العدد 874 - الأربعاء 26 يناير 2005م الموافق 15 ذي الحجة 1425هـ

كلنا نحب البحر... افتحوه للجميع

أحمد البوسطة comments [at] alwasatnews.com

ليس ثمة مسألة تشغل بال بحارة البحرين اليوم، أكبر من قضية "ضيق" مساحة الصيد المتاحة لهم في مياهنا الاقليمية، فتجدهم طلبا للرزق، يعبرون الحدود لدول الجوار في مجلس التعاون الخليجي، فيعاملون بقسوة وكأنهم "اسرائيليون" متسللون إلى الحدود العربية بغرض التخريب والاحتلال! هذه ليست مبالغة، فهناك بحارة بحرينيون يحاكمون في دول مجاورة بتهمة "انتهاك الحدود الاقليمية البحرية" ويتعرضون أحيانا للحبس أو الغرامة، أو بكلا العقوبتين اللتين تسبقهما إهانات للكرامة والشهامة المفترضة إن تبقى منها "رابط" بين مواطني مجلس التعاون، بينما القمم الخليجية تأتي تباعا بغرض التعاون وصولا للوحدة الخليجية التي يعلنون عنها من الصباح إلى المساء، في الوقت الذي لا يعرف بحارتنا الذين يرتادون البحر طيلة حياتهم المريرة، إن كانت "حالة البينة" تابعة للبحرين أم للسعودية، ويمنعون من الصيد بالقرب من "حالة تشاتشوس" وفي "جنان" و"فشت الديبل" و"رأس الب"ر وجزر "أم النعسان" و "أم الصبان" و"جدا" و"حوار"، وربما في الجزر الثلاث الاصطناعية في "فشت الجارم" والمناطق القريبة من الجسور مثل: "جسر الملك فهد"، والجسور الثلاثة التي تربط المنامة بالمحرق، أو حتى في المياه القريبة من الفنادق.

ماذا يفعل بحارتنا والحال هذه عندما تضيق عليهم مساحة الصيد وكثرة الممنوعات بأدواته من شباك "النايلون" إلى "الهيالة" الذي يسمح به لناس ويمنع عن آخرين إلى غير ذلك بحجج وذرائع تارة تحت بند "حماية البيئة"، وتارة أخرى لغرض في نفس يعقوب؟!

أيصطاد البحارة "الغلابة" بـ "أكياس النايلون" أم بـ "الزراقيات" فقط، في حين يرون بواخر الردم والتخريب البيئي في وسط البحر تقتل بعمد البيئة البحرية والبرية وتجفف العيون العذبة أمام أعينهم.

لا نعرف على وجه الدقة إن كانت "جمعية الصيادين" أو "نقابتهم" وهي تختلف على "بحرنة الصيد" بالنوخذة البحريني أو بعدمه، قد دونتا في أجندتهما أو تطرقتا من بعيد أو قريب إلى مسألة ضيق مساحة الصيد، وكثرة الممنوعات، والحواجز الكبيرة الناتجة من "الجرف القاري" وتحديد المياه الاقليمية، والتفكير الجدي في المطالبة اللحوحة - اللجوجة، بفتح البحر للصيد في كل مكان، في بحار الجزر قاطبة بغض النظر عن كونها خاصة أو في إطار "المشروعات الاستراتيجية"، فهذه جزر بحرينية ولابد أن تعود إلى ناس البحرين، وكلنا... كلنا نحب البحر، وعلينا الاستفادة من خيراته وفي كل زاوية من زواياه من دون تمييز، فما يحق لأهل الزلاق ورأس البر وجو وعسكر يحق لأهل قلالي والدير والحد، تماما كما يحق لصيادي سترة ورأس الرمان والنعيم والسنابس والدراز وأبوصيبع والشاخورة والبديع والبلاد القديم إلى آخره.

إذا كانت جمعية الصيادين أو نقابة الصيادين مهتمتين بمصالح من يمثلوهما، فعليهما واجب ملح بطرح هذه القضايا وتصعيدها إلى أعلى المستويات، والضغط على النواب والجهات الرسمية العليا لمعالجة هذه المصاعب حتى يسمع صراخهم، فمطالب الصيادين الفقراء لا ينبغي أن تمر هكذا، ففي عشرينات القرن الماضي انتفض الغواصة وحاربوا الظلم الواقع عليهم، وفي عصر الانفتاح والانفراج السياسي الذي يتيح لنا أن نقول ما نشاء بغرض الإصلاح وبالطرق السلمية الحضارية، تملك جمعية ونقابة الصيادين أكثر من وسيلة لطرح هذه المواضيع التي توجع الصيادين وتحمي أبناءهم من غمامية المستقبل الذي ينتظرهم... فحجوا إلى بيت الله قبل أن يمنعوا الحج أيضا!

يحكي البحارة قصصا غرائبية عما يتعرضون إليه من ضيق ومضايقات، فبعضهم يبحر لتسديد الغرامات التي تفرضها محاكمنا ومحاكمهم، وجرمهم في الغالب أما أنهم يصطادون بشباك ممنوعة أو أماكن ممنوعة، عدا حكايات صيد الروبيان في مواسم الحظر، أو أنهم عبروا "حدود الغير"، تيها أو قصدا لمعرفتهم الأكيدة بوجود الأسماك هناك. والأدهى من ذلك في كل الحالات أن القوانين لا تطبق على الجميع، فأهل منطقة "أ" يغمض خفر السواحل عينه عنهم، بينما أهالي منطقة "ب" يمنع عليهم الاصطياد في منطقة "أ"...

العدد 874 - الأربعاء 26 يناير 2005م الموافق 15 ذي الحجة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً