العدد 4671 - الأحد 21 يونيو 2015م الموافق 04 رمضان 1436هـ

تعمُّق الفجوة بين الدولة والمجتمع المدني

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

في جلسة مجلس النواب يوم الثلثاء (16 يونيو/ حزيران 2015)، وهو اليوم الذي صدر فيه الحكم على الشيخ علي سلمان بالسجن 4 سنوات، وبعد يومين من افتتاح الدورة 29 لمجلس حقوق الإنسان بجنيف في (14 يونيو 2015) حيث طالب فيه المفوض السامي لحقوق الإنسان بإطلاق سراح سلمان فوراً وإطلاق حوار حقيقي ما بين الحكومة والمعارضة، والتحقيق في ما جرى في سجن جو، تناوب عدد من النواب بالهجوم الشرس على المفوض السامي، ومفوضية حقوق الإنسان. وقد صدر بيان للمجلس يستنكر فيه ما جاء في كلمة المفوض السامي ومخاطبته لعدم التدخل في الشئون الداخلية للبحرين، وإن الحوار شأن وطني لا دخل للمفوضية فيه.

وفي الوقت ذاته تناوب عدد من النواب بالهجوم الشرس على «مرصد البحرين لحقوق الإنسان»، ووفده المتواجد في جنيف، مطالبين الحكومة باعتقالهم فور رجوعهم إلى البلاد، ومحاكمتهم ومنعهم من السفر! وهذا وجهٌ آخر لتعامل الدولة ومؤسساتها مع المجتمع المدني المستقل عن توجهاتها.

والكل يعرف ما يتعرض له المجتمع المدني من ختق مالي بمنعها من تلقي التمويل الخارجي كلية، والداخلي إلى حد ما، والتدخل في كل صغيرة وكبيرة من أعمالها وآلياتها. ويوجد خلف القضبان العديد من قيادات وكوادر المجتمع المدني وخصوصاً الحقوقيون. لكن المفارقة تكمن في أنه من حين إلى آخر وعند الحاجة، تقوم بعض جهات الدولة بطلب التعاون مع منظمات المجتمع المدني ومنها المنظمات الحقوقية، وطلب استشارتها أو مرئياتها لتقارير ومشاريع قوانين وغير ذلك، رغم أنه لا يؤخذ عادةً بها.

مثال ذلك أن سعادة رئيس مجلس النواب، أحمد الملا، استجاب لطلب «الجمعية البحرينية للشفافية» للاجتماع به، وترتب على ذلك الاتفاق على تعاون المجلس ولجانه مع الجمعية بما تملكه من خبرة في اختصاصها. وبالفعل حرصت اللجنة على إرسال مسئوليها إلى اللجنة التشريعية لتقديم مرئياتها عن مشاريع قوانين، مثل قانون الجمعيات الأهلية، وقانون الذمة المالية وغيرهما.

كما أن وزارة الخارجية وهي تعد تقريرها عن الدورة الثانية للمراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان، المقررة في يونيو/ حزيران 2016، طلبت من عدد من الجمعيات، منها «الشفافية» و»الحقوق» و»النهضة» و»اتحاد العمال»، تقديم مرئياتها لما تم تنفيذه من توصيات مجلس حقوق الإنسان الـ 176 إلى حكومة البحرين، وبالفعل عملت المنظمات الأربع بمثابرة لإنجاز ملاحظاتها وقدّمته في مذكرة إلى وزارة الخارجية.

وبالنسبة إلى الموضوع الأوسع، فإن مملكة البحرين مصدقة على عدد من العهود والمواثيق الدولية، ومنها الإعلان العالمي للمدافعين عن حقوق الإنسان، وهي تنافح في كل محفل بأنها ملتزمة بهذه المواثيق وتنفذها بإخلاص، وأنها حريصة على التعاون مع منظمات المجتمع المدني والحقوقي بشكل خاص، وتسهيل عملها ودعمها، لكن على أرض الواقع العكس من ذلك كما بينا وكما يعرف الجميع. بل جرى خلال الخمس عشرة سنة الماضية، فبركة العشرات من الجمعيات الأهلية، ومنها الحقوقية؛ لمواجهة الجمعيات الحقوقية المستقلة في المحافل الدولية.

الحقوقيون البحرينيون ومنظماتهم لا يضيرهم وجود جمعيات حقوقية موالية أو ما يعرف بـ «الجونجو»، لكن بشرط أن تكون الدولة محايدة، وألا تطبق قوانينها القسرية انتقائيّاً مستهدفة الجمعيات والشخصيات الحقوقية المستقلة، وغض النظر عن الأخرى، وألا تقوم بتمويل والترويج لهذه الجمعيات، في حين تقوم بمحاربة من ينتقدونها، هذه السياسة فلن تجلب سوى المزيد من العزلة للسلطة في المحافل الدولية وخصوصاً حقوق الإنسان، والانتقادات بل واللوم، وعلى السلطة أن تتذكر أنها تلقت في عدة مناسبات، تحذيرات بعدم استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان المتعاونين مع الأمم المتحدة.

مرةً أخرى ترتكب الجهات الرسمية ومجلس النواب خطأً جسيماً، في التهجم القاسي على المفوض السامي لحقوق الإنسان وعلى الحقوقيين البحرينيين، ما جعل العديد من كبريات الدول الديمقراطية وفي مقدمتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا والاتحاد الأوروبي وغيرها تنتقد بشدة الحكم الصادر بحق الشيخ علي سلمان، وتطالبها بالشروع فوراً في حوار وطني فعال، والتعاون مع مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 4671 - الأحد 21 يونيو 2015م الموافق 04 رمضان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 4:24 ص

      الطامة الكبرى نحنوا لم نعمل جمعيات مدنية وطنية

      من تصدر العمل السياسي لا يعترف بالآخر ولم يقبله بل أسس جمعيات مذهبية وجعل الاصطفاف الطائفي يقسم الشعب فهل بعد هذا يصدقهو أحد هذا لا يجلب إلى التحارب والكراهية

    • زائر 1 | 1:47 ص

      تكلم المفوض وهاجموه حتى الكلام مايقدرون يسمعونه

      يادافع البلاء بلد يخشى النقد البسيط والنصح الرشيد بلد عليه السلام

اقرأ ايضاً