العدد 5125 - السبت 17 سبتمبر 2016م الموافق 15 ذي الحجة 1437هـ

 إدمان الإنترنت وتأثيراته على فقدان الذاكرة وغيره من الأمراض

سهيلة آل صفر suhyla.alsafar [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

توقفت لثلاثة أشهر تقريباً عن الكتابة لأسبابٍ لا أكاد أعرفها فقد أصبت بوعكة صحية، وزكام بدايةً ما أنهكتني وزادت من التقلب في المزاج مع الحرارة الشديدة، والتي صاحبتها بالكسل والملل!

وإذ يتعرض البعض منا إلى الأفكار والتي تغزونا من كل صوب وتزيد من تشتتنا، قررت حينها الابتعاد والسفر علني أتمكن من استكشاف المزيد من الجوانب المختبئة في نفسي والعالم من حولي، حيث أجدد الطاقة وأعود أحسن من الأول والحمدلله، وإذ أعتذر لذلك.

وأعود بدايةً للتحدث عن ذلك العملاق الذي بات يصيبني بالأرق والإجهاد لكثرة الرجوع إليه في كل صغيرة وكبيرة، حتى بت أعتقد بانني مصابةً بالإدمان والذي يتسلل بخفة بين ثنايانا كالغاز المخدر، ويسيطر على عقولنا في غفلةٍ منا وكأنه (الأخ الأكبر)، وإذ أتساءل ما الذي جعل هذا الجهاز الجبار يشكل حياتنا ويتحكم في أوقاتنا وأمزجتنا؟!

تلك (الشبكة الإلكترونية) الملعونة (sweet &sour) هي الآن الأهم في حصولنا على كل شيء في مشوارنا الحياتي، ودعوني أعيد وصفها بالشبكة المفيدة الرائعة بدايةً للحصول على ما نريد سواء من المعلومات العملاقة أو الشهادات الجامعية والثقافة والكتب والڤيديوهات التعليمية إلى الخدمات الترفيهية والمشتريات من المأكولات والملبوسات والأجهزه كافةً... ألخ وبأسرع من لمح البصر، وظهرت الأماكن لتبيع كل شيء من المخازن وتوصلها حيثما نشاء وبأسعارٍ أرخص بكثير من المحلات العامة! (بسبب انخفاض المصاريف الإدارية) أي شيء وفي أي وقت، ما جعل الليل والنهار متساويين في خدماتها، وهي المصيبة المنتظرة مستقبلاً.

وبدأت المحلات تغلق أبوابها وتعلن إفلاسها في الغرب بسبب قلة ارتيادها ، ليتحول الغالبية إلى طريق الإنترنت، وازدادت البطالة مع تسريح الموظفين، وانخفضت مثلاً المكتبات في إنجلترا من أربعة آلاف مكتبة إلى الألف وفي فترةٍ قياسية، وكذلك الكثير من محلات السوبرماركت المعروفة والكبيرة والألبسة والأجهزة، وكل خوفي هو انتشار هذه الظاهرة في بلادنا وبقاء الناس في بيوتهم وغلق الأسواق، وتسريح الموظفين وزيادة أعداد العاطلين، ومعها تنتهي إحدى النزهات في التجوال في المجمعات والقليلة للتمشي في بلادنا، وتُصبح صرحاً من الماضي، وينكفئ الناس في بيوتهم وكراسيهم للتسوق من على الشاشات! وبدء زمن العزلة وابتعاد البشر وتفاعلهم مع بعضهم البعض كما يحدث في الغرب!

وهى بداية خطيرة على المستوى الشخصي للإنسان، ناهيك عن المشاكل الأخرى التي قد تأتينا من تلك الشبكة إذا لم ننتبه في كيفية تحكمها بنا، والطريقة المثلى في استخداماتها، وتبدأ حينما ينسى البعض أنفسهم على الأجهزه والإدمان عليها، وازدياد الفجوة الاجتماعية بين الأسرة والأمراض النفسية مثل الاكتئاب والسمنة.

والتي قد يصاحبها قلة التركيز وفقدان الذاكرة والخمول وتقوس العمود الفقري وأمراض الشرايين وضعف النظر ...الخ والكثير غيرها، إضافةً إلى الجرائم العصرية لسرقة الأموال عن طريق البطاقات الائتمانية بإغراء بعض البسطاء لوضع أرقامهم على الموقع أو التشهير بهم عن طريق أخذ المعلومات من «الفيس بوك» أو «الانستغرام» وتركيب الصور الخليعة، وابتزاز الفتيات بها.

وفي انعدام الرقابة من الأهل للمواقع والتي قد تغري المراهقين والأطفال بالألعاب الجنسية مما يؤدي إلى تدني المستوى الأخلاقي بالآداب العامة في التعاملات الاجتماعية، واستيراد ثقافات خارجية وإباحيه إضافةً إلى الجرائم الجنسية للأطفال وإغوائهم بالأكاذيب.

إن ما ذكرته هو قليلٌ من كثير في هذا الصدد، وهنالك الكثير من الخفايا من الحسنات والسيئات في هذه الشبكة ما لم يسعني المجال لذكرها، وعلينا الانتباه للأخذ بحسناتها بقدر الإمكان لتعويض سيئاتها كمثل البحث عما نحتاجه من حجوزات التذاكر والمعلومات الثقافية أو الفنية والعلمية والأخبار المهمة في حدود المعقول والابتعاد عن التفاهات من الصور التافهة والاشاعات التي لا مردود لها.

وأن لا ننتقل من جهازٍ لآخر، ومن الفيس بوك مثلاً إلى الإنستغرام وبعدها للإيميل و «التويتر» و «الواتس آب»، وثم «السناب چات» وننسى أنفسنا، ونقول والله اليوم أنا ماگعدت كفاية على الإنترنت بس خمس ساعات!

وكلمة أخيرة: إن الشبكة سلاحٌ ذو حدين، وعلينا أن نجيد العزم في استخداماتها بالانتباه بأن لا ننسى أنفسنا في الغفلة أثناء التصفح ولتحديد وقت محدد لتعاملاتنا، كي لا يخطفنا من المحيط وتعاملاتنا اليومية الذي نعيشه والعائلة من حولنا... فلا تنسوا أهاليكم، أبناءكم، وأصدقاءكم، أعطوهم حقهم من الوقت، وإن قضاء الساعات مع البشر هي الثروة الحقيقية، فهم البهجة والفرح والتي تُعطينا حميمية الدفء، تكلموا واضحكوا معهم كثيراً، وأحبوهم فهم الباقون إلى جانبكم، دائماً في هذه الحياة، ولا تهملوهم أو تستبدلوهم بالصور أو الألعاب والأفلام واللقاءات أو الچات الإلكترونية والهائمة في الفضاء، والتي لن تعوضهم أبداً أبداً.

إقرأ أيضا لـ "سهيلة آل صفر"

العدد 5125 - السبت 17 سبتمبر 2016م الموافق 15 ذي الحجة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 9:13 ص

      افتقدنا كلامك

      اهلاً دكتوره انشالله الكلام يكون مفيد ويسعف العوائل التي تعيش في صمت نحتاج برامج توعويه كي نتمكن من اعادة الصرح العائلي مرة ثانيه وعاشت ايدك عالكلام الرائع

    • زائر 1 | 9:10 ص

      مرحبا بيكي

      اهلاً بيكى دكتورتنا والله كلامك موزون و من دهب وعجيب الله يخليكي والله افتقدناك كثير

اقرأ ايضاً