العدد 4747 - السبت 05 سبتمبر 2015م الموافق 21 ذي القعدة 1436هـ

مصداقية نشر المعلومة

يعقوب سيادي comments [at] alwasatnews.com

.كاتب بحريني

في الأحكام من لدن القضاء، وفي المعلومة من لدن الإعلام والصحافة، بجميع وسائلها المرئية والمسموعة والمقروءة، في كلها قيمة عدلية إنسانية، تضعها على خطٍ رفيع، ما بين الهمجية الأقرب للشر، وبين الإنسانية الأقرب للعدالة الإلهية، وفي كلها تأثير اجتماعي جمعي، يوجه المجتمع البشري، إما تأثراً إيجابياً بعدالة القضاء وبمصداقية الإعلام والصحافة، في بناء المجتمع الصالح، المتكامل بتنوع أفراده وانسجامهم، بناء على الشعور بالرضا، الناتج من تبين وتلمس المساواة، في الحقوق والواجبات بين الجميع، سواء في حالة الرفاهية، المتولدة من البحبوحة الاقتصادية، أو في حالة الضنك، المتولد من ضيقها، وإما تأثراً سلبياً بغياب تلك العدالة وتلك المصداقية.

فينتشر الشعور بالغبن والضيم لدى البعض، وينتشر الغرور بالتمييز لدى البعض الآخر، في سلسلة من التباغض المجتمعي، تتبدى في سعي العاقل والعادل، والمغبون والمُضام، لرفع المظلومية عن نفسه وأهله وغيره، ويقابلها سعي من المغرور للحفاظ على عطاياه وتمييزه، فيزيد من التبلي بالكذب المشين على نقيضه المغبون، وعلى مناهضته إياه في عدم حقوقية تمييزه، حتى لو كان يعدهم قبلاً، من أهله وجماعته، وبذا ينشق المجتمع الى أكثر من جماعة، من الناحية الحقوقية، وتغذي تلك الحالة الشِقاقية، حالات متعددة أكثر وأكثر من الشِقاقات، المخترعة من أجل التمييز وإبداء الرغبة في استلام العطايا، مقابل الاختلاف مع الآخرين، الى درجة معاداتهم مناطقياً وعقائدياً، لتصل الكراهية الى الدين والمذهب والملبس واللون، والقيل والقال.

وبمثل ما للقضاء العادل ومصداقية المعلومة، من دور إيجابي مهم في بث العدالة الجمعية، التي ترعى استقرار المجتمع وانتشار رضا الناس العام، فإن عكس ذلك، في قصور أو غياب تلك العدالة والمعلومة، فإنها تنشر عدم القبول لدى الناس، بما يُنمي شعور الضيم، ومنه تتولد النفسيات المتوثبة للانتقام، كلما سنحت لأي منها سانحة، ولا ملام على مظلومٍ أو مكذوب عليه، حين يأتي منه الغضب.

والعدالة القضائية ومصداقية المعلومة، تسري مسئولياتها كما حبات المسبحة أو العقد، ولابد لها أن تؤدي، مصداقية وعدالة واحدتها، إلى مصداقية وعدالة الأخرى، لكي تتحقق تلك الحالة من الرضا العام المنشودة، وتزدهر بدءاً من، مصداقية معلومات الإحالة الأمنية الى القضاء، لتكتمل بمنطوق القاضي بالحكم العادل جراءها، ثم لتتولى الأجهزة العدلية والأمنية الأخرى، مسئولية مصداقية وعدالة تنفيذ الأحكام.

وترعى كل ذلك مسئولية نشر المعلومة وشفافيتها، وتوفيرها ومصادرها بيسر للجميع، بما يعكس تطبيق القوانين، على قاعدة التيقن القضائي، من التهمة أو التهم، بالسماع للمتهم توصيف فعله، إن ورد في أوراق الإحالة الأمنية، اعترافات للمتهم، لمضاهاة القاضي بين تلك المكتوبة، وما يرويها المتهم بمنطوقه، وعدم اكتفاء القاضي بقراءة الإعترافات المكتوبة، وبعدها يسأل المتهم إن كان يقر بهذه الاعترافات، بالقول نعم أو لا، وتيقن القاضي من كون المتهم لم يتعرض «للتعذيب المادي أو المعنوي، أو للإغراء أو للمعاملة الحاطة بالكرامة... (إذ) يبطل كل قول أو اعتراف يثبت صدوره تحت وطأة التعذيب أو بالإغراء، أو لتلك المعاملة أو التهديد بأي منها» المادة 19 البند (د) من الدستور.

وهنا تتواكب أهمية نشر المعلومة الصادقة، المسنودة الموثقة بالدليل المسند، أو بشهادة اثنين من حاضري الموقف، من دون شهادة أخرى مبطلة، التي تقوم بنشرها وسائل النشر المرئية أو المسموعة أو المقروءة، سواء المؤسسية أو الفردية، بعد الحكم القضائي النهائي، بما يفيد الحدث وتفاصيله، أما تناول موضوعات الاتهام للنيل من المتهمين في أشخاصهم وأهليهم، ففيه شيء من مؤدى التشفي، في المتهم لاختلاف في الرأي، استناداً إلى إظهار الغرور غير العدلي، تجاه المتهمين، ما لم تقدم على محاسبة هؤلاء، بتهمة القذف والمعاملة الحاطة بالكرامة.

إلا أن الحال في مجتمعنا مختلة، فعلى قدر التخصص والمكانة العدلية الموثوقة التي يمنحها المجتمع لسلك القضاء، ويوكل لمتابعته ومحاسبة أفراده، فئة قضائية في ذات جهازه، متعددة المستويات القرارية، بتعدد درجات المحاكم، فالمحكمة الأعلى تُبطل بقرارها أو تؤكد بالمراجعة، حكم المحكمة الأدنى درجة، بقدر ذلك، تجد أن عمليات تداول المعلومات، في تجاوزها بالنشر للحقوق الواجب حفظ سريتها، لعدم الحكم النهائي فيها، أو عبر نشر ما لم يتوثق حدوثه، لدى الجهات المختصة بالتوثيق بعد، بتفاصيل توردها الصحافة والإعلام، من مثل نشر اعترافات المتهمين وأشخاصهم.

إقرأ أيضا لـ "يعقوب سيادي"

العدد 4747 - السبت 05 سبتمبر 2015م الموافق 21 ذي القعدة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 7:02 ص

      أم البنات

      شكرا لقلمك المخلص وشكرا لوطنيتك وشكر لا حدود له ( لا للطائفية والأحقاد ) لمجرد إختلاف الآراء ، حسبنا الله ونعم الوكيل

    • زائر 1 | 12:06 ص

      شكرا أستاذ يعقوب

      الشيخ حسن عيسى مغيب عن أسرته ومحاميه منذ إعتقاله إنه صلب الإيمان والإرادة وتأخير إتصاله مع أسرته ومحاميه الهدف منه توقيعه على تهم لاله علاقة بها كتفجير سترة فالشيخ كان نائب في البرلمان ورجل سلم ورغم منعه من النوم لفترات طويلة ومايقاسيه من ويلات في التحقيق لكن رجل صلب وإيمان وإرادة وأخيرا شكرا سيادي ودمت بحفظ الله.

اقرأ ايضاً