العدد 4866 - السبت 02 يناير 2016م الموافق 22 ربيع الاول 1437هـ

أنجيلا ميركل... المرأة الحديدية الإنسانية

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

أنجيلا ميركل، إمأة عظيمة، انتخبت كمستشارة اتحادية لجمهورية ألمانيا الاتحادية في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2005، ويبلغ عمرها 61 عاماً، وهي ثالث مستشار ألماني من حيث طول الفترة، منذ الحرب العالمية الثانية، وهي متواضعة وتعيش حياة بسيطة، وهي تطبخ لزوجها، وتلتزم بثوابت عائلية محببة، وأصبحت الآن أنموذجاً يحتذى في معالجة الأزمات العالمية.

وبحسب المصادر الرسمية الألمانية، فإن ميركل ولدت في العام 1954 في هامبورغ لأب كان يعمل كاهناً في الكنيسة، وأم معلمة. وبعد ولادتها بفترة وجيزة، انتقلت الأسرة لأسباب مهنية إلى ألمانيا الشرقية، حيث تربت، ثم درست الفيزياء، وحصلت في برلين على الدكتوراه. وكثيراً ما يتم ذِكر مسيرتها المهنية في مجال العلوم الطبيعية على أنها سبب احتفاظ المستشارة ميركل بالهدوء، حتى بعد ساعات طويلة من العمل المجهد.

وفقاً لاستطلاع مجلة «تايم» الأميركية الشهر الماضي، فإن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل هي شخصية العام 2015، وهي رابع امرأة تفوز بهذه التسمية بصورة منفردة (منذ بداية الجائزة العام 1927). ميركل فازت على مرشحين آخرين، من بينهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكن في النهاية وقع الاختيار على المستشارة الألمانية، أو كما يصفها البعض «المرأة الحديدية».

ميركل هي أنموذج للمرأة اللتي أثبتت قدراتها الكبيرة في مواجهة التحديات التي شهدتها أوروبا على مدار العام 2015، وقد نوهت «تايم» بقيادة ميركل للتعامل الغربي مع ضم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للقرم وترحيبها باللاجئين رغم «غلق الأبواب وبناء الجدران وانعدام الثقة» وكيفية تعاملها بحزم مع الأزمة الإقتصادية اليونانية.

ليس مستغرباً، إذن، أن تفوز ميركل بلقب شخصية العام 2015، فهي ليست فقط امرأة «حديدية»، وإنما هي أيضاً «إنسانية»، وقد عبرت عن أمنياتها بمناسبة حلول السنة الجديدة، في كلمة لها، شددت من خلالها على سياسة بلدها إزاء اللاجئين، معتبرة أن اللاجئين فرصة حقيقية. وقالت «ليس هناك مجال للشك بأن استقبالنا لهذا الكم من اللاجئين يتطلب منا المزيد من الوقت والجهد والمال… لكن ماذا عن قيمنا وعاداتنا وفهمنا للقانون، لغتنا وقواعدنا ولوائحنا، كل هذه الأشياء يقوم عليها مجتمعنا وهي متطلبات أساسية للتعايش الإيجابي والاحترام المتبادل لجميع المواطنين في بلادنا».

لقد أثارت ميركل دهشة الكثيرين عند عودتها من عطلتها الصيفية في منتصف أغسطس/ آب 2015، عندما وصفت مشكلة اللاجئين في أوروبا بأنها «تحدٍ أكبر من الأزمة اليونانية» التي غطت على ما عداها طوال النصف الأول من عام 2015. وكانت ميركل هي التي ناهضت التيار المعادي للمهاجرين في أوروبا، ولذا، أعلنت الحكومة الألمانية في بداية الأمر عن استعدادها لاحتضان 800 ألف لاجئ في ألمانيا خلال العام 2015. وعندما احتجت الحركات المتطرفة في ألمانيا على ذلك، ووصفوها بـ «الخائنة»، لأنها أبدت تضامنها مع اللاجئين، لم تهتز أمامهم، وأثبتت أنها تستطيع مواجهة التحديات بقلب كبير، تماماً كما كانت قدراتها العقلية قوية وواضحة في مواجهة الأزمة الاقتصادية اليونانية.

ميركل شهدت انهيار النظام المالي العالمي وتأثر الدول المحيطة بها، ولكنها ليست فقط لم تنهار، وإنما سارعت إلى إنقاذ جيرانها، وواجهت أكبر أزمة هجرةٍ إنسانية تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، وطرحت الحلول الإنسانية والعملية لها.

لا غرابة أن ميركل تتمتع بشعبية كبيرة بين الألمان، وبين المهاجرين السوريين، وبين الكثيرين، لأن فترة مستشاريتها هي الفترة التي عادت فيها ألمانيا لتلعب دوراً فعالاً في القضايا الأوروبية والعالمية، الاقتصادية منها، والسياسية والإنسانية.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 4866 - السبت 02 يناير 2016م الموافق 22 ربيع الاول 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 2:50 ص

      لا يقوم تعامل القادة الأوربيين على الإنسانية ؛ بل المصلحة

اقرأ ايضاً