العدد 4058 - الأربعاء 16 أكتوبر 2013م الموافق 11 ذي الحجة 1434هـ

هذيان أم إعلام؟

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

كلمة الإعلام مستمدة من أعلم بالشيء أي أخبر بالشيء، وهذا الشيء يشمل كل ما يمكن تصوره وما لا يمكن تصوره.

ورغم أن الصحافة غير منزهة عن الخطأ والكذب والغشّ، والصحافيون ليسوا جميعاً ملائكة، إلا أنه أضحت للصحافة قواعد وأصول مهنية وأخلاقية، وأصبحت الصحافة تدرّس في الجامعات والمعاهد الخاصة وليست مهنة من لا مهنة له.

كما أن الإعلام تطوّر إلى ما يعرف بالتخصص، فأصبحت الصحيفة أو المحطة الفضائية أو الموقع الإلكتروني يضم أعمدة أو برامج الرأي، حيث يدلي الصحافي برأيه، وغالباً ما توضع عبارة تنبيه، بأن هذا المنشور لا يعبّر بالضرورة عن رأي الصحيفة. كما أن صنفاً آخر من الصحافة الذي يعتمد على التقصي للحقيقة إما بنقلها كما تجري على أرض الواقع أو التحقّق من جميع الوقائع المرتبطة بقضية أو حادثة أو شخصية ما من مختلف المصادر، ومقارنتها ببعضها لاستخلاص الحقيقة، وهي نسبية بالطبع، ولكن في دلمون بلد العجائب فإن الإعلام عندنا سواءً كان إذاعة أو تلفزيوناً أو صحافة في أغلبها أو وكالة أنباء، تحولت إلى أدوات توجّه بالريموت كنترول. وتستطيع تبين ذلك بسهولة من خلال تناول قضية بذات الموقف المكرّر، سواء في مانشيتات الصحافة أو أعمدة الصحافيين. ولقد وصل الهذيان الإعلامي إلى قعر لا قرار له، وكلما اعتقدنا أن هذا هو خط الانحطاط، نفاجأ بالمزيد من الهبوط، حتى أضحى الوضع كوميديا سوداء لا تدرى أن تضحك أم تبكى على هذا الوضع.

لقد سبق أن زوّرت رسالة مرسلة من الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون إلى القيادة السياسية في بداية عهد الانفتاح، وعمّمت السفارة الأميركية بياناً نشرت فيه نص الرسالة الحقيقي، لكن الصحف ذاتها لم تنشر التصحيح، مع أن القانون يلزمها بذلك، ولكن أي قانون؟ أذكر أنه في يونيو 2001، وبعد رجوعنا من المنافي، التقينا كمجموعة من الشخصيات السياسية الديمقراطية المعارضة بالقيادة السياسية، وكان الحوار صريحاً وشفافاً لمدة ساعتين وخرجت علينا صحيفة لتنقل عن ألسنتنا مجموعة من المواطنين التقوا بالقيادة السياسية، وعبّروا عن شكرهم العميق للسماح لنا بالرجوع إلى وطننا، وهو ما لم يحصل، حيث كانت القضية الوطنية والمستقبل السياسي للبلاد والإصلاحات المطلوبة محور اللقاء وليس التعبير عن قضايانا الشخصية. ورفضت الصحيفة نشر توضيحنا، وعبارة مجموعة من المواطنين مستفزة، وكأننا أناس مجهولون.

لكن ذلك يهون أمام هذيان وهلوسات وسائط الإعلام الحكومية وحوارييها، حيث انحدرت في مختلف الميادين إلى الشتم والتشهير والتحريض والكذب وبث الكراهية بحق ليس القسم الأكبر من الشعب وقياداته السياسية والمجتمعية فقط، بل امتد ذلك إلى قيادات عالمية مثل المفوض السامي لحقوق الإنسان نافي بيلاي، كما طالت دولاً ومنظمات وبرلمانات وأحزاباً وشخصيات.

كما لا تتورع عن فبركة حوادث وقضايا وآخرها ما يدعى بتصريحات الجنرال شيلتون (رئيس الأاركان الأميركي الأسبق) لمحطة (سي إن إن) المزعومة حيث نفت كلٌّ من الخارجية الأميركية والمحطة نفسها والجنرال شيلتون ما نشرته الصحيفة، ورغم ذلك تصر الصحيفة ذاتها على أن ما نشرته صحيح!

هذه الصحافة تدقّ طبول الحرب ضد أميركا ورئيسها وسفيرها ومسئوليها، وتدعو إلى مقاطعة أميركا، وفك التحالف الاستراتيجي معها، وإغلاق قاعدتها وقيادتها الإقليمية. والتحالف شرقاً مع فرموزا مثلاً، انطلاقاً من أنهم يعبّرون عن رأي غالبية الشعب الذي يشتمونه، فيما القيادة السياسية تؤكد أن العلاقات مع أميركا ثابتة، والتحالف الاستراتيجي ثابت.

وفي الوقت ذاته تتهم هذه الصحافة المعارضة الوطنية والحركة الحقوقية المستقلة بأنهم عملاء لأميركا لمجرد لقاءاتهم مع دبلوماسيين أو مسئولين أميركيين. ونحن بدورنا نسأل: مادام البلد، حكومةً وشعباً، موالاةً ومعارضة، حلفاء لأميركا فما العتب في ذلك؟

وقد بلغ الشطط ببعضهم بالترويج أن هناك تحالفاً ومؤامرة أميركية إيرانية إسرائيلية ضد دول الخليج وفي مقدمتها البحرين.

ونستطيع أن نستطرد إلى ما لا نهاية في سرد هذه التخريفات والفبركات والأكاذيب، ويبدو أن القائمين على هذه الصحافة يعملون بنصيحة مفوض الإعلام النازي جوبلز: «أكذب ثم أكذب حتى يصدقك الآخرون»، أو حسب المقولة الشعبية «يكذب الكذبة ويصدقها».

كان يمكن لذلك أن يجدي في الماضي، لكننا في زمن أضحت فيه المعلومة مشاعةً ويسهل الوصول إليها عبر الفضاء الإلكتروني ووسائط التواصل الاجتماعي، موثّقةً بالصوت والصورة من هاتف عادي.

سيأتي اليوم الذي تكنس فيه الحقيقة فبركات الصحافة المأجورة التي يحركها الجشع والحقد، وليس البحث عن الحقيقة، وهذا الاعلام الذي خان مواثيق الشرف التي وقّعها على نفسه وجرى إعلانها في احتفالات باذخة في فنادق السبع نجوم.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 4058 - الأربعاء 16 أكتوبر 2013م الموافق 11 ذي الحجة 1434هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 24 | 8:39 ص

      ويموت كونترول

      هؤلاء اللذين تقصدهم لم يتعلموا شيئا غير تبجيل الأشخاص والتطبيل لآسيادهم فكيف نتوقع منهم ان يعرفوا حقوقهم ويطالبون بها تجمدت عقولهم وعلاها الصدأ فاصبحوا غير قادرين على التفكير إلا بالتوجيه

    • زائر 22 | 6:34 ص

      ع ع

      مقال جداً راقـي ويثلج الصدر ، أيها الأحرار تابعوا مقابلة جهاد الخازن بتاريخ 4/6/2012 فـي قناة B.B.C عن البحرين وماذا قال عن مطالب المعارضة .

    • زائر 20 | 5:28 ص

      ليس هذيانا إعلاميا فقط

      الهذيان شمل الجميع من رجال الدين الى التربويين و الوزراء و التجار و مدراء المدارس ...الجميع أصبح يهذي للتنافس على الحصول على الجائزة المادية

    • زائر 19 | 5:23 ص

      مجهول

      من أجمل ما قرأت في توصيف الإعلان المأجور
      سلمت أناملك أستاذي

    • زائر 18 | 5:22 ص

      مقال اكثر من رائع

      الشكر الجزيل لك دكتور.. فعلا انا شخصيا اتعلم من خبرتك السياسية وعسى الله يفحظك ويخليك لأهل البحرين

    • زائر 17 | 4:45 ص

      امانة الكلمة

      المشكلة في من يريد ان يستمع الى تحليلاته ويتجاهل الاخرين ويلغي تعليقاتهم حسب مزاجه !

    • زائر 16 | 4:37 ص

      هيرالد تربيون

      لماذا لا تنصح جنرال شليتون ان يرفغ القضية على هيرالد تربيون الامريكية لان الخبر المقابلة نزل فى هذه الجريدة او انك لم تسمع ان هناك جريدة تسمى هيرالد تربيون الامريكية

    • زائر 15 | 4:09 ص

      في عقول تصدقهم

      اعتقد انهم يكتبون لكي يشبعوا رغبة بعض الذين يصدقونهم امثال جماعة الكراهية الطائفيه وجماعة المال وجماعة المستحمرين ... والدليل في العمل نري من يشتري هذه الصحف وهي كلها كوبي وبيست وكلها ادوات بيد السلطة والحكم عقيم ومن نازعهم الحكم فالويل ويله و دوام الحال من المحال لكن متى يتغير الحال ? لا نعلم ولكن الثابت هو التغيير اللهم اجعل لنا من امرنا رشدا وغير سوء حالنا بحسن حالك انك القادر على كل شيء.

    • زائر 14 | 4:04 ص

      لقد ضربنا عن اعلامهم صفحا

      ليس لنا باعلامهم المريض شيئا فقد اثبت منذ عقود انه اعلام لا يستحق ان يضيع الانسان من وقته دقائق لكي يسمع ويرى ما يجعله يتقيء

    • زائر 13 | 3:53 ص

      اعلامهم ينعق في واد والعالم في واد آخر بعيد عنهم

      قبل 2011 ونحن لا نعير اعلامهم اي اهتمام وبعد 2011 زاد الطيب بلّة حيث اصبح الاعلام سبا وشتما وقذفا وكذبا وفبركة وقل ما شئت من الصفات الرذيلة والرديئة لذلك سددنا آذاننا عن اعلامهم وسبباهم وقيحهم

    • زائر 12 | 3:46 ص

      يقال قال جحا المشكله أمريكيه لكن البحرين مبتلشه!

      سأل جحا كيف يمكن إعادة شحن بطاريات السيارات كما سأل كيف يمكن إعادة شحن المجتمع وصناعة مشاكل لا تنتهي؟ أجاب قرعويه بإستدعاء الأشرار – يعني شياطين وأبالسه وأولاد إبليس يتعاونون على الشعوب ويبيعونهم أسلحه وبدون قانون ولكن شكل محكمه لكن ما تحكم بالعدل ولا تساوي في الحق بينما يوجد وزير عدل. هنا تعجب جحا كيف يكون للعدل وزير؟ ولما للإسلام شئون؟ يعني الشئون الإسلاميه...

    • زائر 11 | 3:41 ص

      أروع ما خطته يداك عسى الله يحفظك

      اروع ما قرأت لك هذا المقال الذي وصّف حالة الاعلام المتهالك بدقة متناهية بل واعطى نتيجة هذه الاعلام وهي نتيجة حتمية لأن الزبد يذهب جفاءا واما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.

    • زائر 9 | 3:01 ص

      سياسة نظام

      السياسة الرسمية للبحرين مع أمريكا معلنه، السياسة غير الرسمية للبحرين غير معنله ويقوم بهذا الدور ابواق صحف وصحفيين واعلاميين وعقيد ورئيس تجمع وغيرهم....

    • زائر 8 | 2:27 ص

      هل هناك وجه آخر للحقيقة لا نعلمه !

      حتى لا تتهم بإغفال بعض الأمور أوضحت الجريدة بان تصريح الجنرال شيلتون منقول من جريدة أمريكية وعلى موقعها الإلكتروني ونشرت صورة مصورة للصفحة قبل أن تزال من الموقع وأغفلت السفارة الأمريكية الإشارة إلى ذلك المصدر فهل الجريدة المذكورة هي من فبركت الخبر في موقع الجريدة الأجنبية ؟

    • زائر 21 زائر 8 | 6:23 ص

      واحد

      يقولون - والعهدة على الراوي - بأن الموقع المذكور وضع الخبر نقلاً عن الجريدة البحرينية وليس العكس، ولما تبينت الحقيقة لإدارة الموقع أزالوه.

    • زائر 7 | 1:59 ص

      هؤلاء ام وابو الكذب

      حتى اشهر الكذابين لا ياتون تحتهم شئ الذب صار لهم زاد.. واذا اتى اليوم الذي تكنس الحقيقة كذبهم سينتحرون غيظا..

    • زائر 6 | 12:48 ص

      بلقيس

      شر البلية ما يضحك
      إنهم فعلاً مضحكون
      /
      اللهم إنا نسألك نجاة من المضحكيين و المضحكييات !

    • زائر 5 | 12:42 ص

      كلمة عامية نسيتها

      جمبزات

    • زائر 4 | 12:28 ص

      اعلام موجه.

      كل ما يذاع او يكتب عن طريق وسائل الاعلام المرئية او المسموعة او المقرؤة الرسمية انما يأتي من مصدر رسمي واحد. فالكذبة او التزوير اللفظي انما مصدره واحد ولكن بقنوات متعددة. انماهم مجرج ابواق

    • زائر 3 | 12:06 ص

      الصحفيين

      الصحفيين الماجورين ماصدقو احصلون هادى الفرصة تراهم ليل نهارهم اخططون لزيادة اجرهم على حساب المضلومين اهمشى عندهم مل المخابى حتى لو الفلوس تاتيهم بالحرام مو مهم عندهم تراهم يوميه ابثون الفتن والطائفيه لاكن وين بروحون من عذاب الله الشديد والله ياخد الحق المسلوب

    • زائر 2 | 11:04 م

      هلع ورعب

      يعلمون إن إتصال من ماما امريكا وهي صاغرة ارعبة بعض العرب فذهبوا صاغرين لإسرائيل نقول لذه الصحف اين انتي من المرعوبين

    • زائر 1 | 10:36 م

      في الصميم

      سلمت يداك ياستاذ على هذا المقال ولكن الدراهم والدنانير اعمت ابصارهك بعد ما ملئت بها جيوبهم

اقرأ ايضاً