العدد 821 - السبت 04 ديسمبر 2004م الموافق 21 شوال 1425هـ

ثلاث دوائر خارجية ضاغطة في الانتخابات العراقية

في حوار مع الأمين العام للائتلاف الديمقراطي توفيق الياسري:

عصام فاهم العامري comments [at] alwasatnews.com

.

استحقاقات الانتخابات العراقية تكتنفها تدخلات دولية واقليمية، وهذه مسألة معلومة ومعروفة. فواشنطن اللاعب الرئيسي في العراق ضمنت التأييد الدولي والاقليمي لهذه الانتخابات عبر قرار مجلس الأمن 1546 الذي دعا إلى دور مباشر من الامم المتحدة في المساعدة والاشراف على هذه الانتخابات، ومؤتمر شرم الشيخ وفر دعما واضحا إلى هذه الانتخابات بعد ان حددت المفوضية العراقية المستقلة تاريخ 30 يناير/ كانون الثاني 2005 موعدا لإجرائها.

ولكن في عالم السرية الانتخابية تجري تدخلات أوسع من ذلك من قبل هذا الطرف الدولي والاقليمي او ذاك في دعم هذه القوة السياسية او تلك لضمان خروج هذه الانتخابات بما يعزز وصول مرشحين معينين لهذه الانتخابات تضمن او تعظم مصالح هذه الجهة الاقليمية او تلك الجهة الدولية.

ورصد ديناميكيات وآليات التدخل الاقليمي والدولي تبقى مستترة وغير واضحة، وربما احتاجت إلى جهد من النمط الاستخباري لتشخصيها على نحو دقيق. وهذا ما يجعل البعض احيانا يقرر هذه الادوار لمعطيات معينة وأحيانا اخرى يخمنها نتيجة تصورات واجتهادات معينة.

ومهما يكن عليه الامر بالنسبة إلى الأمين العام للائتلاف الديمقراطي العراقي توفيق الياسري؛ فهو يشخص وجود ثلاث دوائر دولية فاعلة ومباشرة في رسم وصوغ مسار التحالفات الانتخابية في العراق، ويقول توجد الآن ثلاث «طبخات سياسية» تطبخ الآن في ثلاث عواصم هي لندن، طهران، وعمّان.

وعن طبخة لندن السياسية، يرجح الياسري ان تعمل الحكومة البريطانية على إيجاد نخبة سنية صاحبة قرار، وان لمواقف هذه النخبة تأثير واضح في المنطقة الغربية والشمالية الغربية من العراق لتدخل كمكون سياسي في خوض اللعبة الانتخابية؛ وبما يجعل الورقة السنية في معارضتها للانتخابات مسألة منتهية.

اما الطبخة الايرانية في الحصول على اكبر مكاسب مرجوة من مشاركة قوى سياسية عراقية لها ميل واضح لإيفاء «الدين الإيراني» الخاص بهذه القوى بعد احتضان طهران لها فترة طويلة خلال سنوات المعارضة، ذلك لأنه يرى اهتماما إيرانيا بالأزمة العراقية، ومن مصلحتها ان يكون لها اكبر دور ممكن في العراق من خلال وصول هؤلاء المتعاطفين معها في الانتخابات المقبلة، لأن الاهتمام الإيراني بالعراق لا يمكن ان ينتهي بالانتخابات بل له أبعاده المستقبلية في التصور الاستراتيجي الايراني عن دورها باعتبارها القوة الإقليمية الأكبر التي لابد من اعتراف الآخرين بهذا الدور.

ويذهب الياسري بعيدا في تصوراته حتى انه يستبعد وجود خلافات أميركية - إيرانية في العراق بل يقول «هناك في الواقع غزل من تحت طاولة العراق. وكل ما تذهب اليه وسائل الاعلام اليوم بشأن الأزمة النووية الإيرانية ليس اكثر من مناورات سياسية للوصول إلى حال الاعتراف المتبادل في وجود إيران الإقليمي والنفوذ الأميركي في هذه المنطقة بما يرسم لإيران وفقا لتصوراتها الأمنية الاستراتيجية مكاسب مرجوة، وهي الواعية لحقيقة المخططات الأميركية ودرجة قوتها العسكرية بأن أي فعل طائش من الأفعال وعلى نحو شبيه لتلك الافعال التي كان يقوم بها الرئيس المخلوع صدام حسين ستؤدي إلى نتائج عكسية بالغة الخطورة على المشروع الإيراني في محيطها الإقليمي».

ويستنتج الياسري ان رفع سلم الأولويات الإيرانية في مشهد الانتخابات العراقية حال واردة في تفكير الكثير من السياسيين العراقيين وهناك حال ترقب حذر لهذا التدخل الإيراني عبر زعامات سياسية معروفة تسير بالمركب الإيراني في بحر الأزمة العراقية.

اما الطبخة الأردنية التي يؤكد الياسري ان عمّان تقوم بإعدادها على نار هادئة وبما يضمن لها استمرار الاستفادة من الواقع العراقي اقتصاديا، ويضيف «فمعروف ان الاقتصاد الأردني لم يقف على قدميه الا في مقدار استفادته من العراق وانقطاع ذلك يعني توقف الرئة التي يتنفس بها الاقتصاد الأردني».

ويتابع «لذلك فالحكومة الأردنية معنية بالانتخابات العراقية وتريد وصول الذين يتوافقون مع هذا المنهج من دون استبداله بالعلاقات مع أي محور آخر ولاسيما إيران او عودة المبادلات التجارية بين العراق والكويت إلى حالتها الطبيعية، لأن في أي تحول نوعي في المبادلات التجارية العراقية الأردنية يعني خسارة فادحة للاقتصاد وانعكاسات سياسية واجتماعية خطيرة». ويضيف «وكانت الحكومة الأردنية منذ البدء شريكة مثلها مثل غيرها من دول الجوار في الدخول الأميركي للعراق من اجل الاحتفاظ بهذه المكتسبات وعدم التفريط بها».

وعلى الجانب الآخر من تداعيات هذه المداخلات الإقليمية، يعتقد السياسي العراقي بأن عقد المؤتمرات والتصريحات بشأن موعد الانتخابات إلى غير ذلك من تسريبات صحافية بهذا الاتجاه او ذاك بحاجة إلى وقفة تأمل عراقية واضحة لأن الوقف لم يعد يحتمل هذه المداخلات التي تبحث عن مصالح الجمع عدا المصلحة الحقيقية للمواطن العراقي الخاسر الوحيد في كل ذلك.

وأكد الياسري ان حركته ستخوض الانتخابات بقائمة انتخابية منفردة.

وعن موعد تأجيل الانتخابات سيما وان حركته كانت واحدة من القوى السياسية التي اجتمعت في منزل عدنان الباجه جي وطالبت بتأجيل الانتخابات، فإن الياسري يفضل التعامل مع موعد الانتخابات بدراسة آليات ممكنة التطبيق في حال تأجيلها والمضي قدما بالعملية الانتخابية لخلق فرضيات إمكانات تحقيقها في الثلاثين من الشهر المقبل، ويشرح ذلك بالقول «ان الوضع الأمني في حال تحسن ملحوظ، ويمكن الوصول إلى تأمين فعلي للانتخابات».

واشار إلى ان مشاركة حركته في الاجتماع الاخير في منزل الباجه جي جاء في سياق مناقشة هذه الحقيقة، وخلق خطين متوازيين من العمل السياسي.

وأوضح «الخط الأول يباشر في بلورة اتجاهات رأي عام نحو مشاركة اكبر في الانتخابات من الذين صرحوا بعدم الاشتراك بها او حتى مقاطعتها بينما يوفر لهم فرصة الحوار المباشر داخل الوطن وليس خارجه، وينتهي إلى فتح اطر اوسع لمشاركة اكبر واكثر تنوعا من مختلف الطيف السياسي العراقي في هذه الانتخابات وبالتالي يؤمن الوصول إلى حكومة منتخبة لها كلمتها المعبرة عن رأي غالبية العراقيين».

وأضاف «في الخط الآخر العمل على بلورة آليات المباشرة بالانتخابات في موعدها الأقرب يوم الثلاثين من الشهر المقبل بانتظار إمكان الانتهاء من الجهود المبذولة على الخط الموازي الآخر وفي حال الحاجة إلى ايام او اسابيع إضافية يمكن عندها العمل على مفاتحة الجهات المعنية بهذا التأجيل لمدة محددة بأشهر قليلة. وفي حال التوصل إلى التوافق الوطني من خلال الحوار إلى النتائج المرجوة عندها يمكن لأي اجتماع حوار وطني الدعوة إلى موعد انتخابات قبل انتهاء فترة التأجيل».

ويرجح الياسري بأن لا يكون التأجيل في هذه المنهجية اكثر من أسابيع قليلة في حال الحاجة إلى ذلك. اما في نجاح الحوار الوطني قبل موعد الانتخابات فيمكن عندها فقط الطلب من المفوضية العليا للانتخابات بفتح نطاق الفترة الزمنية المحددة للترشيح والمصادقة على الكيانات السياسية فحسب.

ولا يعتقد الأمين العام للائتلاف الديمقراطي ان حتى فترة التأجيل وعملية الحوار الوطني ستكون بمعزل عن تأثير المداخلات الإقليمية والدولية بسبب رفض البعض لفكرة الحوار الوطني أصلا، وهناك من يريد فقط الاستماع إلى وجهات نظر الآخرين من دون منحهم الأحقية في المشاركة الفعلية في العملية السياسية، ولاسيما ان الأميركيين هم الآخرون لهم دورهم في هذه المداخلات وتحريكها عبر أشكال من الضغوط او تلبية الرغبات من هذا او ذاك من الأطراف الإقليمية. والمحصلة التي يجد الياسري ان الأميركيين يرغبون في الوصول إليها هي بلورة حكومة عراقية جديدة لها مشروعية وطنية عبر صناديق الانتخاب، وتفعيل الوجود الامني العراقي لتخفيف الأعباء العسكرية الواقعة على القوات الأميركية الآن، والانتهاء من الحال المأزومة في البلد عبر القول بان الانتخابات قد حققت أغراضها

العدد 821 - السبت 04 ديسمبر 2004م الموافق 21 شوال 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً