العدد 5207 - الخميس 08 ديسمبر 2016م الموافق 08 ربيع الاول 1438هـ

التطوع في معادلة صون بيئات السواحل

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

السواحل هدف إستراتيجي في منظومة جهود المجتمع المدني، وتمثل محورا رئيسيا في معادلة خطط العمل التنفيذي في صون بيئات المناطق الساحلية، ومقوما جوهريا في منظومة المسئولية الاجتماعية، وتتمثل المسئولية الاجتماعية بشكل تفاعلي في الآلية التشاركية والتآزرية للنشاط التطوعي، وتشهد السواحل في كل عام في 5 ديسمبر/ كانون الثاني، بمناسبة اليوم العالمي للتطوع في أنشطة مجتمعية، وتنفيذ برامج متنوعة الأهداف والوظائف التوعوية والتنموية، إذ تنشط مجموعات العمل التطوعي في تنظيم حملات تنظيف السواحل، وتنفيذ برامج للتوعية بأهمية الحفاظ على نظافة السواحل، وصون التنوع الحيوي في بيئات المناطق الساحلية، ويندرج ذلك النشاط ضمن إستراتيجية العمل المدني لإنجاز أهداف التنمية المستدامة.

القيمة الروحية والبيئية والاجتماعية للسواحل، تمثل المحفز الفعلي للنشطاء العمل التطوعي البيئي في ابتكار البرامج الموجهة في صون بيئات المناطق الساحلية، وعندما وقفنا في صباح الاثنين (5 ديسمبر 2016) على الشريط الساحلي في قرية باربار مع محبي الطبيعة، عشنا حالة تأمل في مشاهدة الصورة الجمالية لمجموعات الطيور البحرية، وموسيقى هدير أمواج البحر، وزقزقات الطيور، وشعرنا بالقيمة الانسانية لذلك المعلم البيئي، واختلطت في مخيلتنا منظومة من الأفكار للعمل على تفعيل مجموعة من الأنشطة، لتفعيل النشاط الأهلي وتحفيز الجهود الموجهة في إيجاد حلول عملية لتغيير الصورة الحالية للسواحل في بلادنا، ولعل ما يشوه تلك الصورة الجمالية والطبيعية، ويغضب الناشطين في مجموعات الدفاع عن السواحل، السلوك غير الرشيد في تلويث البيئات الساحلية، وتدمير معالمها الطبيعية، ذلك ما استمعنا إليه من بعض رواد ساحل باربار المتواجدين على الساحل أثناء زيارتنا الشريط الساحلي، للاستمتاع بالأجواء الطبيعية، والمناظر الخلابة للبيئات الساحلية في هذه المرحلة من السنة، إذ أشار بعض رواد الساحل في سياق حديثهم إلى الصورة المتناقضة مع روح المكان، وقالوا لاحظوا مخلفات البناء، وعلب زيوت المكائن، والمخلفات الأخرى الملقاة على الساحل، والتنويه إلى قيام عدد من الأفراد، وبشكل دائم بإلقاء مخلفات البناء على الساحل، وتجريف المواقع التابعة للشريط الساحلي، وتحويلها إلى مواقف خاصة للمركبات والأنشطة الخاصة، وتلك الممارسات تتسبب في تشويه الصورة الجمالية لطبيعة المكان، وتترك أثراً غير مريح على نفسية مرتادي الساحل، ومن المفارقة العجيبة عندما كنا نتبادل الآراء بشأن ظاهرة السلوك السلبي في العلاقة مع بيئة الساحل؛ ترجل شخص من مركبته وألقى بكيس مليء بالمخلفات في المياه الساحلية، تلك ظاهرة دائمة الحضور في سلوك بعض الأفراد، وتمثل حالة عامة تشهدها جميع السواحل في بلادنا، وتدلل على ضعف الوعي البيئي للمجتمع، وذلك ما ينبغي على المجتمع الأهلي التشارك والتآزر في العمل على الحد من هذه الظاهرة، وتغيير الحالة وصون القيمة الروحية والجمالية للسواحل، لتكون متنفساً مجتمعياً ومعلماً بيئياً مستداماً للأجيال القادمة.

النشاط التطوعي الموجه في صون نظم البيئات الساحلية يشهد تفاعلا متواتراً طوال العام في البحرين، إذ تنشط مجموعات العمل التطوعي في تنظيم حملات تنظيف السواحل، وتوعية مرتادي المناطق الساحلية بأهمية الالتزام بقواعد النظافة العامة، وحثهم على الامتناع عن ممارسة الأنشطة غير الرشيدة في البيئات الساحلية، والتسبب في تدهور معالمها الطبيعية ومكوناتها البيئية، ويمكن الإشارة في هذا السياق إلى جهود «جوالة نادي المالكية»، وفريق «إيثار لحماية الحياة البحرية»، وفريق «كلين آب بحرين التطوعي»، وبالتفاعل مع ذلك الجهد تخطط مجموعة من محبي الطبيعة في تنظيم نشاط بيئي على ساحل باربار بعنوان «دعوا الطبيعة تتكلم»، وتضم المجموعة: التربوي فاضل حبيب، والفنان التشكيلي عباس الموسوي، بمشاركة 90 طالباً وطالبة بالتعاون مع نادي باربار، وجمعية البحرين للبيئة وعضو المجلس البلدي الشمالي علي عبدالله الشويخ، وبمشاركة مجموعات وشخصيات بيئية، ويتمثل هدف النشاط في نشر ثقافة الحفاظ على السوحل، وإبراز أهمية تأهيل وتنمية السواحل في بلادنا، وجعلها في مقدمة أولويات مشاريع الأهداف الوطنية للتنمية المستدامة.

البحرين تتميز بالمبادرات التطوعية النوعية في صون بيئات المناطق الساحلية، وتتميز هذه المبادرات بتنوع أهدافها وبرامجها، ويمكن الإشارة في هذا السياق إلى مبادرة جمعية البحرين للبيئة في الإعلان عن تنظيم حملة التوعية البيئية لمرتادي المناطق البحرية والساحلية، تحت شعار «البحر حياتنا» وجرى تدشينها في مهرجان باربار البيئي الأول الذي جرى تنظيمه على ساحل قرية باربار بالتعاون مع نادي باربار في 31 أغسطس/ آب 2007، وتمثلت أهداف الحملة في تسليط الضوء على مبادئ وقيم الأجداد في العلاقة مع البيئة البحرية؛ وتنمية الوعي الاجتماعي بأهمية المحافظة على بيئات المناطق البحرية والساحلية، وتحفيز مشاركة المجتمعات المحلية في جهود الحفاظ على بيئات المناطق البحرية والساحلية، وتفعيل القوانين والقرارات والأنظمة الخاصة بالحفاظ على بيئات المناطق البحرية والساحلية. وفي إطار أهداف الحملة، جرى إنتاج فيلم توعوي: «هكذا قال شيوخ البحر»، إعداد الفنان يوسف الزيرة، وتنظيم المهرجان الثقافي البيئي «للبحر ايقاع»، وإصدار كتاب توعوي للأطفال بعنوان البيئة البحرية.

المجتمع قوة دفع مهمة في تجذير مؤسسات ثوابت أهداف الحراك المجتمعي في صون بيئات المناطق الساحلية، ويمكن الارتكاز على جهده الرقابي والتنموي والاستفادة من مبادراته في إنجاز أهداف خطط العمل التنفيذي، لتأهيل وتنمية وصون نظم البيئة الساحلية، وفي سياق ذلك يمكن الإشارة إلى مبادرتين مهمتين للمجتمع المحلي، أكدت حضورهم في خريطة العمل الأهلي في تفعيل جهود صون معالم البيئات الساحلية، وتمثل لجنة ساحل المالكية من المبادرات الأهلية المهمة في هذا السياق، إذ تبنت في أنشطتها تنظيم حملات تنظيف وتوعية مرتادي الساحل، وحثهم في المحافظة على نظافته وتنظيم الفعاليات والأنشطة الثقافية، ودعوة الشركات والمؤسسات للمشاركة في حملات تنظيف الساحل، كما أن تجربة البحارة وهواة البحر ومرتادي الساحل في قرية باربار، تمثل تجربة نوعية في أهدافها وآليات عملها، إذ تتميز بطابع الحرص على صون مشاهد التراث البحري، والرقابة المتواترة للواقع البيئي والأنشطة المجتمعية في الشريط الساحلي، وتَمثل ذلك في لم شمل البحارة وهواة البحر بشكل حضاري، في موقع واحد والالتزام بمتابعة الأنشطة ورصد المخالفات، والحد من التجاوزات على الشريط الساحلي، وتفعيل الشراكة الأهلية لمتابعة تنفيد خطط العمل التي تتبناها الجهات المختصة والحكومية في تأهيل المعالم البيئية والتطوير الحضري للشريط الساحلي.

المسئولية الاجتماعية أكدت حضورها في النشاط المدني، ويبقى السؤال قائما كيف يمكن صون ما تبقى من السواحل؟ وما الإجراءات التي ينبغي اتخاذها لتحقيق ذلك الهدف؟ وهل إنجاز ذلك الهدف مسئولية المؤسسة المختصة والحكومة وحسب، أم إنها مسئولية مشتركة لتحقيق أهداف استدامة السواحل؟

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 5207 - الخميس 08 ديسمبر 2016م الموافق 08 ربيع الاول 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 11:43 م

      انت أوّل عطني سواحل بعدين حاسبني على تنظيمها ونظافتها.
      السواحل في البحرين اصبحت من الماضي وكما قال عبد الحسين عبد الرضا لدينا شبه سواحل لنقول لأطفالنا هذا ساحل البحر وهكذا كانت السواحل داير مدار البحرين

اقرأ ايضاً