العدد 898 - السبت 19 فبراير 2005م الموافق 10 محرم 1426هـ

العلاقات الخليجية - الخليجية

يوسف البنخليل comments [at] alwasatnews.com

استكمالا لموضوع الأربعاء الماضي عن تأثير توقيع دولة الإمارات العربية المتحدة اتفاق التجارة الحرة مع الولايات المتحدة على انعقاد قمة مجلس التعاون الخليجي المقبلة في أبوظبي نهاية العام الجاري، وتأثيرها على العلاقات الخليجية - الخليجية. .. فإنه من المهم قبل الحديث عن ذلك الإشارة إلى أن دولة قطر قد أعلنت نهاية الأسبوع الماضي عن جديتها في توقيع اتفاق للتجارة الحرة مع واشنطن، وكشفت عن استعداداتها في هذا الشأن، وهو ما قد يثير إشكالات أخرى قبل انعقاد القمة المقبلة.

إلا أن هذه التطورات تشير إلى أن دول المجلس قد دخلت مرحلة جديدة في علاقاتها البينية بعد أن كانت في مرحلة تبعية داخل منظومة مجلس التعاون. ففي السابق كانت العلاقات الخليجية - الخليجية متأثرة كثيرا بهيمنة ونفوذ السياسة الخارجية السعودية، ولكن الظروف الحالية أثبتت أن عقدة هذه الهيمنة والسيطرة بدأت في الزوال. وهناك أسباب عدة لهذا التغير في العلاقات البينية لدول مجلس التعاون، ويمكن الإشارة إليها في الآتي:

أولا: تزايد التحديات الأمنية في منطقة الخليج مع احتلال الولايات المتحدة العراق، وتصاعد التهديدات الأميركية تجاه إيران بشأن البرنامج النووي. وهو ما ساهم في دفع دول المجلس لإعادة النظر في تحالفاتها المستقبلية.

ثانيا: ظهور حركات إرهابية داخل بعض دول مجلس التعاون تسعى إلى زعزعة الأمن والاستقرار السياسي مثل ما شهدته كل من السعودية والكويت. وهو ما خلق تهديدات أمنية داخلية فرضت نفسها على التحالفات الإقليمية والدولية لدول مجلس التعاون.

ثالثا: تزايد الضغوط الدولية على دول مجلس التعاون للقيام بإصلاحات سياسية واقتصادية، وهو ما قامت به بلدان المجلس بشكل متفاوت، ما أتاح الفرصة لبروز أدوار جديدة لمجموعة من النخب السياسية والاقتصادية حمل بعضها أفكارا لتيارات فكرية معينة بحيث بدأت تمارس نفوذها في التأثير على صناع القرار بشأن السياسات الداخلية والخارجية، وأصبحت لها أجندة خاصة تدعم استقلالية صناعة القرار الوطني وحماية المصالح الوطنية.

إذا كانت تلك الأسباب لتغير العلاقات الخليجية - الخليجية فإنه من المهم تحديد أبرز سمات هذا التغير وملامحه وتداعياته خلال الفترة المقبلة. باعتقادي أن أبرز سمات هذا التغير هو تزايد الأدوار الإقليمية للسياسات الخارجية لدول المجلس محدودة النفوذ "البحرين، والكويت، وعمان، والإمارات، وقطر التي استطاعت منذ منتصف التسعينات أن تغير من دورها الإقليمي"، وقد ظهرت هذه السمة بشكل لافت في إبرام اتفاقات مع الكثير من البلدان وخصوصا دول الاتحاد الأوروبي، وسعت إلى تقوية علاقاتها مع إيران بشكل لم يكن متاحا من قبل، فقد أتاح التقارب السعودي - الإيراني الذي بدأ خلال النصف الثاني من تسعينات القرن الماضي هامشا واسعا لدول المجلس لتكوين علاقات اقتصادية وسياسية واجتماعية مع طهران من دون أن يكون للرياض تأثير فيها. وقد تكون التطورات السابقة ليست بجديدة، ولكنها جديدة فعلا إذا أدركنا أن العلاقات بين دول مجلس التعاون محدودة النفوذ لن تنتهي أو تتأثر كثيرا إذا تأثر التقارب السعودي - الإيراني سلبا سواء مع وصول المحافظين إلى سدة الحكم في الانتخابات الرئاسية المقبلة، أو مع تزايد الضغوط الأميركية على دول المجلس لتحجيم علاقاتها مع طهران، لأن المصالح الخليجية في طهران هي اليوم الأكبر والأكثر حجما من أي وقت مضى.

أما تأثير هذه السمة الرئيسية على العلاقات الخليجية - الخليجية فيبدو واضحا للغاية عندما نتابع باستمرار ظهور خلافات ثنائية بين دول المجلس بين الحين والآخر. ومثالها الخلاف السعودي - القطري، والخلاف الكويتي - القطري بسبب توجهات قناة "الجزيرة" التي تبث من الدوحة. وكذلك الخلاف البحريني - السعودي بشأن اتفاق التجارة الحرة مع واشنطن.

والسؤال الأخير هو: كيف يمكن لدول مجلس التعاون أن تتفادى التأثيرات السلبية لتغير العلاقات الخليجية - الخليجية؟

وللحديث صلة..

العدد 898 - السبت 19 فبراير 2005م الموافق 10 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً