العدد 4866 - السبت 02 يناير 2016م الموافق 22 ربيع الاول 1437هـ

خواطر أثناء التجول في سوق المنامة

سلمان سالم comments [at] alwasatnews.com

نائب برلماني سابق عن كتلة الوفاق

في يوم صادف وجودنا في سوق المنامة التجاري عن غير قصد محدد، ليس في نيتنا التسوق أو شراء أية سلعة معينة، وإنما كان قصدنا تذكر الماضي الجميل لسوق المنامة الذي يمتد إلى أكثر من 50 عاما. أجيال الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين، يتذكرون جيدا كيف كانت سوق المنامة تعج بالمتسوقين من المواطنين والوافدين العرب والأجانب، ويتذكرونها في مواسم التخفيضات على وجه الخصوص كيف كانت تزدحم محلاتها التجارية الكبيرة والمتوسطة والصغيرة بالكثير من المشترين وغيرهم بصورة تفوق كل التوقعات، وتزداد مبيعات المحلات التجارية في مواسم التخفيضات بنسبة كبيرة؛ لأن الكثيرين من الناس كانوا يؤخرون مشترياتهم الإلكترونية والكهربائية وغيرهما من السلع الضرورية والكمالية إلى موسم التخفيضات، ليستفيدوا من نسب التخفيضات التي يطرحها التجار في الموسم.

كان الناس بالفعل ينتظرون الموسم بفارغ الصبر كما يقولون، وتجدهم يعدون أنفسهم ماليا قبل الموسم بعدة أشهر، للاستفادة من الموسم بأقصى ما يمكن. لم يخطر ببال أجيال تلك الأزمان السالفة أن يأتي يوم من الأيام يصل حال سوق المنامة إلى هذه الصورة الكئيبة كما هي الآن. من دون مبالغة، لقد رأينا الكثير من المحلات الواقعة بشارعي باب البحرين والشيخ عبدالله والشوارع الفرعية تشكو من ندرة الزبائن، ورأينا أصحابها يضعون أيديهم على خدودهم من شدة الجمود الاقتصادي القاتل الذي يعاني منه البلد بصورة عامة. رأيناهم ينتظرون المشتري وكأنهم ينتظرون غائبا يئسوا من قدومه، ومن يشاهد سوق العاصمة بهذا الوضع غير المألوف سابقا تتزاحم في ذهنه الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام الكبيرة، لماذا وصل حال السوق الذي يقع في قلب العاصمة إلى هذا المستوى المتردي؟

هل بسبب وجود المجمعات التجارية الكبيرة والمنتشرة في مختلف مناطق البحرين، والتي تحوي تحت سقف واحد جميع ما يحتاجه الزبون دون عناء؟ أم بسبب هجرة أبناء العاصمة إلى مناطق بعيدة عنها؟ أم بسبب الوضع الاقتصادي وانخفاض سعر برميل النفط إلى مستويات لم يكن أحد يتوقعها من الاقتصاديين؟

هذه العوامل لها دور بارز في وصول حال السوق بهذه الصورة المخيفة، كما ان خوف وتوجس المواطن من المستقبل الاقتصادي أدى إلى تقليله شراء السلع غير الأساسية.

هناك أخبار تفرض نفسها على السوق، مثل الأرقام الكبيرة للدين العام التي تصل إلى 10 مليارات دينار، والعجز في موازنة البلاد العامة، الذي لم يسبق له مثيل في الأعوام السالفة. وذا فان من يقوم بزيارة واحدة إلى سوق المنامة يجد أصحاب المحلات في حيرة شديدة، بسبب الغموض الذي يكتنف مستقبلهم التجاري، بعضهم عندما تسألهم عن حال السوق، يعبرون عنها بـ «الميت»، والبعض الآخر ينعتونه بـ «التعبان»، وبعض ثالث يصفونه بـ «الهلكان»، وجميعها سمعناها من الكثيرين، وهي توحي بأن أحوالهم الاقتصادية خانقة، ومن كلامهم تشعر أنهم جميعهم أتعبتهم الديون المتراكمة عليهم كثيرا، لدرجة أنهم لا يقدرون على تخفيفها، ناهيك عن سدادها، وأتعبهم سوء حال السوق الذي آخذ في التراجع السريع.

الكثيرون ينتظرون معجزة، أو مبادرة فعّالة، تخرجهم مما هم فيه، وفي وسط هذه الأحوال الاقتصادية القاسية يجد المواطن نفسه محاصراً بالهموم والخوف من المستقبل، وعاجزاً عن إيجاد الوسائل والطرق التي تخفف من حدة مشكلته المالية.

محدودية الدخل الشهري وكثرة احتياجاته الأساسية كلها دفعت المواطن لاتخاذ بعض الإجراءات التقشفية على نفسه وعلى أفراد أسرته. فليس غريبا إذا ما قال مواطن إنه يستحي من أصحاب البقالات الذين يطالبونه بإلحاح بسداد ديونه كلما رأوه، والمواطن الذي لديه أبناء قد تخرجوا من الجامعات منذ سنوات ليست بالقليلة وهم عاطلون عن العمل يعذره العقلاء إذا ما قال إنه يعيش هموما كبيرة. كيف لا وهو يرى فلذات كبده يعانون من قسوة الحياة أمامه، بسبب حرمانهم من أبسط حقوقهم وهو خدمة وطنهم بصورة مجزية ومشرفة.

إقرأ أيضا لـ "سلمان سالم"

العدد 4866 - السبت 02 يناير 2016م الموافق 22 ربيع الاول 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 1:46 م

      الأزدحام

      الازدحام الشديد في المنامه وعدم وجود باركات من الأسباب الأساسيه للهجرة ، بالرغم اني احب اجواء المنامه

    • زائر 1 | 11:45 م

      قسوة الحياة ..

      بسبب حرمانهم من أبسط حقوقهم وهو خدمة وطنهم بصورة مجزية واعالة انفسهم والعيش بكرامة وعزة .

    • زائر 2 زائر 1 | 1:33 ص

      مخالفات المرور

      مخالفات المرور قطعة سوق المنامة بسبب مخالفات المرور ما يعكيك مهلة حتي دقيقتين بتشتر جوتي ثلاثة دينار مخالفة عشرة دينار اروح المجمع افضل لوصار الفرق دينار

اقرأ ايضاً