العدد 4735 - الإثنين 24 أغسطس 2015م الموافق 10 ذي القعدة 1436هـ

سوء الأداء السياسي في العراق يدفع السيستاني للتدخل

تظاهرات حاشدة في العراق - REUTERS
تظاهرات حاشدة في العراق - REUTERS

دفع سوء أداء السياسيين العراقيين واستشراء الفساد الذي حرك تظاهرات شعبية حاشدة، المرجع الديني السيد علي السيستاني إلى رفع سقف مطالبته بالإصلاح والتحذير من خطر يهدد بـ «تقسيم» البلاد.

وتشكل مواقف السيستاني والمطالب الشعبية، غطاء لرئيس الوزراء حيدر العبادي للمضي في الإصلاح في مواجهة خصومه، إلا أنها قد لا تكفي لتخطي تعقيدات المشهد السياسي العراقي والطبيعة المتجذرة للفساد.

ويقول السيستاني: «كانت المرجعية تأمل أن تقوم الطبقة السياسية التي وصلت إلى السلطة، عبر صناديق الانتخاب بإدارة البلد بصورة صحيحة، ولا تحدث مشاكل كبيرة بحيث تضطر المرجعية إلى التدخل»، بحسب ردّ من مكتبه على أسئلة وجهتها وكالة «فرانس برس».

يضيف «لكن - للأسف الشديد - جرت الأمور بغير ذلك، وقد تسبب سوء الإدارة - بالإضافة إلى عوامل داخلية وخارجية أخرى - في الوصول بالبلد إلى هذه الأوضاع المزرية التي تنذر بخطر جسيم».

ويوضح أنه بعدما «نفد صبر كثير من العراقيين واحتجوا على سوء أوضاع البلاد»، وجدت المرجعية أن «الوقت مؤات للدفع قويّاً بهذا الاتجاه»، وأكدت «ضرورة الإسراع في الخطوات الإصلاحية وتحقيق العدالة الاجتماعية».

وبعد انطلاق التظاهرات للمطالبة بمكافحة الفساد وتحسين الخدمات وسط درجات حرارة فاقت الخمسين، حض السيستاني العبادي في (7 أغسطس/ آب) على أن يكون أكثر جرأة ضد الفساد. وسارعت الحكومة بعد يومين إلى اقتراح إجراءات أقرها البرلمان، وأرفقها باقتراحات إضافية. وكرر السيستاني بعد ذلك المطالبة بإصلاحات، ولا سيما في القضاء.

وفي دلالة على خطر الفساد على مستقبل العراق، حذر المرجع من «تقسيم» البلاد بغياب «إصلاح حقيقي»، مؤكداً أن الفساد ساهم في سقوط مناطق من البلاد بيد تنظيم «داعش» في يونيو/ حزيران 2014.

ويأتي الحراك الإصلاحي وسط مرحلة من الأكثر دقة في تاريخ العراق الحديث، إذ تخوض قواته معارك مكلفة على جبهات عدة ضد المتشددين، تزامناً مع انخفاض مدخوله المالي بشكل حاد جراء تدهور أسعار النفط.

ويرى الباحث في معهد «شاتام هاوس» حيدر الخوئي أن «السيستاني لا يحب الانخراط في السياسة؛ لأنه يؤمن بأن رجال الدين يجب أن يلتزموا بتوفير التوجيه والقيادة الروحية»، إلا أنه يتدخل «بتردد عندما يتعلق الأمر بقضايا استراتيجية كبرى فقط».

يضيف «يشعر بان لديه واجب التحرك لإعادة العراق من شفير الهاوية».

ونادراً ما يعلن السيستاني مواقف سياسية مباشرة، إلا أن نداءاته تلقى صدى لدى ملايين العراقيين. ومن أبرز هذه المواقف، فتوى الجهاد الكفائي بعد هجوم تنظيم «داعش»، والتي تجاوب معها عشرات الآلاف من العراقيين الذين حملوا السلاح وانضموا إلى القتال ضد المتشددين.

ويعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد احسان الشمري أن «الأوضاع المأسوية الأخيرة» دفعت السيستاني للتدخل «بشكل مباشر»، بعدما أدرك أن القوى السياسية «لا تستطيع أن تنتج مخارج أو حتى حلولاً لطبيعة الأزمات السياسية المتراكمة (...) وأخفقت في تقديم الخدمات بشكل كبير».

وبدأ العبادي خلال الأسبوعين الماضيين بالإعلان تدريجياً عن تطبيق خطوات إصلاحية، شملت تقليص عدد المناصب الوزارية إلى الثلثين، وتخفيض أعداد أفراد حماية الشخصيات وإصلاح الرواتب.

وتتضمن الإصلاحات المقترحة إجراءات أكثر جذرية، أهمها إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية التي يشغلها سياسيون بارزون، هم نوري المالكي، وإياد علاوي، وأسامة النجيفي.

ويرجح محللون أن يصطدم العبادي بمعوقات في حال مضيه نحو إصلاحات جذرية، ولاسيما أن معظم سياسيي العراق ذي التركيبة المذهبية المعقدة، استفادوا من الفساد لتحقيق النفوذ والثراء.

ويرى الباحث في معهد الشرق الأوسط بالجامعة الوطنية في سنغافورة فنار حداد، أن «تغيير ثقافة فساد متجذرة إلى هذا الحد كما الحال في العراق، ليس فقط خطوة طموحة، بل مسار طويل المدى».

ويضيف «يمكننا أن نتوقع رؤية خطوات رمزية إضافية (...)، لكن الرهان ليس لصالح حصول أي تغيير جذري في المدى القصير».

ويعتبر الخوئي أن من أكبر العقبات التي ستواجه أي «تغيير كبير»، ستكون من الأحزاب، «ومنها حزب الدعوة الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء، والتي كانت المستفيد الأكبر من الفساد الممنهج الذي ابتليت به البلاد».

العدد 4735 - الإثنين 24 أغسطس 2015م الموافق 10 ذي القعدة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 4:21 ص

      يعني توه داري انه في فساد

      وله ليما الشعب العراقي طالب قال معا الخيل يا شقره

اقرأ ايضاً