العدد 736 - الجمعة 10 سبتمبر 2004م الموافق 25 رجب 1425هـ

الرموز

غسان الشهابي comments [at] alwasatnews.com

سادت عبارات ومصطلحات على الساحة المحلية السياسية، وذلك منذ فبراير/ شباط الماضي وحتى أمد لا يعلم أحد مداه. ومن بين هذه المصطلحات، تأتي كلمة «الرمز» واحدة من أكثر العبارات المستخدمة على أساس أنها مرجع الأمر، ومنتهى الخلافات، وجامع الآراء، والقول الفصل في كل شأن.

يأخذ هذا المصطلح على عاتقه إمكان «إسكات» أو «إطلاق» أي مشروع، فإذا لم «تباركه» الرموز فمحكوم عليه بالفشل، وقد يفرده الناس «إفراد البعير الأجرب» فلا أحد يتعامل معه، ولا يقترب منه، وإلا اعتبر مخالفاً للرمز، وفي المقابل ربما يكتب لأي مشروع أو تحرك النماء والصعود إن تمت توشيته باسم «رمز» أو أكثر، ويتخذ من قول «الرموز» عباءة شاملة تغطي ربما المشروع نفسه، فيصير المشروع رمزاً، والرمز مشروعاً قائماً في كل حين.

بالتالي، صار إدخال «الرموز» في كل شأن من الشئون الحياتية، سواء كان اجتماعياً أو سياسياً أو ثقافياً، صفة لازمة حتى وإن كان رمز ما، لا تعنيه القضية، أو ربما غير مهتم أو متخصص فيها، ويعيد مفكرون وعلماء ومتخصصون إنتاج ثقافاتهم الخاصة، ومنطلقاتهم بما يتوافق مع ما يصدر عن الرمز، وهذا يعني تحديد فرص تنامي المشروعات خصوصاً السياسية منها حتى يرى الرمز رأيه فيها، ويقول كلمته في شأنها، وهذا الأمر يخلق دائماً طبقات تقف درجة مقبوليتها واحترامها بين الجمهور على مدى قربها من «الرمز» أو بعدها عنه، وتصبح هذه الطبقات ناقلة عنه، أو متحدثة باسمه، أو مرجحة لكفة على الأخرى كونها الأقرب إلى فهم طريقة تفكير الرمز نفسه، أي أننا بصدد تكوين رموز، وممثلين عنهم، ومتحدثين باسمهم، وقريبين من الممثلين... وهكذا تتناسل الرتب والرمزيات، في حين يضطر أصحاب الخبرة والدراية والعلم أن يخفوا وجهات نظرهم الحقيقية حتى لا تصطدم بما قاله الرموز، وبالتالي يصبح الرمز أكبر من المشروع، والمشروع رمزاً له

إقرأ أيضا لـ "غسان الشهابي"

العدد 736 - الجمعة 10 سبتمبر 2004م الموافق 25 رجب 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً