العدد 4713 - الأحد 02 أغسطس 2015م الموافق 17 شوال 1436هـ

الشرخ الطائفي بعمق الوطن العربي

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

من غرداية في العمق الجزائري غرباً حتى ضاحية الساية بالكويت شرقاً، يمتد الشرخ الطائفي في جسد الأمة العربية وعلى امتداد الوطن العربي من أقصاه إلى أقصاه لا يستثني بلداً ولا يوفر شعباً ويتجلى هذا الشرخ في حالات القتل على الهوية والمعارك بل الحروب الطائفية، والتهجير القسري، والعزل، وبالطبع فإن أخطرها ما تمارسه دولة «داعش» ليس فقط في حيزها السلطوي في سورية والعراق ولكن حيثما تواجدت كما في مصر واليمن وليبيا والجزيرة العربية وغيرها.

وهكذا انحدر وضع العرب من المشروع النهضوي التوحيدي الذي قادة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، إلى مشروع الدويلات الطائفية ونموذجها «داعش» ومن دعاة القومية العربية والوحدة ومناهضة الاستعمار وتحرير فلسطين، إلى دعاه التكفير والطائفية والمذهبية، فأي منحدر وصلنا إليه؟

كتب الكثير عن جذور هذا الفكر التكفيري وتجلياته ومخاطرة لكنني هنا سأتناول معالجة تلفيقية وشكلية يطرحها الكثيرون بالإصرار على وهم وهو أننا شعب واحد والوحدة الوطنية بخير ولكن هناك بعض المندسين أو عملاء الأجانب (أميركا، إسرائيل وغيرها) ممن يحاولون عبثاً المس بوحدتنا الوطنية، ولإحباط مخططاتهم الدنيئة، فإن المطلوب صلوات جماعية أو جمعة مشتركة تجمع السنة والشيعة، أو الإباضية والسنية، أو حتى المسلمين والمسيحيين، ويطرح البعض شهر رمضان كفرصة لا تعوض لمثل هذه اللقاءات كما يطرح البعض مقترحات مثل فعاليات مشتركة للشباب من أتباع مختلف المذاهب أو الأديان أو القوميات، أو فعاليات فنية مشتركة مثل الأغاني والمسرحيات والأفلام أو الحفلات.

لاشك في أن معظم من يطرح هذه المقترحات وهذه الفعاليات ينطلق من نية صافية ودوافع نبيلة، فيما البعض وخصوصاً المتورطين في تعميق الشرخ، يريدون إما التكفير عماّ اقترفوه أو التعمية على الأسباب العميقة، والمسئولية الكامنة وراء هذا الوضع الخطير يجب الاعتراف أولاً أن الشرخ عميق وقد فتت الشعب الواحد والأمة الواحدة إلى شراذم طائفية ودينية وقبلية ومناطقية وحزبية وغيرها... يجب الاعتراف أن المعالجات الآنية والشكلية وإن طيبت الخواطر لبرهة، فإنها لا يمكن أن تحل المشكلة من أساسها. أصحبنا نعرف جذر المشكلة في التحالف اللامقدس للغرب وإسرائيل والأنظمة الاستبدادية، والنخب الفاسدة السياسية والدينية والمجتمعية والإعلامية والفكرية. وإذا لم يكن لنا تأثير على الأطراف الثلاثة وهي الغرب وإسرائيل والأنظمة، فإن النخب الواعية السياسية والدينية والمجتمعية والإعلامية والفكرية تستطيع أن تعمل شيئاً. أول خطوة هي اعتراف مختلف الأطراف بمسئوليتها بحسب تدرج المسئولية وعدم التعميم، وعدم مساواة الضحية بالجلاد.لتكن عندنا الشجاعة بأننا مارسنا الكراهية والتمييز والتحريض ضد بعضنا بعضاً، وتواطأنا مع الأنظمة ومع العدو القومي ضد أبناء شعبنا وإخوتنا.عبر المصارحة قبل المصالحة وهو المطلوب الآن.

وفي كل بلد هناك تجليات لهذه الظاهرة، فإذا كان هناك من يصر في البحرين مثلاً أن من تجمعوا في دوار اللؤلؤة (تقاطع الفاروق) في 14 فبراير/ شباط 2011 هم خونة ومتآمرون وأن ما جرى بحقهم صحيح فلا فائدة من الصلوات الجماعية والمقترحات الأخرى وإذا كان من يعتبر في الجزائر أن الأمازيغ الإباضية هم دخلاء على الشعب الجزائري، فلا فائدة من دعوات الوحدة الوطنية.وقس على ذلك في مختلف البلدان العربية، العراق، سورية، لبنان، اليمن، مصر، السودان، ليبيا، تونس، الجزائر، المغرب، ونطرح جانباً الصومال الممزق.

جوهر الأزمة هو أن الهوية الوطنية والمواطنة المتساوية ليست هي المعيار لممارسة المسئولية والحصول على الحقوق، وأن الدولة العربية فاشلة في إدارة أمور الحكم وشئون الوطن بعدل ومساواة بين أبنائها.حتى تتم مواجهة النفس أولاً بشجاعة، وتحمل المسئولية، فإننا سنغوص أعمق وأعمق في أزمة لا سابق لها في تاريخنا الدامي وسيتعمق ويتوسع الشرخ، حتى يصبح الوطن العربي صومالاً من مشرقه إلى مغربه.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 4713 - الأحد 02 أغسطس 2015م الموافق 17 شوال 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 4:13 ص

      الشرخ الطائفي

      طالما أن الشرخ طائفي ، فلماذا لا توجه المهمة إلى العلماء لحلها؟ هم المشكلة و هم الحل

    • زائر 2 | 12:06 ص

      المسيحية والكنيسة وماتمثله من طوائف تسبب في إراقة الدماء حتى تم عزلها

      عن السياسة وهذا ماتعانيه الدول العربية والإسلامية أين ماتجد الأحزاب الدينية والمذهبية تجد الفتنة والطائفية الدول العربية التى لم تسمح بالإسلام السياسي تراها مستقرة المغرب وأغلب أغلب الخليج والاردن

اقرأ ايضاً