العدد 727 - الأربعاء 01 سبتمبر 2004م الموافق 16 رجب 1425هـ

سورية والتجديد للرئيس إميل لحود

فايز سارة comments [at] alwasatnews.com

.

حسمت دمشق خياراتها بشأن الاستحقاق اللبناني، وقررت دعم التجديد للرئيس اللبناني إميل لحود لعهد رئاسي جديد مدته 3 سنوات، وهو أمر سيتطلب موافقة الأكثرية في مجلس النواب اللبناني، كما يتطلب تأمينه في مسارات إجرائية عبر السلطة التنفيذية ممثلة في الحكومة من جهة ورئاسة مجلس النواب من جهة ثانية، وبدأت فعلاً تلك المسارات الإجرائية.

وكما هو واضح في اللوحة السياسية اللبنانية، فإن خيار دمشق يجد دعماً مهماً في لبنان من جانب الرئيس لحود الذي أبدى استعداده أخيراً لتولي الرئاسة لفترة أخرى، وهو ما يدعمه رئيس مجلس النواب وزعيم حركة أمل نبيه بري، أحد أهم حلفاء سورية في لبنان. ويوافقه هذا الرأي وأن بتحفظ ما حليف سورية الآخر رئيس الوزراء رفيق الحريري الذي أعلن مراراً اعتراضه على تجديد رئاسة لحود لفترة تالية، لكنه وافق في النهاية على خيار دمشق تحت ضغط «المصالح الاستراتيجية» تاركاً لنفسه فرصة مستقبلية للتعامل مع عهد لحود في رئاسته المقبلة.

وبتراجع معارضة الحريري للتجديد استعاد الموقف اللبناني الرسمي وحدته وتناغمه مع الخيار السوري، وهو ما سيترك أثره الواضح على المؤسسة التشريعية وموقفها من التجديد. إذ سيوفر توافق الرئاسات الثلاث، والكتل النيابية التي تدعمها أكثرية برلمانية لتمرير تعديل في الدستور اللبناني، يضمن التجديد للرئيس لمدة 3 سنوات مقبلة.

وتتألف المعارضة البرلمانية لخيار سورية في التجديد للرئيس لحود من مجموعة نيابية لا تتعدى في الظاهر 35 نائباً موزعين على كتل ومجموعة من المستقلين، وكتلة اللقاء الديمقراطي، التي يتزعمها النائب وليد جنبلاط، أحد حلفاء سورية التقليديين، أكبر كتل معارضة للتجديد، وتضم 18 نائباً، يضاف إليها كل من كتلة التجدد ولها نائبان، والكتلة الشعبية في كسروان، التي تضم 3 نواب، والكتلة الشعبية في زحلة ولها نائب واحد، فيما يبلغ نواب كتلة قرنة شهوان 5 نواب، والمستقلون 6 نواب.

ويحتاج تعديل الدستور إلى أصوات 86 نائباً من أصل 128 هو العدد الإجمالي لأعضاء البرلمان اللبناني، وإذا لم يحصل غياب عن الجلسة سيتم تمرير التعديل حتى لو بقي عدد النواب المعارضين على ما هو عليه الآن، لكن من المشكوك باستمرار معارضة النائب وليد جنبلاط وكتلته للتعديلات الدستورية في التجديد للرئيس لحود.

وإذا كانت عملية التجديد للرئيس لحود، أكدت مدى النفوذ السوري في وسط النخبة السياسية في لبنان، فإنها في جانب آخر، أكدت وجود كتلة معارضة لعملية التجديد، وهي معارضة تبلورت منذ طرح موضوع الاستحقاق الرئاسي في لبنان قبل أشهر، وكان بين أركانها الأساسيين البطريرك الماروني نصرالله فير، وتجمع قرنة شهوان وكتلة اللقاء الديمقراطي بزعامة النائب وليد جنبلاط. وركزت المعارضة على أمرين هما رفض التمديد والتجديد للرئيس لحود، بما في ذلك رفض إجراء تعديلات على الدستور اللبناني، وهذا يعني تأييدها إجراء انتخابات رئاسية، يتنافس عليها عدد من المرشحين للوصول إلى رئاسة الجمهورية اللبنانية.

لقد أغلق خيار سورية التجديد للرئيس لحود باب الانتخابات في لبنان ومنع وصول أي من المرشحين إلى منصب الرئاسة، وخلق إشكالات سياسية، أثارت وتثير اعتراضات لبنانية ضد سياسة دمشق، حتى في صفوف أنصارها والمقربين منها، كما الاعتراضات على ما جرى ستتوجه إلى الرئيس إميل لحود في فترة رئاسته المقبلة، ما سيعمق المأزق السياسي في لبنان الذي يعاني من أزمات متعددة بينها تردي الاقتصاد وارتفاع معدلات البطالة وزيادة أعداد اللبنانيين المهاجرين الباحثين عن فرص للعمل والحياة خارج لبنان الذي ينخره الفساد والرشاو والفقر وصعوبات العيش وفقاً للمعطيات المعروفة، وهذه جميعاً تؤشر إلى أن الفترة المقبلة من رئاسة إميل لحود ستكون ميدان أخذ ورد وصراع بين سلطة لحود ومعارضيها الذين ستتسع دائرتهم وخصوصاً مع انفضاض بعض مناصري العهد الذين احتملوه على مضض في الفترة الأخيرة.

لقد ركز معارضو التجديد والتمديد للرئيس لحود على ان معارضتهم، لا توجه بصورة أساسية ضد سورية في لبنان، ولا هي معارضة لشخص الرئيس لحود، بل إنها في سياق الالتزام بالدستور اللبناني والحفاظ على النظام الديمقراطي الذي يعطي اللبنانيين الحق في اختيار رئيس جديد لهم، ومن أجل إيجاد حلول للمشكلات التي يعانيها لبنان واللبنانيون، والتي أعترف الرئيس لحود بمسئوليته في اطار مسئولية النخبة اللبنانية الحاكمة عنها.

إن المخاوف الناتجة عن تجديد رئاسة لحود ونمو المعارضة سواء لسياسة سورية في لبنان أو لعهد لحود، قد لا تكون جدية وفاعلة، وغالباً يمكن أن تكون تحت السيطرة، ما لم تتدخل فيها عوامل وإرادات خارجية، أطلت برأسها في إعلان مواقف أميركية وبريطانية وفرنسية والمانية، أبدت عدم رضاها عن الدور السوري في الاستحقاق الرئاسي اللبناني، ما يفتح الباب أمام تدخلات في الموضوع اللبناني، وتتجاوزه إلى ضغوطات وإجراءات ضد سورية في المرحلة المقبلة

العدد 727 - الأربعاء 01 سبتمبر 2004م الموافق 16 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً