العدد 4164 - الخميس 30 يناير 2014م الموافق 29 ربيع الاول 1435هـ

موسم البر والتوجيه البيئي

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

التوجيه البيئي يشكل ركيزة محورية في صناعة القرار البيئي المؤسس للحفاظ على استدامة بيئات المناطق البرية في دول شبه الجزيرة العربية، ويعمل المسئولون على المتابعة المباشرة للواقع البيئي في تلك المناطق خصوصاً في موسمي الشتاء والربيع حيث تزخر بغطائها النباتي وتزدهر المناشط الاجتماعية والرياضات البرية.

وتشكل الجولة الميدانية التي قام بها جلالة ملك مملكة البحرين في يوم الجمعة (10 يناير/ كانون الثاني 2014)، في المناطق البرية أحد الظواهر المؤثرة في عملية التوجيه البيئي وتساهم بشكل عملي في تحفيز المجتمع للتفاعل الايجابي في تبني السلوك الرشيد في العلاقة مع منظومة التنوع الحيوي في المناطق البرية. ومن الطبيعي أن يترك توجيه عاهل البلاد للاهتمام بالحياة الفطرية في المنطقة البرية أثره الفعلي على سياسات العمل البيئي للسلطة البيئية المختصة في تبني استراتيجية مؤسسة تضع في الاعتبار اتجاهات العمل الموجه لتأهيل المناطق البرية وتوفير المتطلبات الخدمية والسياحية والبيئية وأحياء تنوعها الحيوي والفطري وإنشاء مراكز مختصة للرقابة والتوعية البيئية وتحويلها إلى معلم بيئي وموقع استراتيجي للسياحة البيئية وأرث طبيعي للأجيال المقبلة.

والتوجيه البيئي له حضوره المتميز في خطط العمل الموجهة لصون منظومة التنوع الحيوي والنظم البيئية في المناطق البرية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وفي مقدمة أولويات ذلك النهج، التوجيه الاستراتيجي للمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس المدرسة البيئية في الإمارات، الذي جعل الاهتمام بقضايا البيئة ركيزة محورية في استراتيجية التنمية، ووفق توجيهاته جرى إقامة شبكة من المحميات الطبيعية البرية التي تزخر بالأنواع الحيوانية والنباتية.

وكان زايد رحمه الله يولي اهتمامه المباشر ومتابعة مشاريع صون التنوع الحيوي والحفاظ على البيئات الطبيعية والتوجيه للعمل على صناعة القرار البيئي القويم لصون بيئات المناطق البرية، وذلك ما يمكن تبينه في قوله «»إن اهتمامنا بالبيئة وصون ما فيها من نبات وحيوان، ليس وليد الساعة، وإنما هو اهتمام أصيل وراسخ دعونا له ومارسناه وطبقناه قبل أن يبدأ الاهتمام العالمي به بسنوات عديدة». ويؤكد «أننا نولي بيئتنا جل اهتمامنا، لأنها جزء عضوي من بلادنا وتاريخنا وتراثنا. لقد عاش آباؤنا وأجدادنا على هذه الأرض وتعايشوا مع بيئتنا في البر والبحر، وأدركوا بالفطرة وبالحس المرهف الحاجة إلى المحافظة عليها، وأن يأخذوا منها قدر احتياجاتهم فقط، ويتركوا منها ما تجد فيه الأجيال القادمة مصدراً ونبعاً للعطاء».

ويشكل التوجيه البيئي ركيزة محورية في الفكر التنموي البيئي لحاكم الشارقة الشيخ سلطان القاسمي، ويمكن تبين ذلك في منظومة الجهود والتوجيهات المرتكزة على أهداف تنمية واستدامة بيئات المناطق البرية. ويتمثل ذلك في مشروع محمية الظليماء ومحمية المنتثر البرية في منطقة البطائح، حيث جرى إطلاق مجموعة من الحيوانات البرية العاشبة التي كانت متواجدة في المناطق البرية، وكذلك مشروع محميات السيوح، (محميات سيح بردي في مدينة الذيد، وسيح مليحة في المدام، وسيح القصد، وسيح الحرمل)؛ ومحميات الجبال مثل محمية وادي الرفيسا في خورفكان، ومشروع وادي الوحوش في وادي الحلو. ويمثل المشروع الخطوة الأولى للربط السياحي بين مدينة كلباء ومليحة، ويضم المشروع إطلاق حيوانات لاحمة من الذئاب والنمور والضباع والثعالب الجلبية، ويهدف للحفاظ على الاتزان البيئي والحياة الطبيعية.

ورشة العمل الدولية لصون الحيوانات البرية في بيئات شبه الجزيرة العربية من المشاريع البيئية المهمة في صون بيئات المناطق البرية وجرى تنظيمها بناء على توجيهات حاكم الشارقة، وانطلقت أولى أعمالها في فبراير/ شباط 2000، ومثلت أحد المنجزات البيئية المهمة ضمن جهود رئيس هيئة البيئة والمحميات الطبيعية سابقاً، الشخصية البيئية المعروفة عبدالعزيز المدفع، وتبنى مشروع الورشة استراتيجية العمل الإقليمي والدولي المشترك لصون التنوع الحيوي في بيئات المناطق البرية في بلدان شبه الجزيرة العربية، وشارك في أعمالها خبراء من المنظمات الدولية والدول الغربية والعربية ودول شبه الجزيرة العربية. وشاركت في أعمالها منذ دورتها الأولى حتى العام 2012 وحققت دوراتها المتواترة إنجازات بيئية مهمة لدول شبه الجزيرة العربية، وجرى وفق منهجيات عملها إطلاق مبادرة المحميات المشتركة عبر الحدود لدول المنطقة وذلك ضمن مخرجات المؤتمر الدولي للتنوع الحيوي الذي جرى تنظيمه في فبراير 2010 في الذكرى العاشرة للورشة.

ويشكل المجتمع محوراً رئيساً في استراتيجية التوجيه البيئي، ويحرص المسئولون في دول شبه الجزيرة العربية على توجيه رسائلهم إلى القطاعات المجتمعية وحثهم على المساهمة في دعم الجهود لصون بيئات المناطق البرية وتحفيزهم على تبني منهج السلوك الرشيد في ممارسة الأنشطة والرياضات البرية. بيد أن إنجاز الأهداف المطلوبة لصون بيئات المناطق البرية والتمكن من تحقيق استدامة منظومتها البيئية في حاجة أيضاً إلى بناء مؤسسي ممنهج للرقابة والإدارة البيئية، وتشريع بيئي قادر على ردع الأنشطة والممارسات غير الرشيدة، وخطط محكمة لتنمية الوعي والثقافة البيئية وبناء السلوك الاجتماعي الرشيد في العلاقة مع النظم البيئية في المناطق البرية.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 4164 - الخميس 30 يناير 2014م الموافق 29 ربيع الاول 1435هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً