العدد 5091 - الأحد 14 أغسطس 2016م الموافق 11 ذي القعدة 1437هـ

في النظرة الأولى خطأ كثير

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

النظرة الأولى لا تعطي كل شيء. لا تقدم نظرة شاملة على جميع الأصعدة. فكم من شخص التفت إلى صورة فوتوغرافية أو لوحة فنية لوهلة واحدة فوجدها مختلفة تماماً عما وجدها غيره حين مرّ نظره بها سريعاً. وهو الأمر الذي استغله بعض المشتغلين في ألعاب التركيز وغيرها ليقدّموا تسليةً لجمهورهم عن طريق الاستفادة من هذه النقطة. تشاهد الصورة لتكتشف بعد ذلك أن بداخلها أكثر من صورة، وأكثر من زاوية، وأكثر من كائن .

النظرة الأولى لا تقتصر على الأشياء فقط. فكم من شخصٍ ظننا أن به خير الدنيا كله حين عرفناه أول مرة. لنكتشف بعد أن نعاشره لمدة أطول، أن الصورة التي رسمناها له ما هي إلا محض وهم؟ كم من الناس ظننا أنهم قد يكونون لنا عوناً في الحياة، فإذا بهم يكونون سبباً في مشكلات كثيرة؟

وكم من أشخاص ظننا منذ اللقاء الأول بهم، أو مما نسمعه عنهم، أنهم خيرة خلق الله خلقاً وديناً، فإذا بهم لا يمتون للأخلاق بصلة حين نتعرّف على جواهرهم؟

وعلى العكس تماماً، كم من البشر ظننا أنهم سيئون ولكن الوقت كان كفيلاً بأن يجعلنا نغيّر آراءنا فيهم بعد أن نكتشف كم الخير بدواخلهم؟

كم من الناس كانوا صوراً مهزوزة أمام أعيننا، وحين انتبهنا لتوازننا اكتشفنا أن الخلل كان لدينا وأنهم من الاستقامة ما يجعلنا نخجل من طريقة تفكيرنا؟

الانطباع الأول كالنظرة الأولى تماماً، قد تخفي الكثير من الأخطاء والمغالطات، وهو ما يجعلنا نراجع المثل الذي طالما تشدقنا به: «الكتاب يقرأ من عنوانه». المثل الذي ما يزال أساساً لدى كثيرين في التعامل. فهم يحكمون على الشخص الذي أمامهم من الظاهر منه، دون الالتفات إلى ما يخفيه من جوهر.

هذا الانطباع يؤدي إلى وقوع مشكلات كثيرة، خصوصاً في جانب الثقة بالآخرين. قد يجعل بعض الأشخاص يفقدون ثقتهم بمن حولهم، حين يوغلون في نظرتهم الخاطئة التي تقوم على أساس الخير، وبالتالي تراهم يجفلون من غيرهم، إلا من يستطيع تجاوز أزمته فيكون قادراً على استعادة الثقة بغيره بعد أن يفهم كيف يجب عليه ألا يأخذ الناس بجرائر بعضهم.

ومن جانب آخر قد يجعل من كان في موضع الاتهام، وهو بعيد عن الخطأ يشعر بالإهانة ويتريث في التعامل مع غيره بشفافية وعفوية مجدداً. وهو أمر فيه كثير من التجني على النفس قبل الغير. إذ أساس التعامل مع الآخرين هو الاهتمام بالثقة بالنفس وبالآخرين، ما لم يظهر لنا ما ينفس هذه الثقة، والعمل بالأصل وبما يميله علينا الضمير.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 5091 - الأحد 14 أغسطس 2016م الموافق 11 ذي القعدة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 3:03 م

      الناس صناديق مفاتيحها التجربة ،والانسان في الشدة غيره في الرخاء

    • زائر 2 | 12:10 م

      يمكن تقصدين

      الإنطباع الأول
      أحياناً يكون الانطباع الأول أو الشعور الآني الذي نشعر به تجاه شخصٍ ما نراه للمرة الأولي هو الحكم الصادق الصحيح علي هذا الشخص حتي وإن مرَّ هذا الشعور بتحولات نقيضه ومضاده بعد فتره من المعرفه إلا أننا في النهايه نكتشف أنَّ الشعور الذي شعرنا به تجاه هذا الشخص لأول مرة قبل عشرين سنه مثلاً كان هو الحكم الصادق علي هذا الشخص، ولكن ليس دائماً كما أوضحت في البدايه.
      علي العموم أحب كتاباتك أستاذه سوسن واستمتع بقرائتها وأستفيد منها

    • زائر 1 | 3:04 ص

      سوسن انا من متابعي كتاباتك ما شاء الله عليك تكتبي اللي أفكر فيه وأعاني منها احس انك انت المترجمة لأغلب افكاري لأَنِّي لا احسن الكتابة والتعبير
      اشكرك من كل قلبي ان شاء الله تقرأين التعليقات على كتاباتك الرائعة

    • زائر 3 زائر 1 | 1:14 م

      أري

      إنك تُحسن الكتابه والتعبير

اقرأ ايضاً