العدد 5137 - الخميس 29 سبتمبر 2016م الموافق 27 ذي الحجة 1437هـ

نظام إدارة الجودة الجديد ينتهج الفلسفات المتقدمة في الفكر الإداري

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

حوكمة المؤسسات تسعى إلى الوصول إلى المستوى الذي تعتمده «منظمة المقاييس الدولية» (International Standardization Organisation) في نظام إدارة الجودة (ISO 9001)، الذي يختص بمقاييس الجودة في حوكمة المؤسسات. وفي العام الماضي، (سبتمبر/ أيلول 2015)، صدر التعديل الأخير لنظام إدارة الجودة ISO 9001:2015، واحتوى على تغييرات تعكس التوجهات الجديدة في علم الإدارة. ويحدّد النظام متطلبات الجودة وكيف يمكن للمؤسسات أن تكون أكثر كفاءةً وتحسّن رضا الزبائن، وقد أعيدت صياغته لكي يسهل على المؤسسات التي حصلت على شهادات تلتزم بالمعايير البيئية ISO 14001: 2015، وغيرها، بأن توفق بين مختلف الأنظمة بصورة سلسة.

نظام الجودة الجديد يأخذ بعين الاعتبار زيادة العولمة، وكيف أثرت على طريقة عمل المؤسسات مع ازدياد توقعات الزبائن والأطراف المعنية الأخرى، ومع الضغط المتزايد من المجتمع الأوسع الذي يطلب الكثير من المعلومات، وذلك بعد أن أصبح صوته أعلى من أي وقت مضى. أكّد النظام الجديد على المبادئ المتقدمة في الفكر الإداري، وأدخل عدداً من التغييرات الجوهرية، ومنها ما يلي:

- التأكيد على استخدام المؤسسات لنهج العمليات الأفقية المتسلسلة (Process Approach) التي تستهدف الاستجابة لمتطلبات الزبائن بصورة متسقة مع تدفق سير العمل. وهذا يتطلب تحديد المدخلات والمخرجات المتوقعة من كل عملية، وتحديد مؤشرات الأداء الرئيسية. ويشمل هذا النهج استعراض الروابط، والجهات، والتفاعلات التي تحتاجها العمليات التي تبدأ بتحديد متطلبات الزبائن وتنتهي بتقديم المنتج أو الخدمة. ويشمل ذلك تعريف العمليات وقياسها، وأن تكون النتائج متسقة مع المتطلبات، وقابلةً للتنبؤ بها من خلال الرصد، مع توفير إدارة فعالة وكفوءة ضمن نظام متماسك، ويتيح هذا النهج إمكانية تحسين الأداء بصورة مستمرة عبر تركيز جهود التحسين وتضمينها العمليات الأساسية.

- التركيز على القيادة: نظام الجودة في السابق يركّز على دور «ممثل الإدارة» وكيف يتدخل لضبط الجودة، أما النظام الجديد فيأخذ بالفلسفة الإدارية الجديدة التي تتحدث عن غرس الدور القيادي في جميع العاملين بالمؤسسة، وتمكينهم بصورة أكبر من دون الحاجة لممثل الإدارة. ولذا، فإن النظام الجديد - في حال الحاجة إلى تدخل إداري في محطات قليلة - فإنه يتحدّث عن ممثل «الإدارة العليا» لكي يتحمل أعضاء الإدارة العليا المساءلة عن فعالية نظام إدارة الجودة.

- التأكيد على نهج الكفاءات (Competency) لتحديد مستويات الكفاءة اللازمة للعاملين في المؤسسة من أجل أداء العمل، ويجب على المؤسسة التأكّد من أن هؤلاء العاملين يمتلكون الكفاءات اللازمة، من خلال التعليم، أو الخبرة، وبرامج التدريب، والتي يجب أن توثّق من خلال نظام الجودة.

- إدارة المخاطر: يركز نظام الجودة الجديد على (Risk Management) وهذا التغيير يعتبر أن المخاطر المرتبطة مع التهديدات يجب أن تكون ضمن عملية التخطيط لكي يتم اتخاذ إجراءات وقائية قبل أن يحدث الخطأ. وقد أصبحت إدارة المخاطر جزءاً من الفكر الذي يتطلب إدارة سليمة واستباقية للمخاطر، وهذا يتطلب تحديد المخاطر وتأهيل نظم الإدارة مسبقاً لها. والمخاطر هنا تتجاوز النطاق الضيق للمنتج أو الخدمة المقدّمة، ويشمل كل ما يتعلق بتوفر المنتج (الخدمة) للزبائن على المدى الطويل. إدارة المخاطر تعني أيضاً العمل على التحسين المستمر.

- اتخاذ القرارات المبنية على الأدلة: يركّز نظام الجودة الجديد على اتخاذ القرار بالاعتماد على الأدلة (Evidence-based decision-making)، إذ إنه من المرجح أن تحقق المؤسسة النتائج المرجوة، والحد من نتائج غير مرغوب فيها، عندما تتخذ القرارات بناءً على تحليل الوقائع الصحيحة والبيانات والمعلومات. وهذا يتطلب الموضوعية في اتخاذ القرارات، وزيادة فهم العلاقة بين السبب والنتيجة، وزيادة القدرة على إثبات فعالية القرارات السابقة.

- المعايير مفتوحة على المنتجات والخدمات: كانت إدارة الجودة تركز أكثر على المصانع التي تقدم «منتجات»، ولكن النظام الجديد يفتح المعايير كلها بصورة مرنة لكي تشمل جميع أنواع المؤسسات التي تقدم «منتجات» أو «خدمات».

- المعرفة مورد أساسي للمؤسسة: نظام الإدارة الجديد يأخذ أيضاً باقتصاد المعرفة، ويعتبر «المعرفة» مفتاحاً لنجاح المؤسسات والمشاريع وتطوير الأعمال. ولذا فإن النظام الجديد يطلب تحديد المعارف اللازمة لمزاولة النشاط وفقاً لنظام إدارة الجودة وتحقيق الأهداف المحددة، وأنه يجب الحفاظ على المعرفة وحمايتها وإتاحتها عند الضرورة، إضافةً إلى توقع التغيرات في احتياجات المعرفة وإدارة مخاطر الفشل في اكتساب المعرفة في الوقت المناسب.

- استخدام مصطلح «الأطراف المعنية»: وسّع نظام إدارة الجودة الجديد مصطلح أصحاب المصلحة (Stakeholder) ليشمل جميع الأطراف (Interested Parties)، لأن الأطراف المعنية قد تكون أوسع من السابق، بما في ذلك المنافسين، أو أي شخص أو مؤسسة في المجتمع تتأثر بالنشاط الذي يخضع لإدارة الجودة. وهذا يعني أن على المؤسسة أن تنظر إلى السياق الذي يحيط بها وزيادة الاهتمام بجميع «الأطراف المعنية» وفهم توقعاتهم.

- المرونة مع الوثائق: في السابق كانت هناك صرامةٌ في ضبط الوثائق (Controlled Document). النظام الجديد يأخذ بعين الاعتبار رقمنة المعلومات ويستبدلها بمصطلح «معلومات موثقة»، (Documented Information) ويهدف هذا التغيير إلى تزويد المؤسسات بقدرٍ أكبر من المرونة في وصف وتوثيق نظام إدارة الجودة الخاصة بهم.

- إدارة العلاقات (Relationship Management): نظام إدارة الجودة ينتهج ما يطرحه الفكر الإداري الجديد حول أهمية إدارة العلاقات الإنسانية لتحقيق النجاح المتواصل. فالمؤسسات يجب أن تدير علاقاتها مع الأطراف المعنية لتحسين تأثيرها على أداء نجاحها المستمر. إن إدارة العلاقة مع الموردين وشبكة الأطراف المعنية له منفعة متبادلة، ولذا فإن عدم الاهتمام بها يؤثر بشكل سلبي على المؤسسة ونشاطاتها. وعليه، يجب إدارة العلاقات مع الزبائن والموردين والشركاء والموظفين والنقابات، والمصرفيين، وأعضاء المجتمع المدني، والأحزاب السياسية بما يحقق رؤية المؤسسة ورسالتها والقيم التي تقوم عليها، وتتفاهم من خلالها مع جميع الأطراف المعنية. والهدف هو تأسيس علاقات متوازنة تحقق مكاسب على المدى الطويل في مختلف مجالات التطوير والتحسين.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 5137 - الخميس 29 سبتمبر 2016م الموافق 27 ذي الحجة 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 8:50 ص

      احسنت، ولكن هناك معوقات اساسية في تطبيق الافكار الادارية فمثلا، النهج الجديد يقوم على فكرة القيادية والمبادرة لدى الجميع فكل شخص لديه ميزات مختلفة عن الاخر وكلهم يسيرون وفق رؤية موحدة ولكن ما نراه عمليا بان تميز احد الموظفين يعرضه للمخاطر من قبل الادارة التي تعلوه بدلا من تشجيعه والسبب ان الادارة قد لا تمتلك امور معينة.

    • زائر 1 | 1:01 ص

      سأحفظ هذا الموضوع على ظهر قلب لاهميته

اقرأ ايضاً