العدد 4789 - السبت 17 أكتوبر 2015م الموافق 03 محرم 1437هـ

المستشارة ميركل أهي امرأة طيبة أم شريرة؟

هاني الريس comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي بحريني

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، تتزعم أقوى اقتصاد في أوروبا، وهي ليست مضطرة للقلق على الأوضاع الاقتصادية، التي تعيشها البلاد في الوقت الراهن، حتى بعد موجة الهجرة الواسعة، التي عصفت بألمانيا خلال الفترة الأخيرة. كما أنها لم تعد تعير أية اهتمامات بالغة نحو الانتقادات والاعتراضات الوطنية والأوروبية، التي تنتقد سياساتها بخصوص الهجرة، لأنها أصبحت واثقة من أن كل سياساتها الواعية والمدركة تماماً حول كافة القضايا الوطنية الملحة، ستجلب إلى المانيا المزيد من فرص الازدهار والتقدم.

ومع ذلك، فإن كثرة المشاكل، التي تواجه ألمانيا في ظل أزمة المهاجرين واللاجئين، ومدى المحاولات الكثيفة من جانب القوى المتشددة والمتطرفة في المانيا، للضغط على الحكومة الفيدرالية الألمانية، بشأن مراجعة حساباتها في قضايا الهجرة، تظل تؤرق نشاط هذه المرأة الطيبة، التي أعطت الأولوية في توجهاتها للحسابات الإنسانية البحتة، إلى جانب الدفاع عن المصالح الوطنية العليا للفيدرالية الألمانية.

خلال الفترة الأخيرة، وبعد أزمة اللاجئين في أوروبا، التي تحملت ألمانيا كثرة أعبائها الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية، تعرضت المستشارة ميركل، إلى الكثير من الاعتراضات والانتقادات والاتهامات الصارمة، التي بلغ بعضها حد القسوة، على السياسة الإنسانية العامة، التي اتبعتها تجاه الهجرة، وبخاصة من جانب القوى المتشددة والمتطرفة المناهضة للاتحاد الأوروبي والمتخوفة من «أسلمة ألمانيا أو اغترابها الثقافي» وآخرها ما أعلن عنه حزب البديل من أجل ألمانيا، من أنه بصدد إقامة شكوى للمحاكم الألمانية ضد المستشارة ميركل، لقيامها بـ «الاتجار بالبشر» واستخدام نفوذها لمخالفة القانون في ألمانيا، حيث قال المتحدث باسم الحزب كريستيان لوث، أن «ميركل انتهكت بقرارها فتح الحدود نص المادة 96 من «قانون العقوبات» الألماني، والتي تنص على عقوبة السجن لمدة 5 سنوات أو دفع غرامة مالية».

ولم يقتصر الأمر على هذه القوى وحدها فقط، إذ إن عدداً من كبار القادة السياسيين داخل معسكرها المحافظ، أبدوا امتعاضهم من قرارات ميركل، التي تسببت بإغراق ألمانيا بالمهاجرين الهاربين من الحرب والفقر، حيث أدلى رئيس حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي الحاكم في بافاريا والحليف الأساسي لحزب ميركل، هورست سيهوفر، بتصريح ناري، وصف فيه ألمانيا بأنها «دولة استسلمت» أمام المهاجرين واللاجئين، وهدد برفع دعوى ضد الحكومة الاتحادية في المحكمة الدستورية العليا، بتهمة إعاقة العمل في مناطق إقليمية ألمانية تواجه فائضاً من المهاجرين واللاجئين.

وفي موضع آخر، أشارت غالبية استطلاعات الرأي، التي أجرتها مراكز قياسات الرأي في عموم ألمانيا، بأن شعبية المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، قد تراجعت تدريجياً منذ أزمة اللاجئين، حيث أن نسبة التأييد الشعبي لحزبها، قد تراجعت لرقم قياسي منذ انتخابات العام 2013، في وقت ارتفعت فيه نسبة المنتقدين لمواقف حزب ميركل، بالنسبة «لتعامله المتهاون» مع أزمة اللاجئين، لتصل إلى قرابة 48 في المئة.

و أظهرت آخر الاستطلاعات، أن «شخص» من بين «اثنين» تقريباً في ألمانيا، يرى بأن قرارات ميركل، التي اتخذت نحو فتح الحدود على مصراعيها، أمام اللاجئين الهاربين من الحرب، كانت قرارات خاطئة، فيما يدعم 39 في المئة موقفها المبدئي من اللاجئين.

ومع ذلك، لايجب ظلم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، كثيراً ووصفها بأوصاف وشعارات جارحة، لاتليق بمستوى مقامات زعيمة دولة اقتصادية وصناعية جبارة، تسعى لمواصلة الجهد والعمل في طريق التقدم، ومساعدة المجتمع الدولي على بناء السلام والديمقراطية ومنع الحروب ومكافحة الفقر. إذ يجب أن نرى الجانب الآخر من سياساتها الإنسانية المتعاطفة جداً مع قضايا حقوق الإنسان، ودعم مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية في ألمانيا، حيث تحقق في عهدها الكثير من الإنجازات الوطنية المذهلة، ولاسيما على صعيد المستوى الاقتصادي، بجانب السعي الحثيث والمتواصل لتكريس وتعزيز الروابط الأخوية والودية بين ألمانيا والغرب وعلى مستوى العالم برمته، غير أن المناهضين لتلك السياسات، لم يتقبلوا الأفكار والتوجهات الإيجابية الجديدة، التي تقول بأن المانيا يجب أن تكون نموذجاً للسلام والتسامح والمسئولية، وليس بما كانت تتصف به الإمبراطورية الألمانية، بعد «بسمارك» ومن بعده حقبة «النازية الهتلرية» التي سيطرت عليها فكرة القومية الألمانية، ونزعة الدفاع عن المصالح الوطنية العليا بخوض الحروب وفرض السيطرة والهيمنة.

كذلك فإن النجاح الكبير، الذي حققته المستشارة ميركل، بخصوص أزمة الهجرة الأخيرة في أوروبا، رفع من شأن ألمانيا، التي أصبحت «مضرب مثل» ليس فقط على مستوى المراكز الحقوقية الألمانية، بل أيضاً المؤسسات والمنظمات الإنسانية والخيرية العالمية.

والواقع أن المستشارة أنجيلا ميركل، ترى نفسها دائماً أنها في خدمة الفيدرالية الألمانية وشعب ألمانيا برمته، وتشعر بأن عليها أن تقوم بدور إنساني وعاطفي شديد المصداقية والواقعية، تجاه الذين يعانون من الاضطهاد والاستبداد، وجحيم الحروب والفقر والفقر المدقع، الذي سيظل يقلق المجتمع الدولي ويقض مضاجعه.

إقرأ أيضا لـ "هاني الريس"

العدد 4789 - السبت 17 أكتوبر 2015م الموافق 03 محرم 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 2:06 م

      اطلب مسامحة

      مسامحة ضننت ان هذا موقع لتفسير الاحلام وشكرا

    • زائر 4 | 2:00 م

      خولة لطفي 10 سنوات تلميذة متوسطة في الدراسة

      حلمت انني اركب دراجة سوداء مع اختي وكدت ان اسقط ولاكن ساعدني فتى

    • زائر 3 | 7:35 ص

      اسمي خولة عمري 10 سنوات تلميذة

      حلمت انني اذهب الى امراة تلعب معي وكل شيئ وعندما اخرج للعودة الى منزلي تلاحقني امراة شريرة ولاكن افلت من قبضتها

    • زائر 1 | 4:06 ص

      امراة طيبة

      جقيقة ان السيدة ميركل هي من اصحاب القلوب الطيبة والحنونة ولذا فان الالمان يلقبونها بألام الحنون ولاشكل انها قدمت خدمات جليلة لبلدها وشعبها واوربا على عكس حكام اخرين مفسدين وهي فعلا تستحق كل تقدير وكل احترام ..

اقرأ ايضاً