العدد 577 - الأحد 04 أبريل 2004م الموافق 13 صفر 1425هـ

دعوة إلى إعادة النظر قبل فوات الأوان

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

لو راجعنا ما حدث في الشارع البحريني منذ بدء الاصلاحات السياسية في مطلع العام 2001 فسنجد أن ما نعيشه يمثل مخاضات مملوءة بالحماس، ويتم التعبير عن هذه المخاضات من خلال خطاب يستهدف إثبات الوجود أكثر من استهدافه طرح استراتيجية ومضمون يتعامل مع الواقع الذي تغيّر كثيرا خلال السنوات الثلاث الماضية على جميع الأصعدة المحلية والاقليمية والدولية.

العام 2001 كان عام الأفراح والابتسامات وإعادة تنظيم الصفوف بصورة علنية. في هذا العام تصدّر الساحة الإسلامية الشيعية رموز مثل الشيخ عبدالأمير الجمري، وتصدر الساحة الإسلامية السنية رموز جمعية الاصلاح مثل الشيخ عيسى بن محمد آل خليفة، وأعادت النخبة اليسارية والليبرالية تنظيم صفوفها عبر الاعلان عن مسودة برنامج سياسي.

في هذا العام (2001) كانت هناك نقلة نوعية عندما حدث تقارب كبير بين الشارع الشيعي الذي انتفض في التسعينات والشارع السني «الاخواني»، إلى الدرجة التي صرح عدد من رموز التيار اليساري بخشيتهم من أن ذلك التقارب من شأنه إعادة رسم خريطة جديدة للعمل السياسي في البحرين. ولو تواصلت الجهود في ذلك الجانب فعلا لخرجت إلى الساحة حركة تشمل غالبية شعب البحرين لما لهاتين الحركتين من ثقل في الساحة. ولكن هذا التحالف كان - كما يبدو الآن - مؤقتا إذ سرعان ما انهار مع غياب الشيخ عبدالأمير الجمري عن الساحة بسبب إصابته بالمرض وأيضا غياب الشيخ عيسى بن محمد آل خليفة اللذين حُرمت البحرين من طاقاتهما التي خدمت البحرين عدة عقود من دون كلل.

جاء العام 2002، والقوى السياسية مازالت في بداية طريقها من دون أن تكون هناك أية مراجعة للطرح الذي كان متداولا في تسعينات القرن الماضي. وكان واضحا أن الطرح لم يعد كافيا لأن الخطاب السياسي لابد أن يعبر عن الواقع الذي يعيشه، وينطلق من الواقع الذي يعيشه. ومثال ذلك: اتجاه «الجبهة الشعبية» الذي كان يرفض برلمان 1973 وترتيباته الدستورية، ولكنه أعاد صوغ نهجه وارتضى دستور 1973 وطالب به طوال تسعينات القرن الماضي وطالب ببرلمان 1973 على رغم أنه كان من المقاطعين لتجربة 1973. لا عيب في ذلك أبدا، فالحركة السياسية تطرح خطابها بحسب الواقع المتغير.

العام 2002 هو عام المظاهرات من أجل فلسطين، وقامت الجمعيات السياسية بعرض عضلاتها من خلال التسابق للحشد من أجل فلسطين. وأصبحت الساحة تعج بالمظاهرات والاعتصامات والمخيمات والاضراب عن الطعام من أجل فلسطين. اختلف الشارعان السني والشيعي بشأن الشعارات والصور التي ترفع في المسيرات وخرج الاتجاه اليساري والليبرالي بنهج مختلف عن الشارعين السني والشيعي.

العام 2003 كان عام المظاهرات والاعتصامات وجمع التواقيع من أجل العراق وضد الحرب التي كانت ستشنها أميركا وبريطانيا، وضد الحرب أثناء الحرب... ثم اختفت الظاهرة وكأن شيئا لم يحصل.

أثناء ذلك، أمسك طرف بالساحة السياسية التي قاطعت انتخابات 2002 وأعاد طرح خطاب التسعينات مع إضافة لونين عليه: لون قانوني تسلمته النخبة، ولون تحريضي تسلمته المواقع الالكترونية. ولكن لو أزلنا التلوين القانوني والتلوين التحريضي فسنرى أن الأجندة هي هي، لم تتغير وكأن الدنيا لم تتغير.

عدم التغير يرتبط باللّه وحده؛ فالخطاب العقائدي يرتبط بالمقدس، وفي هذه الحال يقول اللّه سبحانه وتعالى: «وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله» ( البقرة:23)، لأن البيان الإلهي معصوم، أما البيان البشري فليس معصوما، ويجب أن يقبل البشر تعديله او طرح البديل

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 577 - الأحد 04 أبريل 2004م الموافق 13 صفر 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً