العدد 4714 - الإثنين 03 أغسطس 2015م الموافق 18 شوال 1436هـ

الصحافة والموضوعية

جعفر الشايب comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

يفضل كثير من المتابعين لشئوننا المحلية قراءة ما تكتبه الصحافة الأجنبية بدلاً من المحلية، لاعتقادهم بأنها أكثر موضوعية ودقة ومصداقية مقارنة بما تنقله الصحافة العربية بشكل عام.

وسائل الإعلام في منطقتنا لاتزال لم تتحرر من عقدة هيمنة الإعلام الأجنبي عليها، وبالتالي تجد نفسها حبيسة أدوات تقليدية تتلخص في المبالغة في التمجيد، واختلاق الأخبار، وكذلك في الحط من مكانة المخالف.

من يقرأ أياً من صحفنا، تراها تمتلئ بكثير من الأخبار التي تحتاج إلى مزيد من الموضوعية والدقة - وهو الدور الحقيقي لوسائل الإعلام - حيث إن القارئ لديه من الوعي والفهم ما يمكنه من الإلمام بمتابعة الخبر وتدقيقه.

الأخبار المتداولة عادة لا تأخذ آراء وتوجهات مختلف الأطراف ذات العلاقة، وإنما تستند على مصدر واحد ينقل وجهة نظره، بينما مسئولية الصحافة أن تنقل وتستوعب مختلف وجهات النظر وتقلبها وتعرضها أمام القارئ.

مشكلة أخرى في الصحافة هي إطلاق مختلف أشكال السب والتشهير والألقاب النابية على المختلفين والمنافسين، وهو أمر لم أجده متداولاً أو معروفاً في الإعلام الغربي. فهناك تتعامل الصحافة بمهنية واحترام مع الطرف الآخر حتى لو كان عدواً وتطلق عليه اللقب الذي يسمي به نفسه.

تستخدم الصحافة أحياناً ألفاظاً غير مقبولة أو مستساغة، التي تحتاج إلى إثباتات قانونية قبل إطلاقها، وتردد بعض الصحف مفردات غير لائقة. كما أنه في بعض الأحيان يتسرع الصحافيون إلى إطلاق أحكام مسبقة على قضية ما، من دون انتظار رأي القضاء فيها، أو حتى المعلومات الرسمية حولها،

ذلك ما يسبب فقدان الصحافة دورها الحقيقي وموقعها لدى القراء، ويجعلها مصدراً ثانوياً وليس أساسياً للتأكد من دقة الأخبار وصحتها.

إن الموضوعية في الكتابة، وعدم الانسياق في استخدام الألفاظ غير المناسبة هو أمر في غاية الأهمية في العمل الصحافي الذي ينبغي أن تسود فيه الدقة والمهنية. فالإعلام الحر والناجح بإمكانه إيصال رسالته الدقيقة لمتابعيه من دون الاضطرار للجوء لاستخدام البذاءة في التعبير والأحادية في النقل.

في ظل هذه الظروف المحيطة وتسارع نقل وتداول الأخبار عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها، أصبح من المهم أكثر من أي وقت مضى الالتزام بالمهنية في صياغة ونقل الأخبار وتناولها بصورة تعزز من مكانة الصحافة كمصدر خبري رئيس.

لا توجد لدينا مع الأسف مراصد إعلامية يمكن أن تقوم بالدور الرقابي على ما تنشره الصحف، وتعمل على تدقيقه وتقييم أدائها، لمعرفة ما إذا كانت ملتزمة بالجودة المطلوبة في القيام بمهامها الإعلامية.

وهذا ما يدعو إلى إيجاد مراكز إعلامية متخصصة، وإلى إعداد دراسات عن أداء الصحافة المحلية، وتوجيه الأبحاث الجامعية في مجالات الإعلام لتناول هذه القضايا، بهدف العمل على تأكيد المهنية المطلوبة في العمل الصحافي.

إقرأ أيضا لـ "جعفر الشايب"

العدد 4714 - الإثنين 03 أغسطس 2015م الموافق 18 شوال 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً