العدد 4845 - السبت 12 ديسمبر 2015م الموافق 30 صفر 1437هـ

مصباح علاء الدين بين أيدينا ماذا نحن فاعلون به

سهيلة آل صفر suhyla.alsafar [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

كم كنا نتعب في أيام دراستنا خاصةً الجامعية ما بين الكتب والمكتبات؟!كي نحصل على المعلومات اللازمة لدراستنا وبحوثنا، وكم كنا نتمنى أن يأتي اليوم للحصول عليها بطرقٍ أسهل، حيث كان البحث يؤخر ويؤجل لعدة أسابيع بسبب عدم توفر تلك المعلومات من الكتب مما يؤخر تقدمنا الدراسي، أما اليوم فكل ما نحتاجه قد أصبح بمتناول أيدينا، وتحققت أمنيتنا للأجيال الصاعدة وحظهم الوفير للتعلم.

وكل ما عليهم هو النقر على المفاتيح ليظهر المارد الإلكتروني وبأسرع من لمحة البصر لتحقيق ما نريده من المعلومات المتنوعة في أي مجالٍ نختاره، وكأنه مارد مصباح علاء الدين الذي طالما تخيلناه قد تحقق ويقول (شبيك لبيك أنا عبدك ما بين يديك) ها هنا كل ما تحتاجونه، ما بين أيدينا وأضحت الملايين من المصابيح في كل مكان، نحن نعيش فترة ذهبية وطفرة تاريخية وعجيبة من أعاجيب الزمان لا يمكن تخيل روعتها وقيمتها الحقيقية في الحصول على أية معلومة في دقائق أو ثوانٍ أحياناً، ولكننا أضعناها في التوافه.

أتتنا على طبقِ من ذهب من عالمٍ تقدم حضارياً وتكنولوجياً، وقفز قفزاتٍ متطورة بعد أن كان عالماً همجياً إلى عهدٍ قريب، والأغرب إننا نحن من نقلنا إليهم القواعد الأساسية للعلوم والتكنولوجيا في الأزمنة الغابرة، وثم غفلنا عنها بإهمالنا ولهونا، وسقطنا من كف التقدم إلى أسفل ما يكون، فسبقونا وتقدموا علينا ثم جاءت الرسالة السماوية مع القرآن الكريم والروحانيات في منطقتنا العربية، ونشرناها للعالم لروعة تطبيقاته وعظمته في التسامحٍ وكرم الأخلاقٍ والعدل والمساواة وحُب العمل والعلم، وعوضاً عن استعماله للتقدم والرقي خذلنا أنفسنا، وقمنا باستخدام (الإنترنت السحري الأخ التوأم) لنشر وهيمنة الأفكار الخاطئة، ومع غباء بعض علماء الدين الجهلة، والمتسلطين ممن تمادوا في جرائم التفرقة الطائفية وساهموا بنشر الإرهاب والقتل والحرق لشعوبٍ آمنة وغافلة وتدمير أعظم مدننا التاريخية مع حضاراتها التي لن تتكرر، وجعلوا تقدمنا تراجعاً إلى الوراء، ومن العالم بؤرةً لأنشطتهم المشبوهة، وأخافوا الآخرين وقد يمنعوننا من دخول أراضيهم يوماً بل وطرد المسلمين.

ونعود لبدء الحديث وللمصباح السحري والذي عرفتموه حتماً فلا يوجد من استحوذ على عقل وروح معظم البشر واستغلاله أبشع استغلال بقدر ما سيطر علينا النقال وتبعياته، نعم هو ذلك المصباح السحري يستعمله الكبار والصغار والذي تأمره فيطيع لما تريد من خدمات الحجز للسفر أو الأكل أو التعليم أو الترفيه لما تختاره، وبه من المعلومات ما يفوق طاقة كل البشر مجتمعين منذ أول الحضارة الإنسانية وما قبلها (وعلى قفا من يشيل) وفي كل الأوقات ليلاً أو نهاراً، نتعب وقد نمرض، وتتكسر رقابنا وتتنمل أناملنا من النقر عليه، ولكنه لا يتعب ولا يقفل أو يمل أو يرتاح فهو حاضرٌ لما تريد، أما الذي فعلناه بهذا الجهاز العبقري هو القليل جداً، نعم لقد أسأنا استعماله أيما إساءة!

سواء من نشر الرسائل التافهة والفيديو للتصبيح بالخير، إلى نشر الفضائح والمواعظ (التي أكل الدهر عليها وشرب)، والخيانات والصور الإباحية والألعاب للصبية الكبار والصغار...ألخ وللانشغال به لدرجة التفرقة العائلية واستعمالها في كل الأوقات، ودونما ضوابط أو شروط (وهي نقطة الضعف الجبارة لهذا الجهاز).

والتصوير السخيف لكل شيء سواء ما يأكلون أو يلبسون وأصبحت كل الخصوصيات منتشرة على المواقع مثل الانستغرام (الشقيق الآخر للنقال)، ألم نفكر ما هو الهدف من انتشار هذه المعلومات السطحية والشخصية جداً، والتي لا يوجد لها أي مبرر لنشرها سوى تفاهة استغلال الوقت في العبث والشعور بالضياع، وإذ أرى أن الثروة النفطية بدأت تخبو وتتضاءل في قيمتها، وبدأ العالم باكتشافاتٍ بديلة لها، ونراها وهي تتسرب من بين أيدينا كثروة مثل ثروة المصباح، والتي ظهرت قبله، ولم نعرف قيمتها (كالعادة) وصرفناها أيضاً على اللهو واللعب، واقتناء الماديات من قصور وبحور والطيارات الخاصة والسيارات الفخمة... الخ! وإهمال شعوبنا ورمي أقل الفُتات لها، وعدم أخذ الجانب التقني للإبداع، ومعرفة أسرار الاختراعات أو لتحفيزها على التعلم الحقيقي للتواصل والارتقاء للحضارة المسحوقة، وكررنا فشلنا ولم نتعلم من شعوب العالم، من الذين لم توجد لديهم الموارد؛ ولكنهم تقدموا بسبب الاصرار والعزيمة والتقدم العلمي، كاليابان وكوريا والهند والتي وصلت إلى امتلاك أقوى الأسلحة بالعلم والتكنولوجيا الحديثة، والاختراعات.

إن امتلاك هذا المصباح هو إحدى الفرص الضائعة التي كان بالإمكان استغلالها لو عرفنا الطريق إلى قلبه وعقله والاستفادة الإيجابية من وفرته بأيدينا، بهذه الكثافة أضعناها كما أضعنا غيرها.

هل نحن أمة منحوسة حكم علينا الزمان صعوداً ومن ثم نزولاً وتثبيتاً في النزول مهما أتانا من فرصٍ أو بترولية أو روحانية أو حتى سحرية أم شعوبٌ طيبة ومسكينة ومتواكلة لا حول لها ولا قوة، يقودها أناسٌ غافلون ودون أن يكون لهم هدف أو عزيمة أو انضباط لأي نوعٍ من التقدم الحضاري، كان الله في عوننا.

إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"

العدد 4845 - السبت 12 ديسمبر 2015م الموافق 30 صفر 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 6 | 7:40 ص

      ليتهم يتعلمون

      مقال عفوي وخفيف ويمس الواقع بكل شغاف القلب انت شديدة اليقظه والحساسيه دكتوره حفظك الله وكتاباتك الجميله

    • زائر 5 | 7:39 ص

      كان ياماكان روعه

      مقال جميل ومميز

    • زائر 4 | 7:39 ص

      كان ياماكان روعه

      مقال جميل ومميز

    • زائر 1 | 8:38 م

      صدقت يا دكتورة!!!

      ولكن سنبقى خير امة أخرجت للناس...تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر...!!

اقرأ ايضاً