العدد 803 - الثلثاء 16 نوفمبر 2004م الموافق 03 شوال 1425هـ

أوقفوا المهزلة الطائفية

يوسف البنخليل comments [at] alwasatnews.com

شكل التصديق على ميثاق العمل الوطني بداية مرحلة جديدة من المراحل التي مر بها النظام السياسي البحريني، فقد ظل النظام في الفترة التي سبقت ذلك على درجة عالية جداً من الجمود السياسي في ظل تفاقم حركات الاحتجاج التي توالت منذ حل المجلس الوطني في منتصف السبعينات.

وببدء الإصلاح كان من المفروض - نظرياً على الأقل - أن تستوعب الأجواء الجديدة وحال الحرية وفرص المشاركة السياسية جميع المطالب سواءً كانت طائفية أو مناطقية أو حتى تلك الناجمة عن تراكمات سابقة لدى معظم البنى التقليدية. ولكن يبدو أن هناك من ظل بعيداً عن فهم معطيات الواقع، وأصبح يسعى لبناء أجواء من الحرية خاصة به ويحاول رسم طبيعة المشاركة السياسية حسب أجندته الخاصة لتحقيق مكاسب ذاتية. مثل هؤلاء سيبقون بعيداً عن توجهات المشروع الإصلاحي لجلالة الملك الذي بدأ بالوحدة الوطنية واعتمد عليها في تحقيق الخطوات الأخرى اللاحقة.

وإذا كانت القوى السياسية السنية قد حرصت على الدخول في التجربة السياسية الجديدة، ونالت قدراً من المكاسب، فإن المجال مازال مفتوحاً أمام القوى السياسية الشيعية ونيل مكاسب مماثلة، إلا أن الإصرار على تفصيل طبيعة وحجم المشاركة السياسية المتاحة في النظام السياسي البحريني تثير أسئلة كثيرة تتعلق بالمنحى الطائفي والرغبة في التهميش والإقصاء للآخر.

ولذلك فإن الحادث العرضي في مجلس النواب الذي أجج بصورة مبالغ فيها وتم استغلاله وتوظيفه ببراعة من أجل تعزيز الانقسام الطائفي في المجتمع يجب إيقافه، ووقف تداعياته فوراً قبل أن تصبح إرهاصات لحرب طائفية كامنة قد تؤدي إلى عواقب وخيمة مستقبلاً.

ولا أعتقد أنه منذ تدشين المشروع الإصلاحي لجلالة الملك قد شهد النظام السياسي حالاً من الاستقطاب الطائفي الحاد مثل ما يجري حالياً والذي تم فيه إقحام الصحافة والإعلام المحلي، وبرع كل طرف من أطراف الاستقطاب في تشويه سمعة الآخر واتهامه في صدقيته ووطنيته عبر هذه الوسائل. فإذا كانت هناك اتهامات موجهة لهذا النائب أو ذاك فإن معرفة حقيقتها وطبيعة ما جرى لن يفيد، فما قيل لن يختلف تماماً مع ما هو سائد فعلاً في المجتمع ولدى أعداد كثيرة من المواطنين السنة والشيعة ودليل ذلك الحماس الطائفي بعد الواقعة. أيضاً فإن المطالبات بالقيام بتحركات من كل طائفة من أجل إسكات الطائفة الأخرى يجب إيقافه لأنه ضد المشروع الإصلاحي برمته، وضد المصلحة الوطنية العليا، ولا فائدة ألبتة من التعرف على ما حدث في المجلس فعلاً، والإعلان عن التقاضي في المحاكم، فهذا كله إسراف إعلامي وأساليب رخيصة في عالم السياسة ينبغي علينا الابتعاد عنها، وخصوصاً إذا أدركنا أن نظامنا مازال غير قائم على المؤسسات بل مازال قائماً على الأفراد بحكم قوة الانتماءات التقليدية السائدة فيه.

أما إذا كانت هناك رغبة في استمرار هذه المشكلة فمعنى ذلك أن هناك من القوى السياسية - شيعية أو سنية كانت - وإصرار شديد على تطييف المجتمع وزجه في صراع لن ينتهي. ويجب اعتبار هذه الحادثة عرضية ولابد من نسيانها إلا لمجرد أخذ الدروس والعبر لا أكثر. فالمجتمع البحريني تاريخياً شهد الكثير من الصراعات والفتن الطائفية واستطاع التغلب عليها على رغم تراكم تداعياتها وقد آن الأوان اليوم لنلغي هذه التداعيات، ونبتعد عن التحيز والانتماء للطائفة ونزيد من انتمائنا للوطن ومؤسساته الناشئة.

وللحديث صلة..

العدد 803 - الثلثاء 16 نوفمبر 2004م الموافق 03 شوال 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً