العدد 895 - الأربعاء 16 فبراير 2005م الموافق 07 محرم 1426هـ

إعلاميو سورية... ايديولوجيون ومهنيون وأصحاب مصالح في إعلام ضعيف

فايز سارة comments [at] alwasatnews.com

.

لعقود طويلة بدأ الإعلام في سورية يسير في اتجاه واحد. اذ هو إعلام الدولة، ورجاله هم رجال الدولة، ليس فقط على صعيد المنصب السياسي الرئيسي ممثلا بوزير الإعلام الذي هو صوت الحكومة، بل على صعيد كل المؤسسات والأجهزة الإعلامية المملوكة للدولة، والتابعة إداريا للحكومة، أو للحزب الحاكم، أو لبعض المنظمات الشعبية والجماهيرية ذات الروابط الوثيقة بالدولة.

غير ان هذه القاعدة، أخذت تتغير في السنوات الأخيرة، إذ شهد الاعلام السوري على رغم محافظته على ضعفه تبدلات وتغييرات، غير القاعدة الأساسية للاعلام السوري في بروز نمط جديد من الاعلام الأهلي إلى جانب استمرار وجود الاعلام المملوك من الدولة الذي تديره الحكومة، كما شهد الاعلام تبدلا آخر، بظهور الاعلام الالكتروني إلى جانب الاعلام المكتوب والمقروء والتلفزيوني.

وبطبيعة الحال، فقد صار من الممكن الحديث عن حال جديدة في الاعلام السوري، حال جديدة من السياسات اولا، وجديدة في نوعية الاعلام، وجديدة من ناحية رجال الاعلام. واذا كان مختصر الجديد في سياسات الاعلام، هو ظهور أصوات في الاعلام السوري مختلفة عن صوت الاعلام الرسمي على نحو ماهو صوت الاعلام التابع للجماعات الحزبية المشاركة في تحالف الجبهة الوطنية التقدمية والصحف الأهلية، فإن المختصر في نوعية الاعلام تمثله المجالات الجديدة التي دخلها في نوعيته ومنها الاعلام الالكتروني، أو المتخصص في مجال الرقميات أو الاعلان.

ان الأهم في متغيرات الاعلام السوري، هو المتغير في رجاله. اذ هو يعكس تغيرا في المناخ العام أكثر من أي شيء آخر. وللمرة الأولى منذ عقود في سورية، يأتي الى وزارة الاعلام وزير من الوسط الاعلامي، عندما تم تعيين رئيس تحرير صحيفة "البعث" مهدي دخل الله وزيرا للاعلام في التعديل الوزاري الأخير لحكومة محمد ناجي عطري العام .2004

والوزير دخل الله دون الستين من العمر، حاصل على إجازة العلوم السياسية من جامعة زغرب في كرواتيا، واتبعها بشهادة دكتوراه في سياسات التنمية العامة من الجامعة نفسها، وتولى لنحو تسعة عشر عاما رئاسة قسم الدراسات في مكتب الأمانة العامة بالقيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي قبل أن يصبح في العام 2000 مديرا عاما ورئيس تحرير صحيفة "البعث"، وبعد ذلك عين وزيرا للإعلام في .2004

وبدا دخل الله أكثر رجال الاعلام السوري قدرة على الحركة والنقاش في القضايا السياسية المطروحة، على رغم ان ارثا من التقاليد والايدلوجيا والمسلمات السياسية مازال يعوق حركته، اضافة الى الواقع الإداري والبيروقراطي الراسخ بفعل تقاليد العمل والزمن في أجهزة الإعلام السوري ومؤسساته.

ويعاون الوزير دخل الله في إدارة الإعلام الرسمي مجموعة رجال ينتمون الى جيله والى فضائه الايديولوجي والسياسي، بينهم عدنان محمود الذي تولى منصب المدير العام لوكالة الأنباء السورية "سانا" في العام ،2004 والمدير العام لمؤسسة تشرين للصحافة والنشر ورئيس تحرير صحيفة "تشرين اليومية" خلف الجراد، والمدير العام لدار البعث للصحافة والنشر رئيس تحرير صحيفة "البعث" الناطقة بلسان حزب البعث الحاكم الياس مراد، والمدير العام في مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ورئيس تحرير صحيفة "الثورة" اليومية فايز الصايغ، وهو شخصية إعلامية مخضرمة، كان قد تولى مناصب إعلامية كثيرة على مدى أكثر من عشرين عاما ماضية بينها مدير وكالة الانباء السورية سانا "1991 -2000" وبعدها منصب المدير العام لهيئة الاذاعة والتلفزيون "200 - 2002" ويتبع لمؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر التي تديرها مجموعة صحف تصدر في محافظات بينها "الجماهير" في حلب و"الفداء" في حماه و"الوحدة" في اللاذقية.

والشخصية الأهم في الإعلام السوري في منصبه هو معن حيدر والذي تولى في العام الماضي منصب المدير العام للهيئة العامة للاذاعة والتلفزيون، وهو يشغل منصب النائب الاول لرئيس اتحاد الإذاعات العربية، يشاركه في ادارة هذه المؤسسة الإعلامية الكبيرة عدد من الكادرات الإعلامية بينهم مدير التلفزيون توفيق أحمد، ومدير الإذاعة محمود الجمعات، ورئيس قسم البرنامج العام حسام يونس، ورئيس قسم القناة الفضائية مروان ناصح.

وقريبا من رجال الإعلام الرسمي الايدلوجيون، يقف رجال إعلام الجماعات والاحزاب السياسية، وبينهم اعلاميو احزاب الجبهة الوطنية التقدمية، التي سمح لها قبل سنوات بتأسيس صحف في اطار الاصلاحات السياسية والاعلامية التي شهدتها سورية، وكان بينها صحيفة "النور" الناطقة بلسان الحزب الشيوعي السوري ويرأس تحريرها يعقوب كرو، وصحيفة "آفاق" الناطقة باسم الحزب العربي الديمقراطي ورئيس تحريرها علاء الدين الكيلاني.

وينقسم رجال الإعلام الأهلي بين المهنيين واصحاب المصالح، بعضهم جاء من داخل المؤسسة الاعلامية الرسمية، وآخرون قدموا من قطاع الاعمال ليكون الاعلام ميدانا لاستثماراتهم، وتأكيد وجودهم في سورية.

ولعل أبرز رجال الإعلام الأهلي من المهنيين رئيس تحرير صحيفة "الاقتصادية" الاسبوعية وضاح عبدربه، التي تصدرها المجموعة العربية للصحافة والاعلان والنشر، وهي أول صحيفة اقتصادية أهلية صدرت في سورية في إطار عملية التجديد، ووضاح عبدربه احد أبناء الصحافي السوري ياسر عبدربه مؤسس ورئيس تحرير مجلة "الشهر" العربية التي تصدر في باريس ويحرر القسم الرئيسي منها في دمشق.

وينتمي رئيس تحرير صحيفة "الأسبوع الاقتصادي" الصحافي علي عبود التي صدرت أخيرا الى النوع المهني من رجال الاعلام الاهلي، لكنه قادم من بيئة الاعلام الرسمي، وعمل لمدة طويلة محررا اقتصاديا في صحيفة "البعث" السورية.

ويمثل رئيس تحرير صحيفة "الرقميات" رشاد أنور كامل - وهي صحيفة اسبوعية أهلية متخصصة تصدر في دمشق - نموذجا من رجال الاعلام السوري التخصصي، وتعددت منابره وتكاثر رجاله في اطار هجمة استثمارية على الإعلام تخلط بين الاعلام والاعلان بصورة واضحة، وهو نهج يتبناه القادمون من قطاع رجال الاعمال الى الإعلام مفضلين الابتعاد عن الموضوعات السياسية والاقتصادية المباشرة، والتركيز على غيرها مثل الاعلام الاعلاني، وبين الأسماء المهمة في هذا المجال الأكاديمي ورجل الاعمال مأمون الحلاق الذي يقف وراء نشرة "الدليل" الاعلانية الاسبوعية ومثله رجل الاعمال مجد سليمان الذي يقف وراء نشرة "الوسيلة" الاعلانية الاسبوعية، التي تشكل حيزا من امتداد اعلامي - اعلاني موجود في عدد من البلدان العربية، يصدر فيها صحفا ونشرات اعلانية عدة.

ويستحق العاملون في الاعلام الالكتروني وقفة عندهم لما يمثله هذا القطاع الناهض من اهمية، وقد تكاثرت على نحو واضح منابر الاعلام السوري الالكتروني نتيجة رخص كلفتها وسهولة اصدارها وغياب أية رقابة جدية عليها.

وربما كان الأبرز في رجال قطاع الاعلام الالكتروني ايمن عبدالنور الذي يدير موقع "كلنا شركاء في الوطن" اليومي وله اهتمامات سياسية واقتصادية واجتماعية واسعة الطيف، وينتمي عبدالنور الى قطاع رجال الاعمال المقربين من مراكز صنع القرار في سورية، وهناك نموذج آخر يمثله علي جمالو القادم من الاعلام الرسمي الى قطاع الاعلام رئيسا لتحرير موقع "شام برس" اليومي والذي يغطي بعض الشئون السورية والاقليمية في الصحافة المحلية والعربية والاسرائيلية.

رجال الاعلام في سورية، يعكسون الى حد كبير واقع الحياة السورية في مخاضاتها وتحولاتها، بعضهم مازال يعيش في ظل قناعات ايديولوجية وسياسية، وآخرون يسعون الى تكريس مهنيتهم، لكن غيرهم يسعى الى دخول الاعلام من بوابة الاستثمار وربما الشهرة والنفوذ، فالإعلام مازال له نفوذ، وان كان ضمنيا في سورية

العدد 895 - الأربعاء 16 فبراير 2005م الموافق 07 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً