العدد 5305 - الخميس 16 مارس 2017م الموافق 17 جمادى الآخرة 1438هـ

منع مئتي مليون مسلم من دخول الولايات المتحدة

شفيق الغبرا comments [at] alwasatnews.com

أصدر الرئيس الأميركي الاثنين الماضي إعلاناً إدارياً جديداً بخصوص الهجرة وسياسة التأشيرات الخاصة بالمسلمين، في هذا القرار تم وضع ستة شعوب إسلامية (ليبيا وسورية واليمن وإيران والصومال والسودان) والتي يصل تعدادها تقريباً للمئتي مليون في دائرة الممنوعين من الهجرة للولايات المتحدة والحصول على تأشيرة جديدة تسمح لهم بدخول أراضيها، وقد تضمن الإعلان منع اللاجئين من هذه الدول من القدوم للولايات المتحدة. ولم يضع القرار الجديد قواعد خاصة للدخول والخروج. ولا يوجد ما يمنع الرئيس من زيادة اللائحة لتشمل مجتمعات جديدة، في القرار الجديد تم استثناء حاملي التأشيرة الراهنين، وحاملي الكارت الأخضر.

وللقرار الأميركي تبعات إنسانية لأنه يمنع طلبة وطالبات مبدعين من القدوم للولايات المتحدة للدراسة والتخصص، كما يمنع أطباء من التخصص في المجالات النادرة، ويمنع من يتطلب علاجاً من القدوم وكذلك من يريد أن يستثمر من أصحاب الأعمال من هذه الشعوب من القدوم للولايات المتحدة. لنفترض أن مواطناً سورياً صاحب أعمال أو طالباً جامعياً سورياً يقطن في بريطانيا ولديه إقامة صالحة وأراد الذهاب لمدة عام للولايات المتحدة لتنفيذ بحث أو لتكملة جانب من متطلبات الدكتوراه فإن القرار الجديد سيمنعه من دخول الولايات المتحدة وسيمنع كل أب أو أم أو أخ أو ابن من زيارة أقرباء الدرجة الأولى من الأميركيين.

ويعكس القرار طريقة في التفكير، فالتعميم لا يصيب أي من أهدافه، بل يعقد المشكلة. وتتأكد عنصرية القرار بكونه يستهدف مجتمعات عربية وإسلامية بلا تميز بين فرد وآخر، بل والأكثر من ذلك أنه لم يعرف أن أحداً من تلك المجتمعات شارك في ممارسات إرهابية في الولايات المتحدة منذ الحادي عشر من سبتمبر حتى يومنا هذا. وفي كل إحصاء ودراسة عن توجهات الرأي العام في الدول العربية كتلك التي نشرها المركز العربي للأبحاث في الدوحة تأكيد على رغبة شعوب المنطقة العربية في حياة كريمة وديمقراطية وحرة، والثورة الخضراء في إيران هي الأخرى انعكاس لما يريده قطاع كبير من الشعب الإيراني. القرار الجديد يعني أن شخصية مثل السيد خاتمي أو أعضاء المعارضة السورية من ضحايا النظام السوري أو شخصية سودانية كالصادق المهدي لا تستطيع دخول الولايات المتحدة بجواز سفر بلادها.

وقد أعلن عدة مدعين عامين في عدة ولايات منها نيويورك وماسيتشوسيتس وأوريغون ومينيسوتا وولاية واشنطن وهاوي أنهم سيرفعون دعوى قضائية ضد القرار الجديد انطلاقاً من أنه يضر بمصالح جامعات وأماكن علاج ووظائف واحتياجات هذه الولايات.

إن هدف ترامب الاقتصادي في إيصال النمو الأميركي لأربعة في المئة لن يكون ممكناً مع سياسة غير متزنة كهذه، فأميركا بحاجة لأيدي عاملة ومهاجرين من كل الفئات، وخاصة أن الأميركيين لديهم نسب خصوبة محدودة لا تفي باحتياجات الاقتصاد والنمو. إن سياسات ترامب تجاه الأقليات (الأكثر تكاثراً) وتجاه الهجرة ستحرم الاقتصاد من النمو الذي تصنعه الأيدي العاملة المنتجة. لهذا فالنمو الأميركي المقبل سيكون نمواً على الورق وذلك من خلال تسهيلات وقروض ستقدمها البنوك، وهذا سيخلق فقاعة اقتصادية جديدة سيكون انفجارها أسوأ منكارثة 2008 الاقتصادية. لقد أزال ترامب بقرارات مفاجئة القيود التي وضعها الرئيس أوباما على البنوك بعد الأزمة الاقتصادية، هذا الأسلوب المتبع من الرئيس ترامب سيعطي نتائج اقتصادية لصالح البنوك ولصالح رفع قيمة أسواق الأسهم المالية الأميركية، لكن ذلك نمو ذو طبيعة وهمية وسيعود ويؤسس للأزمة الاقتصادية العالمية المقبلة.

لقد كان النموذج الأميركي يستوعب كل من يصل للأراضي الأميركية، وذلك من خلال التعليم والعدالة والمساواة والفرص المتساوية، كان القادم الجديد للأرض الأميركية يشعر أنه في وطنه حتى لو كان بقاؤه لا يتجاوز الأيام والشهور، لقد بني النموذج الأميركي على الاستيعاب، وهذا سبب تفوقه على الأوروبي والروسي والعالم الثالثي والصيني، لقد فازت الولايات المتحدة في الحرب الباردة بسبب عدم التعميم على الشعوب، فهي لم تمنع الفيتناميين ولا السوفيات ولا الألمان من القدوم لأراضيها، وفي هذا نجحت في تأكيد تفوق نموذجها. قرارات الرئيس ترامب ليست أميركية، وستواجه بمقاومة أميركية ستزداد ضراوة.

إقرأ أيضا لـ "شفيق الغبرا"

العدد 5305 - الخميس 16 مارس 2017م الموافق 17 جمادى الآخرة 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 12 | 4:01 ص

      كل دولة لها حق حماية الامن و الاسلامة شعبها دول التى منعت الدخول ما وراها إلا المشاكل و الإرهاب الدولى

    • زائر 11 | 1:24 ص

      تصرف طبيعي وهناك بلدان تمنع مواطنيها من السفر إلى عدة دول معينة
      كل دولة لها سياستها الخاصة

    • زائر 10 | 1:23 ص

      للعلم أن الرئس الامريكي ليس بيده كل الصلاحيات فالقرارات تمرر الى الكونجرس والسنت فيأيد القرار أو يرفض
      وليس مثل بعض الدول الذي يكون قرار الرئيس نهائي ولا يمكن اعتراضه

    • زائر 6 | 12:37 ص

      زعيم امريكي يحكمه الجشع والحماقة والطمع فلا تتوقّع منه الا القرارات المثيرة للجدل وفي خلال فترة بسيطة اصبح القضاء مقارعا لقرارات الرئيس

    • زائر 5 | 12:19 ص

      في أحوالنا الشخصية كلنا عندنا بيوت ونستقبل فيها ضيوفنا بكل حفاوة وترحيب ، ولكن هل نحن مجبرون علي ان نستقبل كل من رغب في زيارتنا ؟
      هناك أشخاص قد يكونون قريبين وهناك جيران لانود زيارتهم لنا ، وكلٌ له أسبابه الخاصة التي قد لاتعجب الاخرين أو لايتفهمونها كما نود نحن منهم فهمها .

    • زائر 3 | 11:46 م

      ...
      وبعدين هل الولايات المتحدة مقصد للحجيج أوبها مزارات مقدسة للمسلمين حتي يشتكي المسلمون من منعهم دخولها ؟؟ !!
      بصراحة ناس ماعندها سالفة كل شي عندهم موضوع لازم يحملون همه !

    • زائر 1 | 10:27 م

      كل دولة لها سياستها ومن حقها تحمي اراضيها بطريقتها الخاصة

    • زائر 4 زائر 1 | 11:58 م

      هذه ليست سياسة دولة!! هذه رغبة شخصية!! ولو كانت سياسة دولة كان طبقت من قبل وليس هذا الرئيس أفضل من إللي سبقوه!! والأسف اننا نرى الظلم على غيرنا ونسكت ولكن عندما يطالنا الظلم نصرخ ونبكي.

اقرأ ايضاً