العدد 5306 - الجمعة 17 مارس 2017م الموافق 18 جمادى الآخرة 1438هـ

الحب سمو والكراهية سقوط

رملة عبد الحميد comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

كن رائعاً وتجاهل من يسيء إليك، تحمل وجامل وقابل بالإحسان، وفي الوقت ذاته كن منصفاً حينما يأتي الخطأ من حولك اتجاه الآخرين، عش بسلام في حرية وفكر وإحساس، ولا تدع للكره أن ينال من حياتك.

إن انعدام مشاعر الأمن والقدرة على التكيف في ظروف قاسية، وتضخم المعاناة في وسط القهر والحرمان، واختلال التوازن الاجتماعي، لا يكون داعياً إلى الكراهية وحب الانتقام.

الأمر صعباً جداً في الخروج من سيطرة الكراهية الجماعي والعيش في اللاوعي، والخروج عن الانسياق العام، فالشعور بالكراهية في حد ذاته أقل ما يمكن للدفاع عن الذات، ووجودها في حال شعرت بالظلم أو الإهانة، الهم الجماعي هم مشبع ومسيطر بل طاغٍ ومن السهل الانقياد نحوه ومن الصعب الانفلات منه.

إن تجرد الانسان من الكراهية لا تعني سذاجة أو انعدام إنسانية، بقدر ما هي صفاء نفس وسمو خلق وارتفاع عن الدنو، وعن كل ما يدنس النفس البشرية من آثام وبغيضة، ولكن هل نستطيع الخروج من شرنقة الكراهية؟ وخاصة اتجاه من ظلمنا يوماً، أو سخر منا، أو لم ينصفنا وهو في موضع القوة أو الاستطاعة، من يمتلك تلك النفسية والقدرة على أن يحب؟، نعم، من يمتلك تلك المشاعر هو متجرد من الضغوط، بل يكون ناكراً لذاته في أروع صوره تتجلى فيها وتتسامى الروح نحو الرفعة، وخاصة إذا كنت تمتلك مبدأ يقوم على أن الرفض للموقف والسلوك لا يندفع نحو الكراهية والجنوح إلى الانعزال والرفض، وممارسة ما كان يرفضه.

هل يجتمع الحب والكره في النفس البشرية في آن واحد، بمعنى أن تعيش المشاعر المتضادة، فكيف لإنسان أن يحب شخصاً، ويكره آخر لدرجة أن يؤذيه وينال منه بأقصى درجة يستطيعها؟ وهل من يقتل كرهاً يعرف الحب ويستشعره؟ في اعتقادي الحب والكره لا يجتمعان، ومن يشعر بحب لغيره وهو متشبع بالكراهية هو واهم وهو ليس محباً، والحالة التي يعيشها لا تخرج عن كونه محباً لذاته، لأنها لا تخرج عن أمرين إما محب لمصلحة ليست بالضرورة مادية، ربما تكون معنوية، كالأنس والامتاع والمصاحبة أو يحب نفساً أخرى لأنها جزء من ذاته وتكوينه ولحمه ودمه، كأبنائه وأهله، وفي الحالتين هو يحب ذاته، وما الحب الذي يشعره إنما هو ما يسد به شهوته؛ لأن المحب لا يكره أبداً، وهذا ما يشير إليه الطبيب والمفكر المصري مصطفى محمود، إذ يقول: «إن الكراهية تكلف أكثر من الحب، لأنها إحساس غير طبيعي، إحساس عكسي مثل حركة الأجسام ضد جاذبية الأرض. وهي حركة تحتاج إلى قوة إضافية وتستهلك وقوداً أكثر. الكراهية نمو إلى تحت، وليس نمواً إلى فوق، إنها نمو يتغذى على نفسه ويأكل بعضه، والحب الذي ينقلب بسرعة من غرام ملتهب إلى كراهية ملتهبة هو الحب الشهواني الأناني الصغير الضيق الأفق الذي لا يحالفه الفهم والعقل». فانشر الحب، فالحب لا يفهمه إلا عاقل، ولا يجيده إلا مترفع، وفقاً لما يقال «الحب حكمة والكره غباء».

إقرأ أيضا لـ "رملة عبد الحميد"

العدد 5306 - الجمعة 17 مارس 2017م الموافق 18 جمادى الآخرة 1438هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 4:41 ص

      ...

      مقال كله حكم ومواعظ... سلمت يد الكاتبة على كل هذه الحكم وأتمنى أن نرى حكماً أخرى وشكراً

اقرأ ايضاً