العدد 553 - الخميس 11 مارس 2004م الموافق 19 محرم 1425هـ

توزيع الاتهامات يكشف عن تخبط القيادة الأميركية

على خلفية تفجيرات كربلاء وبغداد

عبدالله العباسي comments [at] alwasatnews.com

لا، لن أقول كما يقول البعض هنيئا لشهداء عاشوراء وليتنا كنا معكم، لن أقول ما قاله هذا البعض الذي (يحسد الفقراء حتى على موتة الجمعة)، بل أقول أية يد آثمة كانت وراء هذه الجريمة البشعة التي ذهب ضحاياها أكثر من مئتي قتيل والمئات من الجرحى؟ أي منحط ذاك الذي فقد ضميره ليقوم بتفجيرات ظالمة ورهيبة في يوم ذبح سيد شهداء العالم وأكثرهم إصرارا على مواجهة الطغيان مهما كلف الأمر؟

من ترى وراء هذه الكارثة المحيّرة؟ هل هم الأميركان «إسرائيل»؟ أم فلول البعث؟ هل جماعة القاعدة؟ مَنْ مِنْ مصلحته القيام بهذه المجازر؟ ومن أكثر قدرة في الإتيان بهذه الجرائم؟ ومن له تاريخ طويل في الإجرام؟ بالنسبة للزرقاوي الذي ركزت القيادة الأميركية ضده. فالبيان الذي صدر يؤكد أنه بالفعل قتل قبل سنة ولهذا فالأميركان رفعوا قيمة الجائزة إلى الضعف فجأة لمن يدلي بمعلومات تؤدي للوصول إليه لمعرفتهم بأنه لا وجود له، ولو يعلمون أنهم يتورطون بدفع هذا المبلغ الكبير لما ضاعفوا الملايين العشرة، والسؤال المهم أين الآلاف المؤلفة من جنود الأميركان؟ أين مباحثهم والعاملون معهم من العراقيين؟ لماذا لا تنتهي هذه الانفجارات وتتوقف بل هي تزيد وتتسع؟ قبل اعتقال صدام قالوا إنه وراء التفجيرات وعدد آخر من رفاقه فماذا قالوا بعد أن وقع في يدهم؟ واتضح أن هذا الذي كان أسدا على شعبه مختبئا كفأرة مذعورة في حفرة صغيرة.

سورية ليس من مصلحتها على سبيل المثال فعل ذلك وهي متورطة وتريد الفكاك وتقول (يا الله السلامة). وقيل إنه كان ضمن من تم إلقاء القبض عليهم إيرانيان وبالطبع من الشيعة ولا يمكن أن تفعل إيران ذلك ومن المستحيل أن يكونا ضمن تنظيم «القاعدة» وقيل سوداني معهم ونحن لم نسمع طوال هذه الفترة منذ قيام طالبان أن يكون السوداني أيضا من القاعدة أوان الحكومة السودانية لديها ثار عند الشيعة.

إن هذه التغيرات في الطرح وتوزيع الاتهامات يمينا وشمالا يكشف عن مدى تخبط القيادة الأميركية وأنها تريد أن تبعد التهمة عن نفسها، إن ادعاء الأميركان بأن لديهم معلومات مؤكدة ورسالة مكتوبة بأن الزرقاوي وراءها ادعاءات باطلة لأن الرسائل يمكن أن تكتبها المخابرات الأميركية فهذه تدخل ضمن لعبتهم، ثم إن تعمد إغفال مراقبة الحدود من قبلهم، مع ما يملكون من أكثر التكنولوجيا تطورا ما يسهل عليهم مراقبة الكون كله فلماذا لا يستخدمونها؟ ألا يعني كل ذلك ذريعة لتمرير ما يريدون وهم يعرفون اليد الخفية التي تأخذ راحتها في هذه التفجيرات اليومية؟ ربما يقول أحدنا لماذا يكون بعض الضحايا من الجيش الأميركي؟ والرد لماذا لا يكون ذلك لإخفاء أطماعهم الكبرى؟ ثم إن معظم الجنود ليسوا من الأميركان البيض بل إن كثيرا منهم من المرتزقة الذين لا يلقون طعاما فيضمونهم للجيش. هب أنه كان وراء هذه التفجيرات تنظيم «القاعدة» وهم فئة متطرفة شخص الأمين العام لحزب الله السيدحسن نصرالله نوعيتهم فهذه الفئة قتلت من السنّة الآلاف المؤلفة عندما حكمت أفغانستان ربما ضعف من قتلتهم من الشيعة فهل يمكن حتى لو ثبت ذلك أن نتهم سنة العراق؟ وخير من وصف المشهد بعد الانفجار مباشرة ذلك الشاب العراقي الذي قال لإحدى الفضائيات: (السنة كثيرون منهم يعزون معنا فكيف نتهمهم؟)، لقد اندمجت الطائفتان خلال رحلة العذاب الطويلة التي حكم فيها صدام حتى لم يعد يحس أحد بالفرق بينه وبين أخيه السني والدليل أن مؤيدي صدام معظمهم من الشيعة وعبدالكريم قاسم عندما حكم العراق لم يشعر به أحد بأنه شيعي يحكم العراق لأن هموم الشعب العراقي منذ الأزل وراء توحدهم، وكونهم شعبا ذا جذور تاريخية عريقة تجاوزوا مثل هذه الخلافات. إذن الاتهامات يمكن حصرها بين الأميركان وبين «إسرائيل»، إذ إن من مصلحتهما إبقاء العراقيين في رعب دائم ليقبلوا بوجود الجيش الأميركي الذي يحقق الهدف الأهم للصهيونيين المتطرفين وهو إبعاد العراق عن معاداة «إسرائيل». فمصر والأردن الدولتان القويتان المحيطتان بـ «إسرائيل» تم إبرام اتفاقية سلام دائم معهما، وبقي العراق وسورية وفي اعتقادي القضية الأولى بالنسبة لغزو العراق هي إبعاد شبح الخوف عن «إسرائيل» بفرض حكومة (كرزانية) عميلة لأن النفط نحن الذين بحاجة إلى أسواق له خاصة إذا تم تصدير النفط العراقي بكامل قدرته ولم يبق غير سورية بعد ذلك وها هم المحافظون الأميركان (شغالين) من خلال أخذ شرعية الكونغرس لمعاقبة سورية، المهم ألا يورطوا أنفسهم في غزوها كالعراق بعد أن تورط الأميركان بالغزو وفشلوا في السيطرة عليه غير أنهم سيستخدمون الضغط النفسي والاقتصادي عله ينهار بشار الأسد بعد أن أصبح الرئيس الليبي قدوة جيدة لنموذج المنهارين وتحول إلى داعية ومروّج للفكر الإمبريالي الأميركي ما يكشف لنا نموذجا من نماذج الأنظمة العربية المستعدة لفعل كل شيء وإعطاء كل التنازلات من أجل البقاء على كراسيها.

إن الأرجح حسب ظني أن القيادات الأميركية المتعاقبة وأعضاء الكونغرس ومجلس الشيوخ كلها تعمل في خدمة القوى الصهيونية ومن يقرأ كتاب (حكومة العالم الخفية) لمؤلفه شيريب سيبريد دفيتش سيعرف جيدا كيف أن الولايات المتحدة وأوروبا واقعتان تحت تأثير اللوبي الصهيوني وقياديوها يعملون لحساب «إسرائيل» من خلال عضويتهم في الأندية والتجمعات المشبوهة.

ويوضح الكاتب في الصفحة 39 -40 ما يكشف إلى أية درجة بلغتها الصهيونية في السيطرة على أوروبا والولايات المتحدة.

وكتاب (حكومة العالم الخفية) يكشف أي شيطان هذه القيادة الصهيونية وكيف (يمكنها أن تقتل القتيل وتمشي في جنازته) كما يقولون، فمن الأقدر والأقرب في خلق هذه البلبلة وإشعال الحرائق في العراق من الصهيونية العالمية؟

من أين يأتي تنظيم «القاعدة» المحاصَر في جبال أفغانستان بهذه الأطنان من المتفجرات، وكيف تم إدخالها ومتى؟ وإذا كان لديه هذا الكم من الانتحاريين فلماذا لا تستخدمهم في أفغانستان نفسها ضد الأميركان والقادة الباكستانيين عملاء الولايات المتحدة؟! ولو تابع الإنسان مدى شيطانية الصهيونية لأدرك أنه بإمكانها حتى اختراق الإسلاميين وقيادة تنظيم القاعدة نفسها وما جرى في حوادث 11 سبتمبر/ أيلول ليس بعيدا في أن يكون قد جاء من خلال اختراقهم وتعليمهم كيفية التنفيذ من أجل غاية في نفس «صهيون». ولكي تتضح لنا الصورة أكثر علينا بقراءة كتاب «أحجار على رقعة الشطرنج» لمؤلفه وليم غابي كار، وكتاب «بروتوكولات حكماء صهيون» لمؤلفه عجاج نويهض وسأورد مقتطفا قصيرا من كتاب «أحجار على رقعة الشطرنج» لأزيد في ثقة اولئك الذي استطاعت القيادة الأميركية بسبب قدراتها الإعلامية أن تبعد التهمة عنها وعن اللعبة الصهيونية لتلصقها بالقاعدة والزرقاوي أو أية جهة أخرى، ولا ندري إن كان هذا الزرقاوي حيا أو ميتا وهم يكررون اسمه ويعلنون عن رصد الملايين لاعتقاله حتى يصدق الناس وكادوا يصدقونهم فعلا. لنقرأ هذا التقرير السري الذي وقع في يد المؤلف للمؤتمر الاستثنائي لحاخامي أوروبا الذي عقد في (بودابست) في 12 يناير/ كانون الثاني 1952، إذ جاء فيه ما ترجمته من نص الخطاب السري للحاخام الأكبر إيما نوبل رابينوفيتش في المؤتمر:

«تحية لكم يا أبنائي: لقد استدعيتكم إلى هذا الاجتماع الخاص. لاطلاعكم على الخطوط الرئيسية لمنهاجنا كان مخططنا لها - كما تعلمون- يقضي بإرجائها عشرين عاما ريثما نتمكن خلالها من تدعيم المكاسب التي حصلنا عليها نتيجة الحرب العالمية الثانية. بيد أن تعليمات جديدة صدرت إلينا تقضي بتقصير هذه المهلة. يجب أن أبلغكم أن الهدف الذي مازلنا نعمل لأجله منذ ثلاثة آلاف سنة، قد أصبح في متناول يدنا الآن.. ويحتم علينا دنو الثمرة أخيرا علينا أن نضاعف الجهد ونكرس له كل ما أوتينا من عبقرية وخبرة. وأستطيع أن أؤكد لكم الآن أنه لن تمر أعوام قلائل حتى يسترد شعبنا المكان الأول الذي هو حقه المغتصب منه منذ اجيال طويلة، فتعود تلك الأوضاع إلى طبيعتها».

ثم لنطلع على مشهد من كتاب «بروتوكولات حكماء صهيون» لنعرف المزيد عما تنوي الصهيونية فعله، يقول المؤلف: «إن برتوكولات حكماء صهيون هو كناية عن 24 فصلا جمعت عصارة التفكير الشيطاني، في الوصول إلى التسلط على العالم بحكومة يهودية، بعد تخريب «روسيا المسيحية الأورثوذكسية»، و«أوروبا الكاثوليكية»، و«البابوية»، ثم الإسلام. والحكومة العالمية اليهودية هي تنفيذ المطمح الذي وجد اليهود (حسب اعتقادهم) ليحققوه بعد أن تحوّلت مصائب السبي البابلي إلى بركات ساقت «الشعب المختار» إلى أن يصل إلى هذا المصير. فالحكومة اليهودية العالمية، هي أوتوقراطية من نسل داود، وأما الأمم والشعوب على اختلاف الأديان والعروق واللغات والأقاليم والألوان، فهي حيوانات عجماوات».

هذه الافعال في العراق من عمل الشيطان الصهيونية العالمية وإن كانت غواية ستأتي لخلق الله فهي من عند هؤلاء. أليس إغواء تلك المحاولة وتلك القدرة على تفتيت شعب عريق مثل الشعب العراقي وخلق صراع بين طائفتين من أمة محمد (ص). اليوم سينكشف لنا وللعالم كله مدى قدرة الشعب العراقي على الصمود أمام هذه المؤامرة الكبرى إن كانوا من عباد الله المخلصين الذين لا يمكن للشيطان إغواؤهم فعلا، أم ينزلقون في حرب أهلية وينفذ الشيطان قسمه أمام الله عندما أعلنها «قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم» (الأعراف:16)

العدد 553 - الخميس 11 مارس 2004م الموافق 19 محرم 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً