العدد 4671 - الأحد 21 يونيو 2015م الموافق 04 رمضان 1436هـ

الإسراف في «رمضان»

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

كثيراً ما كنت أحاول شرح فوائد الصوم لطفليّ كي يفهما السبب في فرضه علينا بشكل يجعلهما لا ينفران منه، وذلك باعتباره سبباً في نفعنا لا في إلحاق الضرر بنا، وربما أكثر ما استوقفهما هو موضوع: كي نشعر بما يشعر به الفقراء الذين لا يملكون قوت يومهم؛ فقد مرّت بقية الأسباب بقليل من النقاش، أما هذا السبب فقد استوقف طفلتي وجعلها تتساءل، وهي التي تعرف عن ما يحدث من مجاعات في بعض البلدان: إذا كان السبب هو شعورنا بما يشعر به الفقراء، فلماذا نجد حتى الآن من يملأون موائدهم بالطعام ويضطرون لرمي نصفه في صناديق القمامة كما شاهدت في أحد الفيديوهات، في حين يستطيعون تقليل الكمية والتبرع بالباقي ليصل إلى أهل الصومال مثلاً أو أي بلد من بلدان جنوب أفريقيا؟

تلعثمت وأنا أسمع سؤالها الذي طالما كنت أردّده في سرّي، ولم أعرف كيف أجيبها، سوى بأن هناك من يقوم بذلك بالفعل، وهو ما جعلني أوقف سيارتي بجانب لوحة إعلانية وضعت في أحد شوارع الرفاع وقد كتب عليها: «هنا نقطة إفطار»، وأشرح لهما باللغة الانجليزية كي أوصل المعلومة لعاملتنا المنزلية المسيحية أيضاً، وأبيّن لهم سبب وجود هذه اللوحة، وأن هناك من يوزّع الطعام في هذا المكان على من يمرّون به وقت أذان المغرب، فاستغربت العاملة من وجود هذا الإحسان لدى المسلمين!

ما يهمني في هذا المقام ليس الجملة الأخيرة في الفقرة أعلاه حول رؤية غير المسلمين لنا؛ فقد كتب عنها مراراً وتكراراً، ولكن المهم هو كيف نغيّر من سلوكيات الناس تجاه شهر رمضان، وكيف يستوعب جميع المسلمين المعنى من وجود هذا الشهر، فيستقبلونه كما هو لا كما يريدون؛ إذ شاهدنا جميعاً كيف تكالب بعضنا على المتاجر والأسواق بحثاً عن اللحم قبل ارتفاع سعره وخوفاً من عدم توفره خلال الشهر الفضيل، وكيف تنازعوا وتسابقوا للوصول لأرفف الدجاج، وكيف كانت عربات التسوق ممتلئة استعداداً لاستقبال هذا الشهر على رغم أن الجميع يعرف تماماً أنه ما إن يفطر بالتمر والماء حتى يشعر بالشبع فلا يأكل إلا الطعام اليسير من على مائدة الإفطار.

ربما بات اليوم الفائض الملقى في القمامة أقل بفضل جهود بعض المبادرات الأهلية التي تسعى إلى الوصول إليه عبر نشر أرقام التواصل ومن ثم إيصال هذه الوجبات إلى المحتاجين، إلا أن التبرع بقيمته ستكون بالطبع أفضل؛ إذ يعرف كل محتاج أولوياته ويستطيع شراء ما ينقصه كما يحب، من باب أفضلية تجنب الخطأ على معالجته حين يقع.

فإذا كنا نحاول إيصال فوائد الصوم لأطفالنا ونحن لا نلتزم بآدابه، فكيف سيفهم الأطفال هذه الفوائد، وكيف سيستطيعون إيصالها لأطفالهم في يوم ما؟ وإذا كانت المنابر والمساجد والحلقات الدينية والندوات الطبية والاجتماعية لا تذكّر دائماً بأهمية القناعة وعدم الإسراف والالتزام بتعاليم الدين في هذه الجوانب، فمن سيذكّر به، خصوصاً أن الإنسان عاطفي بطبعه، ويمكن محاكاة عاطفته مع عقله للوصول إلى حلٍّ لهذه الظاهرة المزعجة.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 4671 - الأحد 21 يونيو 2015م الموافق 04 رمضان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 11:02 ص

      التعليقات

      التعليقات علي التفاصيل مكتوبة بواسطة افراد يؤلمون القلب. الحقيقة الأصل الذي بني او وضعت عليه القواعد الاجتماعية في المجتمع البشري خطأ. ستستمر الحروب و المجاعة و التفرقة العنصرية و إسراف و ترف الأغنياء و المتنفذين و لا يكون الوضع أفضل من اليوم حتي لو فتحوا المريخ. الأساس الخطأ لا ينتج منه الا الذي ترونه.

    • زائر 6 | 7:50 ص

      معا لمحو الإسراف

      الحمد لله مواضيين على التقتير والاقتصاد طوال العام ولكن للأسف الإعلانات التجارية والعروض ووسائل التواصل هي تغري الناس وتزعزع المبادئ الإسلامية بشأن عدم الاسراف ..

    • زائر 5 | 6:10 ص

      فقر و غنى

      هل انقلب شهر رمضان من شهر الاعتدال في الإنفاق ، وترشيد الاستهلاك تحقيقا للمقاصد السامية من تشريعه ، إلى شهر مضاعفة المشتريات و التهافت على الأسواق والسلع ، ثم التخلّص على الأقلّ من ثلث ما يطهى و يقدّم على الموائد ؟؟؟
      وهل بات رمضان مصداق قول الشاعر في الفقير : "يمشي الفقير و كلُّ شيئ ضدَّه ****** و الناسُ دونهَ تغلق أبوابَها " ؟؟؟
      وهل غدا أيضا رمضان مصداق قول الشاعر في الموسِر : " إنّ الدراهمَ في الأماكن كلّها ****** تكسو الرجالَ مهابةً و جمالا "؟؟؟؟؟

    • زائر 4 | 6:00 ص

      أخو سَرَف و ذو فاقة !

      الميزان و الاعتدال هما مفتاحا كل أمر ، و عمادا درء السرف و التبذير ، ورغم أنّ الإسراف ليس دوما قرينّ الثراء و الغنى ،إلّا أنّ غالبية المسرفين يصدق فيهم قول الحكيم : " ما رأيت نعمةً موفورة إلا وإلى جانبها حقّ مضيع "

    • زائر 3 | 5:21 ص

      زائر 2

      لا اسراف عند كثير من الاسر البحرينية لا تفطر ع نوع واحد من الطعام ربما الفريد أو الرز وتشتري أغراض الشهر يوم بيوم كما يلغي بعض المواد من الطلبات بحجة المزانية.خليها مستورة يا بنت الاجاويد.

    • زائر 8 زائر 3 | 9:33 ص

      بالعكس موجود واجد

      الاسراف موجود بشكل كبير جدا واذا تبي تتاكد شوف كمية الزبالة اللي تذلع كل يوم من البيوت

    • زائر 2 | 12:21 ص

      اي اسراف

      تعالي بيتنا وشوفي ماكو راتب ونشتري كل يوم بيومه وياما الغي طلبات عشان مافي ميزانيه ...نتفطر لكن سحور مافي ..والله شاهد

    • زائر 7 زائر 2 | 8:42 ص

      اللهم اغن كل فقير

      الله يساعدكم.. معارف من نفس المعاناة . كم يوم وجبات جيده.. واذا خلصت الخريدة.. يكون العشاء سمبوسه ب. 400 فلس + خبز وغرشة بيبسي كبير. بمبلغ. 1,200. يصير ممتاز ..ويمشي الحاله .. ولكن هكذا يعمل الواحد احسن من أن يمد يده للناس.. والله يعين كل محتاج

    • زائر 1 | 10:50 م

      malakooti

      ان الله لا يحب المسرفين، و اهنه اذا صمنه يوم واحد جنه بنموت و اذا جينه نتفطر يجيبون لينه افطار مالت سنة بكبره ! و فى مساكين من الجوع يموتون !مبارك عليج الشهر

اقرأ ايضاً