العدد 4787 - الخميس 15 أكتوبر 2015م الموافق 01 محرم 1437هـ

الكتاب ثروة علمية لبناء السلوك البشري والتنمية المستدامة

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

يتفق المختصون والباحثون في العلوم الانسانية على أن الكتاب ثروة علمية وانسانية، ومصدر رئيس للمعارف والمعلومات ذات القيمة الاستراتيجية للبحث العلمي وبناء خطط العمل التنفيذي المؤسسة علميّاً في المجالات التنموية، ويمكن الاستفادة من الثروة المعرفية والمعلوماتية التي يكتنزها الكتاب في إحداث تغيير نوعي في مقومات مناهج خارطة الطريق الموجهة لبناء الوعي والقدرات البيئية للمجتمع.

وفي سياق الجدل بشأن أهمية الكتاب في المرحلة المعاصرة يؤكد غالبية المفكرين والباحثين في العلوم الانسانية أنه على رغم التطور في تقنية تدوين ونشر المعلومة، فإنَّ الكتاب يبقي محافظاً على قيمته العلمية كمصدر للمعلومة القيَمة والموثوقة علميّاً التي يمكن الارتكاز عليها في معالجة قضايا السلوك البشري والتنمية المستدامة.

تعميم ثقافة اقتناء الكتاب وحفز اهتمام المجتمع بالكتاب وبمعرفة مضامينه والتمعن في جوهر محتوياته مطلب عصري لبناء مجتمع المعرفة، ويساهم في انجاز اهداف المشروع الوطني الموجهة إلى بناء القدرات العلمية والمعرفية للمجتمع، ويشكل البحث والنشر خطوة مهمة تساهم في تعزيز فاعلية ذلك التوجه، وأن العمل على حفز البحث والنشر المؤسس علميّاً مطلب عصري تحكمه جملة من الاعتبارات المتمثلة في ظاهرة تراجع مستوى المهتمين بالقراءة، وانعدام الفهم لدى شريحة كبيرة من المجتمع لأهمية وجدوى الكتاب في حياتهم وفي بناء معارفهم، ويمكن أن تساهم معارض الكتاب السنوية التي تضم كمّاً متنوعاً من الاصدارات في مختلف علوم المعرفة، وانتعاش حركة النشر والاهتمام بجودة الكتاب ودقة ما يقدمه من معلومات ومعارف في حقول العلوم الانسانية في انجاز أهداف ذلك التوجه.

الكتاب البيئي يُعدُّ من مصادر المعرفة الانسانية المهمة، ويحظى باهتمام الناشرين والكتاب والقراء نظراً إلى ما تمثله القضايا البيئية من أهمية عصرية ويمثل ذلك ظاهرة حضارية وايجابية؛ إلا أنه ينبغي القول ليس كل ما هو متوافر من الكتب البيئية يشكل اضافة الى حركة البحث البيئي، ويعضد من قيمة المعارف البيئية، وعندما نعمل على معالجة وتشخيص القيمة العلمية للكتاب كمادة علمية ومنهجية في انجاز اهداف التنمية المستدامة، ينبغي ان نأخذ في الاعتبار جودة مضمون جوهر الكتاب، ودقة معلوماته وقيمته وفوائده العلمية في اضافة الجديد من الحقائق العلمية، وتشخيص المخرجات والمناهج التي يمكن الارتكاز عليها، والاستفادة منها في تغيير المسار، وانجاز نتائج مثمرة في بناء خارطة العمل الاستراتيجي البيئي.

المكتبة العربية تزخر بالكتب الموثوقة علميّاً فيما تقدمه من بيانات ومعلومات ومناهج أصيلة المنابع العلمية، وفي ما ترتكز عليه من مناهج مؤسسة في معالجاتها العلمية للقضايا ذات القيمة الاستراتيجية لتقدم المجتمعات البشرية وأمنها الحضاري، بيد أنه وذلك ما يؤسف له أن المكتبة العربية تفيض بنفايات الكتب التجارية الرخيصة، او ما تعرف بالكتب الصفراء التي تقدم للقارئ معلومات غير دقيقة علميّاً، وتعتمد اسلوب الحشو المعلوماتي، وتتسبب بما تقدمه من معلومات فارغة المحتوى في تشويه الثقافة المعرفية للقارئ، وتضعف من قدرته على تشخيص الحقائق، وفهمه لطبيعة ونهج السلوك الرشيد في العلاقة مع ثروة الرأسمال الاكيولوجي كمصدر للاستدامة والأمن البيئي، وفي محصلة الأمر، تفسد ما تقدمه الكتب الرخيصة الوعي الاجتماعي، وتضعف من قدرات المجتمع على تشخيص الواقع البيئي بشكل دقيق، وتقديم ما هو مفيد في الحراك التنموي وبناء السلوك البيئي القويم وانجاز اهداف التنمية المستدامة.

التخصص قيمة رئيسة في تعزيز جودة الكتاب، والباحث المختص في المشكلة المحددة للبحث يمكنه أن يعالج محدداتها، ويشخص المخرجات المنهجية، لفهم طبيعة المشكلة والمقومات العلمية للمعالجة والحل، وهناك عدد مهم من دور النشر الملتزمة بقواعد النشر الى جانب الباحثين والكتاب الذين يتميزون بالحرفية والمهنية والأمانة العلمية في البحث، ويعزز ذلك القول وجود عدد مهم من عناوين الكتب عالية الجودة في معالجة القضايا البيئية وإفادة القارئ بالمعاراف والمعلومات البيئية الصحية.

وعلى العكس من ذلك يتسبب عدم توافر التخصص لدى الباحث في انتاج الكتاب الذي يفتقد الجودة والمنهجية في تشخيص الحقائق، وبحكم تعاوننا مع عدد من المؤسسات الرائدة في حقول البحث العلمي والجوائز البيئية في تحكيم عدد من البحوث في المجال البيئي، وجدنا أن هناك كمّاً من المشاركات البحثية التي يمتهن كتابها حرفة التجميع من المواقع والمنتديات الالكترونية، والحشو المعلوماتي، وانعدام المهنية والدراية الكافية بمناهج البحث العلمي، كما انه وبحكم ارتباطنا بقضايا البحث البيئي واطلاعنا على ما يجري اصداره من كم كبير من الكتب البيئية، وجدنا ان هناك عدداً من دور النشر والكتاب الذين يمتهنون الكتابة في القضايا البيئية بغرض تجاري، ما يتسبب ذلك في تعزيز ظاهرة الغش وضعف الكتاب البيئي.

القارئ العادي الذي يسعى لاثراء معارفه البيئية يمثل الضحية لهذه الظاهرة، بحكم عدم درايته بواقع وجودة المعلومة، لذك تجد عدداً كبيراً من القراء تثير اهتمامهم العناوين البراقة التي يختارها الناشر بعناية لتسويق الكتاب، ما تستدعي الحالة تعزيز منهج الرقابة العلمية على نشر وتسويق الكتاب في المعارف الانسانية، الى جانب وضع المعايير والقواعد المنظمة لمحاربة الغش التجاري في النشر، وتلك خطوة مهمة لصون حقوق القارئ وتعزيز نهج العمل الموجه في نشر المعلومة والمعارف العلمية الدقيقة والمفيدة التي تساهم في انجاز المشاريع الوطنية لبناء السلوك البشري وانجاز أهداف التنمية المستدامة.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 4787 - الخميس 15 أكتوبر 2015م الموافق 01 محرم 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 4:39 ص

      عساك عالقوة

      أستاذنا الفاضل لقد أثرت انتباهي حقيقة بموضوعك هذا غير أني ما زلت لا أفهم من هم المتاجرون؟ ! ومن هم أصحاب المؤلفات المحترمة في هذا الجانب ؟! أرجو الإيضاح مع جزيل شكري لك ولمؤسستكم المحترمة

اقرأ ايضاً