العدد 4591 - الخميس 02 أبريل 2015م الموافق 12 جمادى الآخرة 1436هـ

نحن نتنفس الطائفية

رملة عبد الحميد comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

أصبحت الطائفية خبزنا اليومي، ابتداءً من تصرف فردي، أو عمود صحافي يومي، وانتهاء بسياسة دول.

الخطاب الطائفي آخذٌ بالانتشار بشكل سريع وخطير، وتتشربه الأجيال التي ربما تتورط في صراعات ومواجهات، وهي ظاهرة لا يمكن تجاهلها أو التغافل عنها، فهي نار صعبة الإخماد، لذا فإن حريقها حتماً ستطالنا جميعاً.

إن مفهوم «الطائفية» اللغوي مشتق من طاف، يطوف، وهو يحمل معنى تحرك الجزء من الكل دون أن ينفصل عنه. والطائفية بمعناها الاصطلاحي يقصد به انتماء الفرد إلى طائفة معينة، دينية أو اجتماعية، ولكن ليست عرقية.

وترجع الطائفية في عالمنا الإسلامي إلى نشوء المذاهب الدينية، إذ شهد العالم الإسلامي أكثر من مئة مدرسة فقهية أنتجت هذه المذاهب، منها مذاهب فردية لم تبقى، ولم يكن لها جمهور واسع، بل انقرضت بموت أتباعها مثل مذهب الحسن البصري والأوزاعي والطبري، بينما هناك مذاهب جماعية استمرت إلى يومنا الحالي، وهي المذهب الشافعي، الحنفي، الإمامي الشيعي، الزيدي، الإسماعيلي، المالكي، الحنبلي والأباضي.

وهناك عوامل مؤثرة في خلق التباعد، وإذكاء روح الفتنة سواء من الداخل أو الخارج، منها الانغلاق الفكري والإرهاب، سوء الفهم والتفاهم، النزعات العرقية والنزاعات الحدودية، وتنوع الأنظمة السياسية وعدم الثبات السياسي,

أما العامل الخارجي فيكمن في الدول الاستعمارية الغربية التي استخدمت ورقة الطائفية في إثارة الفتن لمنع الوحدة الإسلامية. فبحسب زبغنيو بريجينسكي (مستشار الأمن القومي فترة رئاسة جيمي كارتر1977 -1981) الذي يعمل حالياً مستشاراً في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وأستاذاً لمادة السياسة الخارجية الأميركية في كلية بول نيتز للدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جون هوبكنز في واشنطن... فإن أفضل وسيلة لتفتيت الأنظمة والدول والشعوب هي تعميق التعدّد المذهبي والطائفي والعرقي، من خلال تمكين طائفةٍ بعينها ودعمها، لقهر بقية المكوّنات.

والطائفية التي هي محصلة وجود الطوائف، هو تنوّع موجود على الأرض، وبدل أن يكون ذلك محل إثراءٍ للأمة لكونه اختلافاً، فإنها أصبحت تعبيراً عن حالة أزمة يعيشها المجتمع، ومع هذا الانقسام في حالة الأمة وشيوع الطائفية تحركت في الساحة عدة اتجاهات ومواقف منها: الاتجاه المتعصب نحو الرفض لأي مذهب آخر باعتباره خارج الدائرة الاسلامية، هذا الاتجاه أنتج حالات من التطرف والعنف ودفعت بسببه الأمة الإسلامية أثماناً باهظة جراء المواجهات الدامية التي أريقت فيها دماء. والاتجاه المتحفظ هو اتجاه بات لا يؤمن بالتقارب، ليس انطلاقاً من عصبية أو تشدد بقدر ما هو خوف من إلغاء الانتماء المذهبي. أما الاتجاه الثالث فهو يغلب عليه التشاؤم والإحباط من أي فكرة اتفاق أو تعايش بسبب الإخفاقات المتكررة.

وهناك الاتجاه الكسول الذي يعبّر عن حالة نزوع النفس نحو الاسترخاء والتخاذل عن التصدي لمشروعات الفتنة الطائفية، لأن ذلك يكلفهم جهداً وعناء وصبراً، ويتطلب ثباتاً وتضحية وعطاءً مستمراً، وهم في منآى عن ذلك كله. وهناك أخيراً الاتجاه المتفائل، الذي يغلب عليه الوعي والاعتدال والقبول بالآخر، وينقصه القوة والدعم.

لذا فإن العلاج يكمن في الوعي والمعرفة، والخطاب المتزن، واللقاء والاجتماع الذي يكمن في التجمع الثلاثي الإسلامي: الجماعة، الجمعة، الحج، والحوار المفترض أن يكون جسراً للتلاقي لا ساحةً للحرب.

الفرص لازالت متاحةً نحو التقارب والقضاء على الفتنة الطائفية، فالإسلام هو دين الاستقرار والحياة والنشاط، وفيه الكثير من المبادئ والإمكانيات التي تقدر له القوة في التحرك في الأبعاد المختلفة وفي جميع مناحي الحياة.

إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"

العدد 4591 - الخميس 02 أبريل 2015م الموافق 12 جمادى الآخرة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 3:59 ص

      الطائفية السياسية

      لم نعرف الطائفية السياسية في عالمنا العربي الا بعد العام تسعة و سبعين عندما دخلت علينا أفكار طائفية هدامه مدمرة مخربة للأوطان من بلاد الشر في شرق الخليج العربي

    • زائر 8 | 2:56 ص

      الاستقلالية

      كل انسان وتفكيره
      لو تابعنا الاعلام وشبكات التواصل راح نوصل لنهاية مأساوية
      فالافضل ان يكون لك استقلالية في التفكير والتعامل
      نحن في البحرين نتعايش مع بعض سنة وشيعة ورغم كل الظروف
      كل انسان لابد ان يتعامل بحسن نية ومن اساء اساء لنفسه

    • زائر 7 | 2:35 ص

      حريق الطائفية اشتعلت وحصد آلاف القتلى ومازال 0925

      الاستاده رملة المحترمة فعلاً أسباب الطائفية هو قيام هذا الجزء من الكل سوى كبر أو صغر ولايهم صدق نواياه أو مطالبه الأهم تكوين إنشائه المفصل بالكامل على هذا المذهب او ذاك الأهم هذه الأحزاب والجمعيات هي سبب الطائفية وهي من فرقة أبناء الدولة الواحدة والأمة العربية والإسلامية

    • زائر 4 | 1:11 ص

      من البر

      العلاج يبدا بالام في البيوت ثم المدارس ثم المساجد و المواتم ...

    • زائر 3 | 12:50 ص

      العنوان غلط

      مظلوم بنار الطائفية
      مكوي بنار الطائفية
      مسجون بنار الطائفية
      متهم ....
      مبعد. ...
      مكبل ....

    • زائر 2 | 12:08 ص

      بهدلة

      والله بهدلتنا هالطائفية البغيظة فقضت على العدالة والمساواة واضاعت حقوق وحطمت كرامات .

    • زائر 1 | 10:40 م

      الطائفية العرقية

      اول من استخدم مصطلح الفرس المجوس كان صدام لحشد الدعم في حربه ضد ايران لكنه يتجنب وصفهم بالصفويين لألا يثير حفيظة قسم اعظم من الشعب العراقي وهم الشيعة بينما في نفس الفترة كان بعض من الطرف الداعم لصدام تتحرك الآلة الدينية لتصف الحرب العراقية الايرانية صراع بين سنة و روافض على الرغم ان غالبية الجيش العراقي هم شيعة لكسب تأييد الداخل لصدام و لشرعنة دعمه

اقرأ ايضاً