العدد 4845 - السبت 12 ديسمبر 2015م الموافق 30 صفر 1437هـ

العدالة ليست في الحقوق الذاتية بل في الحقوق المتساوية

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

كثر اللغط السياسي، كلٌ بما لديه وبما يأتيه فرح، وعلى الآخرين منه اللعنة، حين تم تقديم مقترح قانون في مجلس الشورى، بما تم تداوله في الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي، بصياغات وعبارات ومفاهيم متضاربة، بمثل «يمنع على رجال الدين الانتساب لعضوية الجمعيات السياسية»، أو «منع رجال الدين من مزاولة العمل السياسي»، وهناك نص صحفي أوردته صحيفة «الوسط»، مفاده «الشورى يقر اقتراحاً يمنع رجل الدين المنتمي لجمعية سياسية من الخطابة».

وبِردّات فعل انبرت بعض الشخصيات للدفاع عن التوجه الحكومي، وكما العادة بتجزئة الوضع الدستوري والقانوني والحقوقي، ليتناسق مع فرز التوجهات السياسية المختلفة، لدى الأفراد والجماعات السياسية والدينية المذهبية، فبات من يؤاخذ الدستور في نصوصه وآلية إصداره، متوافقاً مع من استبشر بالدستور، وذلك بغض الطرف عن تجاوز المقترح وتعديه على الحقوق المقرة بالنص الدستوري.

«للمواطنين رجالاً ونساء، حق المشاركة في الشئون العامة والتمتع بالحقوق السياسية، بما فيها حق الانتخاب والترشيح، وذلك وفقاً لهذا الدستور وللشروط والأوضاع التي يبينها القانون، ولا يجوز أن يحرم أحد المواطنين من حق الانتخاب والترشيح إلا وفقاً للقانون». البند (هـ) من المادة رقم (1)، والنص الدستوري الآخر «دين الدولة الإسلام والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع، ...» المادة رقم (2).

ومادام الحديث يدور حول الإباحة أو المنع على رجال الدين، ممارسة السياسة، أو المنع على المنتمين بالعضوية في الجمعيات السياسية ممارسة الخطابة الدينية مثلاً، فيتوجب سن قانون ينظم النشاط الديني في الفتوى والتفاسير الدينية، وفي الدعوة والإرشاد والوقف الخيري، وكذلك الدور الديني الأساسي في المجتمع، وكذلك هيكلة المستويات الدينية كمهنة يمتهنها الخاصة من أصحابها في المجتمع، وينص على عقوبات المخالفات والتجاوزات، لكل تنظيم يفرضه القانون.

وسن أي قانون يحتاج الى السند الدستوري، ولفصل الدين عن الدولة وهيمنته على مؤسساتها الأساسية، يتوجب أولاً إجراء التعديل الدستوري للمادتين أعلاه، وتعديل نص البند (د) من المادة رقم (1) والتي نصها «نظام الحكم في مملكة البحرين ديمقراطي، السيادة فيه للشعب مصدر السلطات...» فيشار إلى أن الدولة مدنية ونظام الحكم فيها ديمقراطي مدني، يعتمد فصل الدين عن الدولة.

الموضوع هنا ليس الموقف ضد أو مع، المبدأ المدني للدولة المدنية الحديثة، في فصل الدين عن الدولة، بمعنى أن الدولة كسلطات مفوضة من قبل الشعب مصدر السلطات، لإدارة شئون الوطن بما يخدم جميع مناحي الاحتياجات الإنسانية للمواطنين، من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية، والمحافظة على ثروات الوطن الطبيعية والمصنعة وتنميتها، بما يحفظ حقوق الأجيال... الخ، هذه الدولة لا دين لها ولا تخضع لتعاليم أي دين، من باب الموقف السياسي المحايد، تجاه معتنقي جميع الأديان والمذاهب، والاعتراف والتقدير لكلها.

وهنا يأتي دور القانون، الذي ينظم العلاقة بين المؤسسات الدينية ومؤسسات المجتمع المدني والدولة، وينظم الأنشطة الدينية لجميع الأديان، وحرية ممارسة معتقداتهم وإصدار الفتاوي والأحكام الدينية، من حيث توزيع المسئولية بإناطة الشئون الدينية المتصلة بالمواطنين والمقيمين، ولكل دين على قدم المساواة، إلى المؤسسة الدينية الخاصة بكل دين، ومنها التفرع إلى المؤسسات المذهبية، وإناطة إدارة الدولة إلى الأفراد والقوى السياسية المدنية، شريطة عدم تدخل المؤسسة الدينية في الشأن السياسي العام، بما يفرغها لخدمة الأديان والمذاهب، والتقريب بينها للمحافظة على النسيج الوطني الموحد للشعب، وبما يحول دونها ودون الهيمنة، على سلطات الدولة التشريعية والقضائية والتنفيذية، الأمر الذي يُحَوِّل الدولة من المدنية إلى الدولة الدينية، التي يتضاد فيها المواطنون بتفرع أديانهم ومذاهبهم، وبما يؤدي حتماً الى انقسام المجتمع طائفياً ومذهبياً فتتحول الدولة إلى دولة المذهب، التي تحكم بشرعها الديني، ضد المواطنين المختلفين، فتتقَوَّس تلك الدولة بأقواس التحارب.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 4845 - السبت 12 ديسمبر 2015م الموافق 30 صفر 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 5:03 ص

      احم احم

      انتهى موضوضوع الحقوق وجاء وقت التساوي في العقاب ؟ ما اللذي يجبر عصبه الامم المتحدة والعالم لوضع ميثاق الامم المتحدة وتشريع القوانين وخوض الحرب العالمية الاولة والثانية ومحاربة الارهاب لولا الطبيعة الانسانية التي تصارع من اجل العدل والمساواة لكن ماذا لو اكتشف ان الحياة لا تستقر اللا بالاشتراكية الشيوعية ولا تتطور اللا بالراسمالية وبين هذا وذاك يموت الانسان ويغرق في الاختيار ويجد نفسه اخطا من جديد في الاختيار الحق والحقوق في صندق كبير من البطخ ان اخذها شخص حرم الاخر منها وان اقتسموها لم يشبعو

    • زائر 2 | 1:13 ص

      العدالة كلمة سمعناها ولم نرها على ارض الواقع

      الأديان السماوية اول اهدافها العدالة
      الدين الاسلامي اول اهدافه العدالة
      يقال ان في دستور البحرين كلمة العدالة
      لكن للأسف هذه الكلمة التي نسمع بها ولا نراها تطبق على ارض الواقع

    • زائر 1 | 12:28 ص

      الحقوق لا تجزأ

      فرجل الدين والمهندس والطبيب والعامل كلها مهن مكتسبه لا تلغي حقوق المواطن الطبيعيه في السياسه والاقتصاد والحقوق والواجبات .

اقرأ ايضاً