العدد 5219 - الثلثاء 20 ديسمبر 2016م الموافق 20 ربيع الاول 1438هـ

68 عاماً من الألم

غانم النجار ghanim.alnajjar [at] alwasatnews.com

كاتب كويتي

مرت علينا الذكرى الثامنة والستون لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان قبل أيام، حيث صدر في العاشر من ديسمبر/ كانون الأول العام 1948، وهي ذات السنة التي شهدت نكبة فلسطين، والتي تراجعت لدرجة أنها لم تعد موجودةً ضمن اهتمامات الخريطة الدولية أو الإقليمية. في السنة ذاتها صدرت اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، والتي قرّرت الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تجعل من 9 ديسمبر يوماً دولياً للتذكير بتلك الاتفاقية.

كذلك ربما يكون من المفيد التنويه عن أن 9 ديسمبر هو أيضاً اليوم العالمي لمكافحة الفساد. وربما يدفعنا ذلك للتأكيد على علاقة وطيدة وراسخة بين انتشار الفساد وانتعاش الفاسدين وبين زيادة واستفحال انتهاكات حقوق الإنسان.

في المنطقة العربية تتزايد حالة استلاب الكرامة الإنسانية وتدميرها تدميراً، وكلما فتحت بارقة أمل مهما كانت صغيرة أغلقت بأقفال تبرر ذلك القمع وتلك الاستهانة، ولعل ما يجري في سورية هو مجرد تذكير بحجم المأساة، التي ستصبح أمراً عادياً قريباً وينساها الناس.

نحن نعيش اليوم أسوأ حالة لاجئين مرت على تاريخ البشرية، ومازال العالم فاشلاً في التصدي لها، حيث بلغ عدد اللاجئين عبر زوارق الموت الناقلة لهم خلال المحيطات أكثر من 65 مليون إنسان، متجاوزين بذلك حجم اللاجئين بعد الحرب العالمية الثانية. ويزيد ذلك الأمر تعقيداً حجم الأطفال فيما بينهم، حيث زاد عددهم خارج المدارس بسبب الحروب على 13 مليون طفل في 5 دول عربية فقط. ولا داعي لتبيان ما يعنيه ذلك من مبررات استمرار الإرهاب، من خلال فرص تجنيد الآلاف من أولئك الشباب للقيام بعمليات قتل وتدمير لمجتمعاتهم أو غير مجتمعاتهم.

لا أظن أننا هنا نتحدث عن إجراءات وأساليب لوقف حالة الهدر الإنساني المستمرة، وحالة اللامبالاة بين البشر، فقد تبلدت الأحاسيس، ولم تعد مشاهد الدماء المسفوكة مؤثرة، اللهم إلا في حالة الشحن السياسي، فلا يظهر الاهتمام بالنزيف الإنساني، إلا عندما يكون الضحية من جماعتنا، أو مذهبنا، أو عرقنا. أما الطرف الآخر فليذهب للجحيم، ولا تختلف في ذلك أقلية عن غالبية.

العالم كله من رأسه إلى أخمص قدميه، هذا على افتراض أن للعالم رأساً، يعاني أزمة أخلاقية، لتعامله بغرور وغطرسة مع حالة الاستلاب الإنساني السائدة في العالم، والاستمرار فيها لن يقودنا إلا إلى مزيد من الكوارث.

في الذكرى الـ68 لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يهيمن على الأجواء السياسية الدولية الانغلاق، والتطرف، والتهاون مع سفك دماء الآخرين، ولا يبدو أن هناك بصيص أمل في التئام الجروح النازفة، للأبرياء. ولذا صار على دعاة السلام واحترام كرامات الإنسان أن تتضافر جهودهم وتتطور أدواتهم للتعامل مع المآسي القادمة بصورة أكثر وعياً وأكثر فعالية، وهو أمر على رغم صعوبته من الممكن تحقيقه.

إقرأ أيضا لـ "غانم النجار"

العدد 5219 - الثلثاء 20 ديسمبر 2016م الموافق 20 ربيع الاول 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 12:33 ص

      امس فلسطين واليوم العراق وسوريا وبكره اوطاننا الباقيه يا عرب .. خير الدفاع هو الهجوم على اهل الشر .

    • زائر 1 | 12:25 ص

      حقوق التي ترعاها دولة مثل بريطانيا او امريكا فبئس منها. انما وضعت هذه الحقوق والمصطلحات الاخرى لايجاد مبررات للتدخل في شؤون البلدان والا فهل يعقل ان ينصف انسان من قبل دول استعمارية

اقرأ ايضاً