العدد 4712 - السبت 01 أغسطس 2015م الموافق 16 شوال 1436هـ

الهاشمي: الوسواس من الشيطان... وكل إنسان يصنع شيطانه

الهاشمي خلال حديثه إلى «الوسط» يعرض بطاقات يستخدمها للحالات التي يعالجها
الهاشمي خلال حديثه إلى «الوسط» يعرض بطاقات يستخدمها للحالات التي يعالجها

عند الساعة الثانية ظهراً كنت في مجمع الهاشمي السكني بانتظار دخولي موعداً مع المعالج النفسي ورجل الدين المعروف سيدكامل الهاشمي. داعي هذا، لقاءٌ صحافي كنا قد اتفقنا عليه لفتح أبواب الحديث عن «فخ الوسواس القهري» والسبيل إلى التداوي من هذا المرض العضال من وجهة نظرٍ نفسية وشرعية في الوقت ذاته.

عندما جاء الهاشمي لأخذي إلى حيث الداخل، كانت عائلة صغيرة لتوها قد خرجت من جلسة علاج لأحد أبنائها. حينها أشار الهاشمي بعد بضع خطوات، قائلاً: «هذه من الحالات التي تبحث عنها».

عندما جلس الهاشمي قال: «الطبيب أخبر العائلة أن الولد مصاب باكتئاب شديد، وعندما قصدوا عالم دينٍ آخر قال لهم إنه مصاب بالمس، وفي هذه الجلسة أخبرتهم أن الولد ليس لديه أكثر من خوف وأفكار سلبية».

ابتدرته بالسؤال، كيف ينظر الدين إلى الوسواس القهري من حيث المنشأ، خاصة وإن كثيرين يشيرون إلى وجود سيطرة شيطانية على المريض، فأجاب الهاشمي: «الشيطان هو الوسواس الخناس والتي تسمى في عصرنا اليوم بالأفكار السلبية، وهذا لا إشكال فيه. لكن ما ينبغي إداركه جيداً بأن الشيطان ليس وجود آخر منفصل عن الإنسان، الأفكار السلبية لكل إنسان هي شيطانه، لذلك الإنسان هو الذي يصنع شيطانه من خلال ترسيخ تجربة سلبية معينة، حتى إن فرويد في التحليل النفسي استخدم الشيطان والوسوسة وحديث النفس في مؤلفاته».

وفرَّق الهاشمي بين نوعين من المصابين بالوسواس القهري، مبيِّناً «هنالك، نوع من الوساوس ترتبط بكون الإنسان متديناً وتضل في محيط مسائل العقائد كالتفكر في وجود الذات الإلهية والتشكيك فيها والعبادات كالوضوء والصلاة والصوم وغيرها. لكن ليس هذا فقط مجال الوسواس فالآخرين أيضاً ممن هم بعيدين عن الالتزام الديني يصابون بأمراض وسوسة من قبيل الهواجس والخوف من المستقبل، استدعاء المشاكل الناجمة من التعلق بالماضي كحدث صادم يعيق الإنسان عن الانطلاق والتحرر، الخوف من الموت، المبالغة في النظافة»، مردفاً «لذلك هذه الأمور ترجع اليوم إلى نظام التفكير عند الإنسان، وطريقة نظرته للأمور، وعليه فإن أهم ما يجب أن يتوجه إليه المعنيون هو إنه كيف نستيطع أن ندير تفكيرنا، المسألة البالغة الأهمية هي الإنسان كيف يتحكم في إدارة تفكيره، فإذا استطاع السيطرة على نفسه ولم يجعل لغيره سلطاناً على عقله، حينئذٍ سيستطيع التحكم في مصيره».

وعن القصص المختلفة التي مرت عليه وساعد في علاجها، لفت الهاشمي إلى أن العلاج يتم على ثلاثة مستويات تراتبية، كلٌ حسب حالته. فبعض الحالات يمكن علاجها بشكل سطحي وبسيط وتنتهي المشكلة وأسمّيها بمرحلة (القشرة)، وآخرى تحتاج إلى غوص أكثر في المعاناة (وهذه مرحلة المحتوى)، والأشد تحتاج إلى استخراج كل ما في القاع للتوصل إلى السبب ومن ثم تعطي النتيجة وهي مرحلة (البذرة)، مؤكداً «حالات كثيرة مرت عليَّ كنت لا اقتنع بالأسباب الظاهرية التي يدّعيها أصحاب المشاكل النفسية، لذلك أصر على وجود حوادث أو مسببات أخرى، البعض يرفض في البداية، ثم لاحقاً يتصل أو يأتي ويقول فعلاً هناك أسباب أخرى ويبدأ بتفصيلها. الخبرة لها دور كبير في معرفة كيف تقرأ الحالة وكيف تصف الدواء الروحي».

تتحدث وكأن العلاج النفسي أمر ممكن ومتيسر. وإجمالاً كيف داوى الشرع هذه الحالات؟ سألت الهاشمي، فأجاب «أولاً نعم العلاج النفسي متيسر وممكن والكثير من الحالات التي مرت عليَّ تشافت بحمدالله وبعضها تشافى بعد جلسة علاج واحدة فقط».

وتابع «أما سؤالك عن الوصفة الشرعية للعلاج، فإن الشرع عالج الوسواس القهري علاجاً رقيقاً وراقياً وبسيطاً، أولاً أكد الحرمة المطلقة للوساوس واعتبرها من مفسدات العبادة، وثانياً أمر بتفويض الأمر إلى الله والاعتقاد بأن الأثر والتأثير إليه عزوجل، وفي كثير من الآيات القرآنية جاء البيان إن مصطلح الشيطان أصلاً ليس إلا الوسوسة، وهو ما يجعلنا نفهم إن الشيطان ليس له أي سلطة على الإنسان، قال تعالى: «إنما سلطانه على الذين يتولونه»، لذلك أؤكد بأن الشيطان صنيعة البشرية وهو الجانب المظلم من نفس الإنسان».

وأفاد «الفقهاء قدموا علاجاً لكثير الشك في الصلاة، وقالوا إنه بمجرد أن يشك المصلي 3 مرات متتالية فهو يعتبر كثير الشك ويصلي ولا شيء عليه». هنا استذكر الهاشمي قصة عالجها خلال جلسة واحدة، وقال: «يوماً ما جاءني زوج وزوجته التي تعاني من مشكلة الوسوسة في الوضوء، وقال الزوج إنها تشك في وضوئها وإنها دائماً تكرر الوضوء وتعيده أكثر من مرة. حينها توجهت إليها بالسؤال لماذا تفعلين ذلك؟ فأجابت أخاف أن تبطل صلاتي، فقلت وإن بطلت الصلاة ماذا سيحدث فقالت سأدخل النار، فواصلت السؤال وان دخلتي النار ماذا سيحدث؟ فصمتت وقال زوجها سيد نحن جئناك بشكل جاد لا هزلي، فأشرت بأني أيضاً لا أهزل وإنها إذا دخلت النار ماذا سيحدث، هي النار أصلاً «تقول هل من مزيد»، حينها فهمت الفكرة بإنني وجهتها إلى عدم اصطناع المخاوف البالغة التي توقعها في هذه الوساوس، وأن عليها أن تقطع تلك الأفكار التي يمكن أن تودي بها إلى هذا السبيل. في اليوم التالي اتصل زوجها وقال: «سيد زوجتي تعافت تماماً وعادت طبيعية». القرآن يصف الشيطان بأنه ضعيف لا قوي «إن كيد الشيطان كان ضعيفاً».

وعما إذا كانت بعض الحالات بحاجة إلى علاج نفسي في المستشفيات المتخصصة، أوضح الهاشمي «أنا شخصياً لا أنصح بالذهاب إلى مستشفى الطب النفسي، فمن جهة أغلب هذه الحالات هي خوف ووهم، ومن جهة أخرى وهي الأكثر أهمية فإن المستشفيات النفسية في البحرين غير مؤهلة، وغالباً ما توصف للمريض بعض الأقراص التي هي أسوأ ما يستخدم في العلاج النفسي».

وأكمل «من الحالات التي جاءتني امرأة وزوجها، الزوج قال إن زوجته تستيقظ من النوم وهي محمرة الجسم وكأنما تعرضت للضرب، فأجبته بأن هذه من الوساوس، فأكد بأنه رأى الآثار بأم عينه، فأخبرته إن الآثار حقيقية لا إشكال، لكن السبب هو الوسواس، لأن الأفكار تصنع الحقائق والواقع من حولها، فإذا كانت أفكارنا سلبية فبطبيعة الحال سيكون الواقع والآثار سلبية».

وعن دور التبليغ الديني في صناعة الوسواس القهري، أنحى الهاشمي باللائمة على «الطريقة الخاطئة في تعليم الأحكام الشرعية»، وقال: «أنا كثيراً ما أشير إليها في محاضراتي بأن بعض المتصدين يبلغون بطريقة متشددة تصنع مثل هذه الوساوس، وهذه حالات أنا عايشتها بنفسي وخاصة في الحج، حيث رأيت حالات وسوسة كان سببها «الإرشاد الديني الخاطئ والتشدد في مواقع لا ينبغي التشديد فيها، حتى لا تصنع جو الخوف والرهبة لدى الحاج».

العدد 4712 - السبت 01 أغسطس 2015م الموافق 16 شوال 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 11:21 م

      دخلو المعممين على الخط ...

      اذا دخل المعممين على الخط افسدو كل شئ ، فكلامهم لا يصدقه عاقل ، العلم يقول انه مرض ناتج اما عن وراثه في العائله او نقص هرمون ، اما المعممين الذين يعلمون الغيب فتفسيرهم عكس العلم و عكس البشر ، لا ادري لماذا يقدس الناس هؤلا ، رؤيتهم و النظر اليهم يصيبني بنرفزه و قشعريره تسري في كل بدني ..

    • زائر 3 زائر 1 | 5:06 ص

      أنت مريض نفسي

      إذن من المؤكد أنك مريض نفسي..أنصحك أن تحجز موعدا عند السيد نفسه ليعالجك ومن الأفضل أن لا تهمل نفسك وأن تستعجل في علاجها، وربما تكون من الحالات النادرة التي هي على وشك الإنقراض فمن الأفضل أن تسارع لتوثيق حالتك كحالة نفسية قبل أن تبادرك سكتة قلبية أو جلطة دماغية فتحولك إلى أثر بعد عين..

    • زائر 4 زائر 1 | 6:15 ص

      صاج.

      اختصرت كلامي

    • زائر 5 زائر 1 | 10:57 ص

      الوسواس الخناس

      اقول روح احجز موعد عند السيد لان الشيطان راكبنك ومسيطر عليك والوسواس ماكلنك لاتهمل نفسك لانك على وشك الانقراض هههههههه

اقرأ ايضاً