العدد 60 - الإثنين 04 نوفمبر 2002م الموافق 28 شعبان 1423هـ

سيف الحشود الأميركية أصدق إنباء من كتب الأمم المتحدة

عمران سلمان comments [at] alwasatnews.com

.

على رغم الجدل الدائر في مجلس الأمن الدولي عن إصدار قرار بشأن العراق، فإن الولايات المتحدة تبدو ماضية في الإعداد لمسرح الحرب بشكل متدرج لكنه دؤوب. الأنباء لا تني تتوارد عن إرسال المزيد من الحشود والتعزيزات العسكرية إلى منطقة الخليج.

ويقول المحللون إن من يريد أن يعرف موعد الحرب المقبلة فإن عليه أن يرقب حركة حاملات الطائرات، باعتبارها مؤشرا على اتجاه الرياح الأميركية.

وخلال الأيام الماضية زادت هذه الوتيرة بإعلان انضمام حاملة الطائرات «يو اس اس كونستيللايشن» ترافقها ست سفن حربية إلى حاملة الطائرات «يو اس اس ابراهام لينكولن» الموجودة في مياه الخليج. وينتظر أن يتحرك عدد من هذه الحاملات في الأسابيع المقبلة من قواعدها في شرقي الولايات المتحدة إلى مناطق قريبة من العراق وخصوصا في الخليج وبحر العرب، في حين تجوب حاليا حاملة طائرات أميركية أخرى البحر الأبيض المتوسط.

كما يستعد الجيش الأميركي لنشر قاذفات «بي 2» الثقيلة (الشبح) في بريطانيا وفي جزيرة دييغو غارسيا في المحيط الهندي كي تكون في متناول أيدي القوات الأميركية في حال تقرر ضرب العراق. والمعروف أن هذا النوع من القاذفات قادر على الإفلات من رقابة الرادار والطيران لمسافة تصل إلى 9600 كيلومتر من دون الحاجة إلى التزود بالوقود في الجو وهي تحمل أكثر من 18 ألف كيلوغرام من القنابل.

وتقول صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية إن طياري البحرية الموجودين على ظهر الحاملة «ابراهام لينكولن» في الخليج يتدربون على شن غارات في الوقت الذي يقومون فيه بدوريات في منطقة الحظر الجوي في جنوب العراق. وتنقل الصحيفة عن قادة عسكريين في الميدان قولهم إن الطيارين يشنون هجمات وهمية على مطارات وأبراج ومواقع عسكرية أخرى في العراق ليألفوا الأهداف التي قد يطلب منهم ضربها في المستقبل.

في الوقت نفسه تكشف وثائق الملاحة الدولية أن البحرية الأميركية تبحث الآن عن مزيد من السفن التجارية لنقل كميات ضخمة من العتاد العسكري الإضافي من أوروبا إلى الخليج لتصل في شهري نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري وديسمبر/ كانون الأول المقبل. وكان قد بدئ في تحميل الطلبيات الجديدة في 31 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وينتظر أن يصل عدد سفن الشحن المطلوبة لنقل الذخيرة والدبابات والمروحيات وغيرها من الإمدادات الجديدة إلى ثماني سفن فضلا عما تملكه وزارة الدفاع الأميركية نفسها. وتعمل المصانع الأميركية في الوقت الراهن بأقصى طاقتها ومن دون توقف تقريبا لإنتاج ما تحتاج إليه آلة الحرب الأميركية من أسلحة متطورة. وقد أوصى مسئولون عسكريون أميركيون أخيرا بتسريع إنتاج صواريخ «باتريوت ـ 3» المضادة للصواريخ من أجل تأمين الحماية للقوات الأميركية في مواجهة التهديدات العراقية.

ويقول مسئولون أميركيون إن البنتاغون ليس لديه حاليا سوى 40 صاروخا من هذا النوع. وينظر إلى الجيل الثالث من صواريخ «باتريوت» باعتبارها تملك أداء أفضل من تلك التي استخدمت في مواجهة صواريخ «سكود» العراقية خلال حرب الخليج العام 1991. وهذا الحشد العسكري الذي تقوم به الولايات المتحدة في المنطقة، فضلا عن التحركات الميدانية الحثيثة، يثير عددا من الأسئلة بشأن النوايا الأميركية الحقيقية تجاه العراق، ولاسيما أنه يتزامن مع مرونة واضحة في سلوك واشنطن في الأمم المتحدة، تجلت في إجراء مفاوضات مضنية مع الفرنسيين والروس لتقريب وجهات النظر بالنسبة إلى القرار المتوقع صدوره بشأن العراق.

فهل كانت واشنطن تموّه على خططها العسكرية؟ أم أن الأمر لا يعدو كونه ضغوطا تمارس على بغداد بغية حملها على الاستجابة لقرارات مجلس الأمن الخاصة بنزع أسلحة الدمار الشامل!

بعض المحللين يذهب إلى قول إن لجوء الرئيس جورج بوش منذ البداية إلى الأمم المتحدة لحل الملف العراقي قد تم من دون قناعة واضحة. فهو حدث بعد نصائح وضغوط مورست على الإدارة الأميركية داخليا وخارجيا. بدليل أن بوش ظل يكرر بعد ذلك أنه على المنظمة الدولية أن تتحرك وبسرعة لنزع أسلحة العراق وإلا فإن الولايات المتحدة ستتحرك بمفردها. وذهب أركان إدارته أبعد من ذلك عبر التشكيك في دور المنظمة الدولية وقدرتها على اتخاذ قرار حازم ضد بغداد.

وبمعنى من المعاني فإن الولايات المتحدة التي اعتبرت منذ البداية عدم التحرك العسكري ضد العراق (ليس خيارا أميركيا) تبدو كمن يسعى إلى إعطاء الانطباع بأن جميع الخيارات مفتوحة، بما في ذلك الخيار السلمي، لكن مع إبراز خيار الردع في الواجهة عبر التلويح المستمر والفعلي باستخدام القوة.

والمسألة الأساسية هنا هي كيف يمكن ضمان إعطاء فرصة حقيقية لنجاح الحل السلمي في الوقت الذي تسير فيه التعزيزات العسكرية حول العراق بوتائر متزايدة؟ وهناك من يتساءل عما إذا كانت واشنطن يمكنها فعلا تجنب إغراء القيام بالعمل العسكري في ظل هذه الحشود التي يبدو مستبعدا إعادتها من جديد إلى المخازن؟

إن الانطباع الذي يتشكل كل يوم لدى الكثيرين هو أن الجهد الدبلوماسي والسياسي الأميركي (سواء داخل الأمم المتحدة أو خارجها) إنما يبذل فقط بنية الانتظار إلى حين استكمال الترتيبات العسكرية وإحكام الطوق على بغداد، وحينها سيطغى هدير الطائرات وأصوات المدافع على صراخ السياسيين وتصريحاتهم

العدد 60 - الإثنين 04 نوفمبر 2002م الموافق 28 شعبان 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً