العدد 4479 - الخميس 11 ديسمبر 2014م الموافق 18 صفر 1436هـ

الأهمية الاستراتيجية للجماعات البيئية في العمل البرلماني

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

 ﻻ يختلف اثنان على الأهمية اﻻستراتيجية للجماعات البيئية في منظومة العمل البرلماني كعنصر مهم ضمن معادلة التنمية وكمؤشر رئيس للبعد الحضاري في نهج معالجة قضايا التنمية ببعدها اﻻجتماعي واﻻقتصادي والأمن اﻻنساني، والتأكيد على التوجه الممنهج والموجه في الإلتزام بثوابت المشروع الدولي البيئي للعمل على إنجاز أهداف التنمية المستدامة.

البرلمانات في دول الديمقراطيات العريقة أخذاً في اﻻعتبار الأهمية الإستراتيجة للجماعات البيئة في العمل البرلماني والإرتقاء بمقومات القرارات التنموية وتحسين مواصفاتها فيما يخص العلاقة مع معالم النظام البيئي، عزّزت التوجهات التي أفضت إلى إتاحة المجال للجماعات البيئية لممارسة نشاطها الفعلي في منظومة العمل البرلماني وتعزيز مقومات القرار البيئي.
نشاط الجماعات البيئية ضمن منظومة العمل البرلماني مختلفة الاتجاهات والأدوات والوسائل لإنجاز أهداف التنمية المستدامة. وبالتأكيد هي مختلفة بين دولة وأخرى وفق مساحة الحرية والممارسات الديمقراطية ونضوج تجربة العمل البرلماني، فهناك من الدول التي آثرت اتباع نهج العمل المباشر ضمن آلية العمل البرلماني ووفّرت الظروف القانونية التي تضمن تواجد هذه الجماعات تحت قبة البرلمان، وهناك النمط الذي أرست قواعده الجماعات البيئية ذاتها من خلال تشكيل التحالفات للجماعات البيئية والدفع بممثليها للدخول في العملية الانتخابية وحشد أصوات الناخبين عبر طرحها للبرامج التي تلامس الهم المجتمعي، وتعالج القضايا ذات الأهمية الاستراتيجية للأمن البيئي للمجتمع، للتمكن من نيل ثقة الناخبين وتمكين ممثليها دخول المجالس البرلمانية.
ويتمثل النمط الثالث في قوى الضغط البيئي التي تسعى الجماعات البيئية إلى تشكيلها من خلال توحيد جهود الجمعيات والمجموعات البيئية، وإعداد الخطط والبرامج البيئية وتنظيم الأنشطة وحشد الجهود الاجتماعية لممارسة الضغط على البرلمان بوسائل وأدوات مختلفة المناهج والاتجاهات، للدفع باتجاه العمل البرلماني المنظم لوضع القضايا البيئية في مقدمة أولويات عمله وقراراته. وذلك النمط من نشاط المجموعات البيئية له حضوره المميز في المجتمع الأوروبي ودول أميركا اللاتينية. وتأخذ بعض الجماعات البيئية بنمط آخر يتمثل في بناء الشراكة والتعاون مع المجالس النيابية في دراسة ومراجعة وتقديم الاستشارات والرؤى بشأن مقترحات القرارات البيئية والدفع بمختصيها في الشأن البيئي للعمل ضمن طاقم المستشارين للمساهمة في الارتقاء بمستوى القرار البيئي.
خصوصية القضايا البيئية كمصدر محوري في بروز المخاطر على الأمن الإنساني وكمحور رئيس ضمن سلم الأسس الاستراتيجية لحماية صحة وأمن وحياة الإنسان وصون الحياة على البسيطة، وكضمانة رئيسة يمكن من خلالها توفير المتطلبات الرئيسة لتصحيح مسارات التنمية ومعيشة وحياة الإنسان وبناء مقومات الأمن الإنساني من خلال إنجاز أهداف التنمية المستدامة، وكأداة للحد من الأنشطة غير الرشيدة والممارسات الجائرة والسلوك غير الرشيد في العلاقة مع النظم البيئية التي تمثل نتيجة فعلية للمحسوبية والفساد وضعف الوعي البيئي، وتتسبب في تدهور الموارد الطبيعية وتلويث المحيط البيئي للإنسان، والإخلال بتوازن النظام البيئي وإحداث المخاطر البيئية وتدهور الحياة على كوكب الأرض، تشكل في مجموعها القوة الفعلية التي جعلت من نشاط الجماعات البيئية تحظى بالأهمية الاستراتيجية في منظومة العمل البرلماني في العديد من البلدان، وبالأخص منها في دول الديمقراطيات العريقة.
الأهمية الاستراتيجية للمجموعات البيئية في صناعة القرار البيئي تحظى بجل اهتمام المجتمع الدولي، ويمكن تبين ذلك في مبادئ وثيقة مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة (ريو 2012) حيث يجري التأكيد في المبدأ (43) على أن المجتمع الدولي يتفق بأن يعمل «بصورة وثيقة مع اﻟﻤﺠموعات الرئيسية وغيرها من الأطراف ذات المصلحة ويشجع مشاركتها الفعلية، حسب الاقتضاء، في العمليات التي تسهم في صنع القرار، والتخطيط لسياسات وبرامج التنمية المستدامة وتنفيذها على كافة المستويات».
ويشير في المبدأ (44) إلى أنه يسلم «بدور اﻟﻤﺠتمع المدني وأهمية تمكين كافة أفراد اﻟﻤﺠتمع المدني من المشاركة الفعلية في التنمية المستدامة». ويعترف بأن «تحسين مشاركة اﻟﻤﺠتمع المدني يتوقف، في جملة أمور، على تعزيز فرص الحصول على المعلومات، وبناء قدرة اﻟﻤﺠتمع المدني وكذلك تهيئة بيئة تمكينية». كما يؤكد في المبدأ (88) بند (ح) ضرورة «كفالة المشاركة الفعالة من جانب جميع أصحاب المصلحة ذوي الصلة، بالاعتماد على أفضل الممارسات والنماذج المتوافرة لدى المؤسسات المختصة المتعددة الأطراف، واستكشاف آليات جديدة لتعزيز الشفافية وإشراك اﻟﻤﺠتمع المدني بصورة فعالة».
الجماعات البيئية في مملكة البحرين على الرغم من عدم وجود ممثلين لها في البرلمان، إلا أن جميعها تساهم في تقديم الاستشارات وتدعم جهود العمل البرلماني لإصدار القرارات البيئية، وجمعية البحرين للبيئة تجسيداً لنهجها الاستراتيجي، وبناءً على الرسالة الموجهة بتاريخ 15 أبريل/ نيسان 2013 من رئيس مجلس النواب «بطلب مرئيات الجمعية بخصوص الاقتراح برغبة بشأن ضرورة دقة رصد جودة الهواء في جميع المناطق وتوعية المجتمع بمخاطر التلوث بغية معالجتها»، أعدّت دراسة شاملة حملت عنوان «مرئيات جمعية البحرين للبيئة بشأن الاتجاهات المنهجية لنظام رصد جودة الهواء والتوعية بمخاطره»، رفعتها إلى رئيس لجنة المرافق العامة والبيئة، وتُبين الدراسة الأسس المنهجية لبناء القرار القويم لمعالجة مشكلة تلوث الهواء بالارتكاز على قواعد المشروع البيئي الدولي والإقليمي والوطني.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 4479 - الخميس 11 ديسمبر 2014م الموافق 18 صفر 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً