفاق والتوحش مع الأخ في الوطن، كما هي لا يُصلحها موسم ولا حشر، وألا يبقى الشيطان كامناً بين ثنايا نفوسهم، بلا رمي حقيقي بجمرات الحق وعدم الخوف من مسئول أو تحسباً للبقاء في منصبٍ بالٍ لن يخلد، وألا ينسى هؤلاء مرضاة الله سبحانه وتعالى ولا أحد سواه، فمن المفترض أن يسعوا وراءها مع نهاية كل موسم، وألا يسعوا لمرضاة المخلوق الضعيف، وإن قويت شوكته ضد بني البشر إلي حين.

ونرجو هذا العام، ألا تكون عملية إعادة البناء والتعمير، بجانب وجود «المعجزة الهندسية»، كما يقال، وهي قطار المشاعر المقدسة لخدمة حجاج بيت الله الحرام بين عرفات والمزدلفة ومنى، بإدارة من تلك الشركة الصينية العملاقة لإنشاء السكك الحديدية؛ وألا يكون دخول عدد كبير من الحجاج غير النظاميين لموسم الحج، حيث بلغوا العام الماضي بحسب التصريحات الرسمية حوالي 1,400 مليون حاج! ومنهم من يركب القطار دون تذاكر مع أن هناك بوابات إلكترونية تفحص التذكرة وتوقف من لا يملكها؛ ألا يكون كل هذا سبباً لتكرار ما حدث في الموسم السابق، وكفى المؤمنين عثرات الطريق وسوء المنقلب، وجنبهم سيئات أنفسهم، وسيئات الذين يتكلمون أكثر مما يعملون، وحج مبرور وذنب مغفور مسبقاً.

إقرأ أيضا لـ "محمد حميد السلمان"

العدد 4049 - الإثنين 07 أكتوبر 2013م الموافق 02 ذي الحجة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 4:28 ص

      حتى الغرب

      حتى الغرب مستفيد من مكة والمدينة اشك ان ماعندهم استثمارات كالفنادق وغيرها مثل فرنسا

    • زائر 3 | 2:32 ص

      ما أكثر ضجتهم لكن وين حجتهم؟

      يقال قال علي زين العابدين عليه وعلى أله أفضل الصلاة والسلام : ما أكثر الضجيج وما أقل الحجيج- يعني معال وأثار الإسلام المحمدي صلى الله عليه وآله وسلم قد طمست والناس تحج ليش؟

    • زائر 1 | 12:45 ص

      تصدق على

      فرضاً ما فيه مكان للحمامات يسوون حمامات عشرة طوابق كل طابق فيه 20 حمام اذا مو اكثر فلوس الحجاج وين تروح والله فالحين بس في تمويل مدينة طبية وهرار

اقرأ ايضاً