العدد 619 - الأحد 16 مايو 2004م الموافق 26 ربيع الاول 1425هـ

فرض العقوبات على سورية يجسّد الخضوع الأميركي لـ «إسرائيل»

السيدمحمدحسين فضل اللّه:

السيد عبدالله الغريفي comments [at] alwasatnews.com

تحدث السيدمحمد حسين فضل الله عن آخر النظرات في فلسطين والعراق، فقال: «الوحش الصهيوني يلقي صواريخه المدمِّرة من الطائرات الحربية الأميركية على السكان المدنيين الفلسطينيين في غزة بوحشية مجنونة، بعد اجتياح المناطق الآهلة بالسكان بأسلحته المتطوِّرة التي حصدت الأطفال والنساء والشيوخ، وشرّدت كثيرا من العائلات عن بيوتها، باسم مكافحة ما يسمّونه الإرهاب. ولكن المجاهدين الفلسطينيين واجهوا الموقف ببطولة نوعية متحديّة دمّرت آلياتهم العسكرية، وقتلت جنودها المعتدين الذين تطايرت أشلاؤهم التي اختلطت مع أشلاء آلياتهم في الهواء، ما أدى الى هزيمة عسكرية للجيش الصهيوني، ونكسة سياسية لحكومة شارون الذي لم يستطع - حتى الآن - أن يمنح الأمن لليهود في كيانه، وللجنود من عسكره، ما أدّى الى ما يشبه الصدمة العنيفة التي تحوّلت الى رسالة فلسطينية لـ «إسرائيل» وأميركا بأن كل الترسانة الصهيونية لا يمكن أن تسقط إرادة هذا الشعب أو تُضعف مقاومته أو تُتعب حركته، لأن أجيال الشهداء تنتج في كل مرحلة أجيالا من المجاهدين الذين يتابعون حركة الجهاد من أجل الحرية والاستقلال».

وأشار إلى القمة العربية غير المرتقبة قائلا: «كما هي رسالة الى القادة العرب الذين لايزالون يتنازعون حول القمة العربية في البيان الإنشائي وفي مستوى الحضور وتاريخه، تماما كما لو كانوا في حال استرخاء سياسي، في الوقت الذي تعصف فيه الرياح بالواقع العربي كله أمنيا وسياسيا واقتصاديا. إنها رسالة فلسطين من كل شعبها إليهم أنهم إذا كانوا يخافون من عنفوان «شارون» وسطوة «بوش»، فإن المجاهدين الفلسطينيين سيُسقطون ذلك العنفوان الشاروني وتلك السطوة الأميركية، بجهادهم وصمودهم البطولي النادر الذي يصنع تاريخ النصر في مواجهة الوضع الرسمي العربي الذي لايزال يعيش في أجواء أكثر من هزيمة».

وأضاف إن قيمة الهجوم الفلسطيني على آليات العدو وجنوده الذين تطايرت أشلاؤهم في الهواء أنه يمثل تطاير أشلاء الاحتلال في حركة عاصفة الجهاد والصمود، واهتزاز الوضع السياسي للعدو، وفقدان توازنه النفسي، وانكشاف الأكذوبة الأميركية ـ الإسرائيلية في شعار «الحرب ضد الإرهاب». وحيا «أبطالنا المجاهدين في فلسطين، ونحن نريد للشعوب العربية والإسلامية أن تقف معهم لتبقى المعركة واحدة أمام الهدف الواحد، والمستقبل المشترك في فلسطين وخارجها».

وأشار إلى المشهد العراقي الذي «يتكرر من خلال حركة المحتل الأميركي الوحشي المجنون، الذي غرق في الرمال المتحركة في المقاومة العراقية الرافضة له جملة وتفصيلا، والتي كشفت عن جنونه العسكري الذي بدأ يحصد المدنيين في بيوتهم وسياراتهم وساحاتهم المدنية من دون رحمة، ولا سيما في المدن المقدّسة مثل كربلاء والنجف التي وضعت المرجعيات الدينية فيها خطوطا حمراء على اجتياحها، ولكنه لم يحترم ذلك في محاولة لعرض عضلاته العسكرية، واستعراض قواته المدججة بالأسلحة المتطوّرة التي لا تُستخدم إلا في الحروب الكبيرة».

وأضاف: «لقد عرف العراقيون أن الذهنية الحاقدة على إنسانية الإنسان، والتي مارست أكثر أساليب التعذيب وحشية على الأسرى والسجناء، وأفظعها إذلالا وإهانة لكرامتهم، هي نفسها الذهنية التي تطلق صواريخها على المدنيين في الأماكن الآهلة بالسكان من دون رحمة، باسم فرض القانون والدفاع عن جنودها، وهذا ما عرفه العالم في إحصائيات القتلى والجرحى الذين بلغوا الآلاف من المدنيين العراقيين في شهر واحد. إنها الوحشية التي تستخدمها قوات الاحتلال في ممارسة عمليات القتل في العراق بدم بارد، على الطريقة التي تتحرك بها قوات الجيش الصهيوني في فلسطين».

وأشار إلى سقوط هيبة أميركا في العراق، كما تساقطت صورة القيم التي يتحدث بها الرئيس الأميركي عن حقوق الإنسان وحرية الشعوب والديمقراطية، أمام الدكتاتورية الإمبراطورية المغلّفة بالغلاف الإنساني الذي تكشّف زيفه في الواقع. وفي هذا الجو «فإننا في الوقت الذي نشجب فيه كل الأساليب الأميركية في تعذيب الأسرى وقتل المدنيين العراقيين وانتهاك حرمة المقدّسات الدينية، نرفض الطريقة التي قامت بها بعض الجهات في قتل أحد المواطنين الأميركيين من دون ذنب، ما تستفيد منه الإدارة الأميركية في التخفف من حجم المأزق الذي تعيش فيه إعلاميا وسياسيا، الأمر الذي يجعل هذا العمل يرتد سلبا على حركة المواجهة للمسئولين الأميركيين في قضايا الوحشية في التعذيب، لأن الذهنية هي الذهنية في المسألة الإنسانية».

وتوقف فضل الله عند نقطتين لابد من الوقوف عندهما:

- أولا: إن توقيع الرئيس الأميركي على قانون محاسبة سورية الذي يفرض بعض العقوبات عليها، يجسّد الخضوع الأميركي لـ «إسرائيل» في القرارات المتصلة بالعالم العربي، ولاسيما سورية التي أكدت استقلالها وانفتاحها على الحوار، ورفضها للضغوط المفروضة عليها. وإن أميركا تكرر الكذبة الكبرى المفضوحة في تبرير الحرب على العراق بامتلاك أسلحة الدمار الشامل، لتتهم سورية وغيرها من الدول غير الخاضعة لها بذلك، في الوقت الذي تملك فيه «إسرائيل» كل أسلحة الدمار الشامل بمساعدة متطورة من أميركا، وترفض التوقيع على معاهدة حظر الأسلحة النووية، مع تصريح سورية بأنها لا تملك شيئا من ذلك. كما تتحدث عن دعم سورية لما تسمّيه الإرهاب، والذي تقصد فيه دعم حركات التحرر في فلسطين ولبنان، من دون أن تسجّل على «إسرائيل» إرهابها في احتلال أرض لبنان وسورية وفلسطين.

وذكّر فضل الله بأن أميركا أرادت من سورية دعم احتلالها للعراق، وهذا ما لا ينسجم مع المبادئ السياسية السورية في قضايا الحرية والاستقلال. والسؤال هو: من يتولى محاسبة أميركا و«إسرائيل»، الدولتين المارقتين اللتين تعتبران نفسيهما فوق القانون والمحاسبة؟

- ثانيا: إننا نستنكر المجازر التي حصلت أخيرا في نيجيريا ضد المسيحيين، كرد فعل للمجازر التي حصلت في مكان آخر في ذلك البلد ضد المسلمين. إننا نرفض هذا النوع من الفعل ورد الفعل في النزاعات الدينية، ونريد للمسيحيين والمسلمين أن يرتفعوا الى مستوى القيم المسيحية والإسلامية المشتركة، في الدعوة الى المحبة والرحمة والكلمة السواء، والحوار بالوسائل الحضارية والتعايش على قاعدة القيم الإنسانية. ونطالب الحكومة النيجيرية والعقلاء من الشعب النيجيري الطيب أن يعالج هذه المشكلات الدموية بحكمة ورويّة ومسئولية، لأن مثل هذه الحوادث ليست في مصلحة الإسلام والمسيحية على حد سواء

إقرأ أيضا لـ "السيد عبدالله الغريفي"

العدد 619 - الأحد 16 مايو 2004م الموافق 26 ربيع الاول 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً