العدد 569 - السبت 27 مارس 2004م الموافق 05 صفر 1425هـ

نحن بريئون من أفعالهم

سلمان عبدالحسين comments [at] alwasatnews.com

كاتب

لقد آن الأوان لتدارك الحوادث المؤسفة التي تحدث بين فترة وأخرى جراء تحريض أشخاص مجهولين لا نعرف عنهم إلا أنهم أعلنوا مظاهرة أو مسيرة هكذا فجأة ومن دون إخطار في المنتديات الإلكترونية، فالمشهد السياسي في البلد وأمنه واستقراره وأجندته السلمية على اختلافها لا تحتمل مزيدا من التداعي المؤسف، ولن يسمح بعد اليوم لفئة ما، أيا تكن جهتها ودوافعها أن تفرض أجندتها على الجمعيات السياسية وقوى المجتمع، ولا يجوز التهاون كثيرا في كشف أهداف من يسعى الى تحريك الشارع بعيدا عن إرادة القوى السياسية والرموز الإسلامية والوطنية، فتصريح رئيس جمعية الوفاق الشيخ علي سلمان بتأكيد عدم التفاعل مع دعوات التظاهر مجهولة المصدر أكبر محفز لمنع هؤلاء النفر المجهولين الهوية من قيادة شارع هكذا بالإشارة.

لقد وضح في أكثر من حادث تسبب في إرباك الوضع السياسي وأجندة المعارضة السياسية، أن هناك جهلا بالتفاصيل من قبل الكثير من قطاعات الشباب، وعدم القدرة على التشخيص في قبال المبادرة السريعة لاتخاذ مواقف غير مدروسة في غالبيتها، إلا أن التطور اللافت في هذه المبادرات أنها أصبحت مجهولة المصدر، لكنها تتحرك باعتبارها دعوات مفتوحة للتظاهر والمسيرات والاعتصامات كانتشار الهشيم في النار، ولا يستطيع أحد إيقافها.

الواضح، أن انفلات فئة قليلة لا تتجاوز مئة شخص يضر بمسيرة عمل سياسي سلمي متواصل، يرغب في قطف ثماره إن عاجلا أو آجلا. هذا الانفلات سيحرك الساحة كلها في دائرة الإدانة والتشنجات البينية جراء الإدانة، وهذا أمر مرهق ولا يحتمل في كل وقت، فأن يحس بعض الأطراف بالنشوة جراء أعمالهم، وأنهم يحسنون صنعا في تحركاتهم ومواقفهم، سيزيد يقينا من تعقيد الساحة بأكثر من أجندة، من دون أن تكون هناك آلية ضبط يحتكم إليها جميع الأطراف حين الاختلاف على المواقف والآراء.

يجب تذكير كل من يخلط عمدا أو سهوا في نظرته إلى تفاصيل الحوادث المؤسفة وتداخلها ما بين الديني والأخلاقي والفوضوي، فالفصل بين هذه الجزئيات أمر مهم، لأنها يقينا لا تنسجم مع بعضها بعضا، ولا يمكن لها أن تشكل وحدة ينطلق منها الإنسان للتحرك في قضية ما، فالنظر إلى المحركات الفعلية لهذه الحوادث المؤسفة هو الذي سيخدم في تشخيص الموقف تشخيصا دقيقا، ومعالجته من دون تأثير على النشاط السياسي والأجندة السياسية المستقبلية، ولا يجوز تبرير هذه الحوادث بأنها جزء من المعالجة بأسلوب خاطئ، لأنها تفتقد التوقيت والهدف والبوصلة الحقيقية للتحرك الجاد.

من كل هذا، فإن ما يحصل من حوادث مؤسفة في ظل وجود أجندة سياسية تتحرك على الأرض، وترجو قطف الثمار، أمر يفتقد الحكمة، والسكوت عنه مناف للحكمة أيضا، لذلك فهذه دعوة موجهة إلى الرموز والجمعيات السياسية والشخصيات الاعتبارية على الصعيد الوطني والإسلامي إلى إصدار رسالة موقعة من أكبر عدد ممكن منهم، ممن يسمع كلامهم ويطاع أمرهم على مستوى الشارع، على أن يتم توضيح الموقف السياسي العام من هذه التحركات، وأنها غير متبناة من قبلهم، لوضع حد فاصل يضع الجميع أمام مسئولياته، ويؤسس لتحرك المواقف السياسية في إطارها المعلن والمشروع، وبآليات محددة، وحركة انضباط عالية المستوى، لأن طبيعة المرحلة بكل تعقيداتها تحتاج إلى المراهنة الفعلية على العمل السلمي لإنجاز كل الملفات العالقة، ولا يمكن المراهنة أبدا على الأجندة الخاصة التي تحركها أسماء مجهولة.

إذا كانت هناك من دعوة جريئة، ونافذة إلى صميم العقول والقلوب، التي تعرف مسئولياتها وتوقيت تحركها بكفاءة عالية، فهذه دعوة إلى الناس لإيقاف الاعتصامات والمسيرات لمدة ستة أشهر، والسماح للأجندة السياسية المزدحمة عند المعارضة أن تتحرك وفق الأطر السلمية، في مناخ صحي وانسيابي، يضمن للمعارضة السمعة الطيبة، ويؤسس لنسق خاص من العلاقة بين السلطة والمعارضة، وهي دعوة لمن أراد تعقلها فقط، أما من أراد أن يواصل أجندته الخاصة وإرباكه الوضع العام، وتحدي مشاعر الجميع، وما يعانونه من أجل الوطن، فنحن نقول له بعد اليوم: نحن براء من كل تفعل، ولا علاقة لنا بأجندتك وتصرفاتك وسلوكك خارج القانون، ولن نتحمل مسئولية أفعالك، فضريبتها باهظة جدا.

ختاما: لكل من في نفسه مرض، رهاننا على العمل السلمي، رهاننا على إرادتنا في تحقيق التوافق السياسي والإنجاز بأعلى مستويات الإنجاز والكفاءة تحت مظلة واضحة غير مشبوهة، أما وقد أعلنها الشيخ علي سلمان، وحدد البوصلة بكل وضوح بعدم التفاعل مع التظاهرات مجهولة المصدر، فلتكن الخطوة الثانية وضع الناس أمام مسئولياتهم، وإعلان البراءة من كل تصرفات خارجة عن إرادة الناس ومصالحهم وأمنهم واستقرارهم عبر الرسالة المقترحة

إقرأ أيضا لـ "سلمان عبدالحسين"

العدد 569 - السبت 27 مارس 2004م الموافق 05 صفر 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً